د عبدالكريم محي الدين يكتب : المتاجرة بالإسلاميين
المتاجرة بالإسلاميين
د عبدالكريم محي الدين
التجارة بالمواقف السياسية أصبحت هي صاحبة الكسب الأكبر و التكلفة القليلة اذ اضحى السياسيون يتصيدون وارد سوقهم دون مراعاة لقواعد الدخول و زيادة الأصول و دون مراعاة لنوعية البضاعة و حل العائد او حرمته …
تاجر السياسيون في بلادنا بدماء الشهداء فأقاموا لها تشييعا غبيا يزكي المزيد من إراقتها و يفتل المزيد من اسبابها فأشعلوا الصيوانات بنفس الكراهية وأزعجوا الموتى بهتاف الحقد و نسوا ان الموت نفسه محطة كبرى من محطات الوعظ و تقويم السلوك فما اقتصوا لشهيد و لم يحييوا فضائل الأموات …
و تاجر السياسيون بقضايا المعيشة و حقوق العمال و المستضعفين و المهمشين و ليتهم لم يعدوا و لم يلتزموا و ليتهم لم يستدروا عواطف هؤلاء الغلابا بآمال خلب ووعود سراب فضاقت الحياة على ضيقها و قست المعيشة على قساوتها و أهين العامل فوق أهانته بل تشرد العمال و فصلوا تعسفيا و ضاعت حقوقهم في الوظائف و عوائدها …
تاجر السياسيون بالديمقراطية و الحكم المدني وهم يمارسون الديكتاتورية في بيوتهم و في أحزابهم بأبشع صورها و يخرج التسلط من ألسنتهم كاللهب و يفيض من ممارستهم كمياه الصرف الصحي وهم لا يستحيون بل في غبائهم يعمهون …
تاجروا بالحريات و بقضايا المرأة وبالتعليم و الصحة تاجروا حتى بأطفال المايقوما و اطفال الشوارع و بالمرضى و الجرحى فلم يزيدوا ذلك الا ألما و تأزيماً و أغرب تجارة قاموا بها هي التجارة بالإسلاميين ( الكيزان ) …
صحيح التجارة بالكيزان أكسبتهم دعم الغرب و العرب في مرحلتها الأولى لانها توافق المخطط المرسوم للسودان و السودانيين و لكنها سلبتهم ماء الوجه و سلبتهم قيمة الإنسان و قيمة الأوطان فضحك عليهم المشتري و راح يبحث عن تاجر ذي قيم و أصول ليبيعه بضاعة حقيقية …
و سوق التجارة بالكيزان ليس له رواج دائم إذ أنها تجارة مرحلية ذات ظرف محدود وهو اشبه بسوق ( الحر ) سرعان ما يترك ( رواكيبه ) و يترك الباعة و المتجولين يعلوهم الصياح و يكسوهم الكساد …
مساكين هؤلاء التجار وهم اشبه بالذي يبيع الماء في حارة السقا لم يعوا حتى الان بان المشترى اذكى من البائع و هو اعلم بنوعية البضاعة المشتراه و يعلم كيف و متى و أين يبيعها …
لن تقف القضية الفلسطينية على الدوام عائقة بين الغرب و الإسلاميين و لن يتجمد الفقه الاسلامي أمام الوصول الى تسوية بين الغرب و الإسلاميين و لن تدوم العلاقات الدولية على حالها الماثل بل هنالك محاور دولية تتشكل من جديد للإسلاميين القدح المعلى في تشكلها …
فالغرب لا يعرف الأخلاق في تجارته و لا يستديم الصديق في تجارته فهو اول من سن سنة تصفية العملاء و الجواسيس وهو اول من انقلب على الذين حاربوا معه ضد السوفيت في أفغانستان وهو ايضا اول من باع أصدقاءه في تلك البلاد …
بع ما شئت بيعه و لكن احذر من بيع القيم فإنك لن تجدها بع ما شئت بيعه و لكن احذر بيع الأخ و القريب لانك سوف تجدهم في كفة الدائن بع ما شئت بيعه و لكنك تأكد و تيقن تماما أن الميزان التجاري له معادلة واحدة فقط تتكون من الأصول و الخصوم …