مقالات

عبدالسلام محمد خير يكتب : إلهامات العودة للوطن..(كتاب كابلي)

إلهامات العودة للوطن..(كتاب كابلي)
كل شىء مرتب كحياته،والحمد لله بدء وختما..وصل فى الموعد واستقر حيث أوصي، وسط حضور حميم قوامه جموع ممن ألفهم وألفوه على طريقته فى حب الناس أجمعين..بين المطار والمسجد ومقره الأخير بحي الصبابي بالخرطوم بحري قيل الكثير فى حقه،أبلغه يتوشح ببشائر(المولد) تلوح أسراره والإمام على منبر الجمعة المباركة يلح فى الدعاء مستبشرا بمآل أهل العلم والعمل الصالح و(إبن يدعو له)-الحديث،هاتفا و(كلنا أبناؤه)فتحسسنا ما أدركنا من أثره الفياض الباقي بين الناس تكشفه ملامحهم الذاكرة المفعمة بالدعاء..دعاء يلح يعزز(اليقين) بمشيئة الخالق،وينداح جهيرا خارج المسجد تهليلا وتكبيرا طوال الطريق لخاتمة مطاف راودت(كابلي)وبها أوصى،عليه رحمة الله.
تتشابك الأصوات،كأنها نداء فى الناس ليطيبوا خاطرا،الوطن أولي بأبنائه..الوقفة مهيبة والنهار ينتصف شاهرا حضوره القدري(الجمعة 23 سبتمبر 2022)..الكاميرات تتزاحم ارضا وجوا لتوثق..الكل يريد ان يتكلم للذكرى والتاريخ، مما إستدعي التنويه بأن للمناسبة منصات أخري..سيقال ويكتب الكثير عن(عبدالكريم الكابلي) إنسانا ومثقفا ومبدعا بلا حدود..الكابلي يمضي،يتسرب كالضوء من بين وجدان قومه المفعم بإبداعاته الخالدة لتحتضنه ذرات أرض بلاده ولسان حالها أنها الأولى به..لكأنه يسمع فيستدرك ويطمئن،إنه قادم،كتابا يلهمهم نوازع الخير في الناس،كما ظل يردد(يا أيادي الخير يا أغلى الأماني).
دلائل كتاب الكابلي ماثلة،على الشفاة وطي الصدور،فالحضور طابعه ثقافي إعلامي صحفي إبداعي غلاب..هناك موثقون ومؤرخون وكاتبو سيرة يجمعهم حب الكابلي،مثقفا راويا شاعرا وعارفا بمناقب أهل البلد وبطولاتهم ونوازعهم الروحية الأخاذة- تلك التى أطلت بشائرها فى هذه الأثناء وقد تجلت معاني(مولد المصطفى)بصوته الأنيق ذاك:(أيكون الخير فى الشر إنطوى)؟!- دعوة لليقين وتذكرة بمولد من هو(يتيما كان)عمر الدنيا وبشر بعاقبة التوكل:
(رب فى موطني المسلم قد عدنا إليك
فما إعتمدنا ربنا.. إلا عليكا..
وذكرنا الهادي المختار ذكرى
ملأت أرواحنا طهرا وصبرا).
المجذوب والكابلي فى(أوبوريت المولد).
سنرددها هذه المرة أكثر ونفهم السيرة أفضل لنقتدى دوما بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم..تسجيلات وفيرة بمكتبة الإذاعة ومكتبة التلفزيون ستطالع الأفئدة والعقول كأنها تبث لأول مرة..كان سخيا، ضيفا على البرامج ومقدما لها..كان حضوره طاغيا وعن تواضع،عارف بأصول الثقافة والتراث والمعرفة وفنون الشعب وذوقه..تذكر له(آسيا وأفريقيا)الوثيقة التى أججت شئون وشجون ومفاخر سنوات التحرر الوطني..تسجيلات سخية متجددة تتعهد بأن تثري وجدان الأجيال بحب الوطن ومآثر الثقافة وعمل الخير.
