ما تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على عاداتنا في الأكل؟
عمّان – تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في جعل المستخدم يقلّد لا شعوريا ما يراه جذابا، وقد تدلّه على طرق جديدة في أسلوب الحياة، فيشعر بالرضا عند التقليد أو انتقاء ما يتناوله.
كما أنها “تلعب دورا خطيرا في تشكيل مفاهيم الأكل والشكل الخارجي للإنسان”، وفق الطبيب النفسي الدكتور مازن مقابلة، الذي يرى أن ذلك يتم وفق معايير غير منطقية تؤثر سلبا على الإنسان.
ويوضح مقابلة أن مظاهر هذا التأثير السلبي تتلخص في ما يلي:
1- تعرّض الإنسان للمحتوى البصري الخاص بالأكل غير الصحّي بشكل أكبر بكثير من الأكل الصحي: مما يعمل على برمجة اللاوعي لديه وقلب المعايير في الاختيار، بل يُفقده السيطرة على عادات الأكل.
فالأكل غير الصحي يحتوي على كميات كبيرة من الكربوهيدرات والنشويات التي تُولّد شعور النشوة والمتعة عند تناولها بسبب زيادة الدوبامين في نظام التحفيز، ويدخله في سلوك إدماني على الأكل أو حتى على مشاهدته بشكل مبالغ يصعب إيقافه أو تعديله من دون اللجوء إلى طبيب أو متخصص نفسي في معظم الحالات.
2- تعرّض الإنسان للمحتوى البصري الخاص باللياقة البدنية والصورة المثالية للأجسام: والتي تكون عادةً ذات معايير صارمة يصعب تحقيقها، مما يولّد مجموعة من المشاعر السلبية كالإحباط والغضب من عدم قدرته على تحقيق هذه المعايير، أو الحزن بسبب انخفاض تقديره لشكله الخارجي، أو الندم على اتباع عادات الأكل الطبيعية.
جميع هذه المشاعر السلبية لها دور مهم في إصابته باضطرابات الأكل، أشهرها فقدان الشهية العصبي والشَّرَه العصبي واضطراب نَهَم الطعام، والتي تحتاج قطعا إلى علاج من الطبيب أو المتخصص النفسي.
إعلانات الطعام غير الصحي
ترى المتخصصة في التغذية العلاجية حنين السالم أن التعرّض لإعلانات الوجبات الجاهزة بشكل متكرّر على وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بشكل مباشر بزيادة استهلاكها، مما يؤدي إلى ارتفاع مؤشر كتلة الجسم واحتمال الإصابة بالسمنة والأمراض المرتبطة بها.
وأثبتت دراسات عدة أن الأطفال هم الأكثر تأثرا بإعلانات الطعام غير الصحي، لأنهم أقل قدرة على التحكّم بأنفسهم ورغباتهم في الوجبات السريعة. فهذه الإعلانات تستطيع بكل سهولة جذب انتباههم وتشجيعهم على الشراء وطلب تلك الأطعمة الغنيّة بالدهون والسكر أكثر من غيرها.
“لذلك يجب تشجيع الأطفال على تناول الأطعمة الصحية وتوعيتهم بأنه ليس كل ما يشاهدونه في الإعلانات مفيد”، وفق قول حنين السالم.
وتشير إلى أن دراسة تفيد بأن التعرّض لصور الطعام الصحي على مواقع التواصل، وأيضا صور الأطعمة التي يتم دعمها بشدة مع الإعجابات، قد تحفز الناس على اختيار تناول المزيد من الأطعمة الصحية، وعليه فإن ما يشاركه الآخرون على هذه المواقع يمكن أن يؤثر على سلوكنا وعاداتنا الغذائية سلبا أو إيجابا.
المراهقون ضحايا وسائل التواصل
وتتفق السالم مع مقابلة على أن زيادة استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي يجعلهم في حالة دائمة من مقارنة أنفسهم في المظهر والجسم المثالي بالنجوم والمؤثرين على هذه الوسائل، فضلاً عن تعزيز صورة نمطية عن الجسم المثالي لا تكون واقعية.
وتقول إن ذلك قد يدفعهم إلى اللجوء إلى حميات غذائية قاسية وغير صحية لخسارة الوزن بسرعة، فيتحول الأمر إلى هوس بالوزن وعدد السعرات الحرارية، مما يولّد لديهم اضطرابات في العادات الغذائية، ظنا منهم أنه يمكنهم الوصول إلى “الجسم المثالي” بهذه العادات الخاطئة!
الحصول على معلومة صحية
وعن الطريقة السليمة للحصول على معلومة صحيحة في التغذية أو الأنظمة الغذائية، تشدّد حنين السالم على ضرورة أخذ النقاط التالية في الاعتبار:
- تأكد من الحصول على معلوماتك من مصادر موثوقة، بل يجب الحصول على نصائح التغذية الخاصة بك من متخصص في التغذية.
- تجنب الأنظمة الغذائية التي تدَّعي أنها تساعدك في فقدان كميات كبيرة من الوزن بسرعة. فقد تبين في كثير من الأحيان أن إنقاص الوزن عن طريق الأنظمة الغذائية القاسية أو المكمّلات الغذائية له آثار ضارة بالصحة.
- المتخصص في التغذية هو المسؤول عن تخطيط الحمية الغذائية الصحية المناسبة لك، ويجب إدراك أنه لا يوجد نظام غذائي واحد ينطبق على الجميع، إذ تختلف الحاجات اليومية من العناصر الغذائية من شخص إلى آخر بسبب اختلاف معايير الطول والعمر والوزن والنشاط البدني، فضلا عن العوامل الصحية والاجتماعية والنفسية.