وداعه يوحي بالقادم،كتاب جامع، منصة فضائية جاذبة..كابلي باق بين الناس بما يثرى نفوسهم من كل قول حسن، أكرمه الله وأحسن إليه..أكثر شى إلهاما أن فى الأمر(وصية) تحققت كما إشتهى صاحبها..وصية أب لإبنه..وصية مفعمة بوفاء أسرة شهيرة محط أنظار راعت مكانة إبنها بين الناس برغم المسافات والعقبات..وصية أوحت بفتوي على المنبر تعيد العابدين لأصول دينهم الحنيف جامع الافئدة على رضوان الله وتوفيقه..أي شىء هو(اليقين).
تشييع فيه رسائل..سيطالع الناس الكثير مما ألفناها فى كابلي مبدعا وإنسانا يتدافع الناس لوداعه هكذا، كل بدوافعه..من دوافعى لأدرك زحام(الشاهدين له)باذن الله إنه كان جاري يوما،عليه رحمة الله..خلف الزحام يغالبون الذكريات..إنتقلت الذكريات معنا إلى السيارة،دكتور أنس العاقب والمخرج عصام الصائغ وآخرون،فلحكاوى المشاهير مذاقها،إنها سهرة فى(فرائد)كابلي..إنفرد كابلي كأنموذج لمن يجيدون التحدث عن غيرهم..تذكرت أنه يوما(أمضى الليل يحدثنا عن الشيخ عوض الله صالح من واقع مجتمع مروي المثقف الذى جمعهما كما جمعت بينهما القضائية ومبادىء العدل ومحاكمها التى ربما علمت الكابلي كيف يزن العود والكلام)- ورد هذا بعنوان(الشيخ عوض الله صالح في بيت كابلي) بكتابي(تأملات فى الناس والحياة)- 2006  توثيقا لإحتفالية أقامها كابلي بمناسبة إختيار الأستاذ حسن فضل المولي ملحقا إعلاميا بالقاهرة..و(حسن)هذا من كتب مؤخرا توثيقا بديعا لسيرة الكابلي فى مقال رائع تناقلته الوسائط ووصله بمقره والأسرة بأمريكا عبر صوت عمر الجزلي.
الأسرة ماثلة فى إبنه عبدالعزيز يتقدم يشكر الناس ويعدد أفضال من وقفوا معهم وفاء لعهد قطعوه بأن ينفذوا(الوصية)..أسرة عرفنا مناقبها عن قرب،نجوم مجتمع،عمر وإخوانه،الطبيب العلم بروفسور عثمان الجندي وقد إنشغل بمرافقة من إحتاجوا للمؤاذرة لدى إنفعالات الإستقبال والتشييع،برغم أنها جرت،والحمد لله،قرين الوقار الذى عرف به كابلي،دليله التوكل على الله فى كل أمر(ما إعتمدنا ربنا إلا عليكا)..بهرني حسن الترتيب،من أمريكا للصبابي فى الموعد، فهاتفت دكتور عمر الجزلي،خال أبناء كابلي،لأحييه وهو يراقب الموقف من القاهرة ويهيىء الأسباب بصلاته الواسعة..التحية لأسرة جديرة بالتقدير،قدمت مبدعا إستثنائيا وضربت مثلا  لمواجهة الشدائد بما يشبه ثبات الكابلي ويقينه الراسخ بمآلات الدنيا وعمل الخير الذى كان ديدنه- تقبل الله منه،وأبقاه بين الناس نهجا فى العطاء عن سكينة،وكتابا مفتوحا على مر الزمن،مقرونا بما دعا به لنفسه:
(صل يا رب على المدثر..
وتجاوز عن ذنوبي وأغفر
وأعني بمثاب أكبر..).
اللهم آمين.. و(إنا لله وإنا اليه راجعون).
عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى