(زيادة الدولار الجمركي) .. هل تزيد الإيرادات الحكومية.. أم معاناة المواطنين…؟
(زيادة الدولار الجمركي) .. هل تزيد الإيرادات الحكومية.. أم معاناة المواطنين…؟
تقرير: العهد اونلاين
انعكس تطبيق زيادة جديدة في سعر الدولار الجمركي ليبلغ (564) جنيه، سلباً على قطاعات الإنتاج واسعار السلع والخدمات بتوقف العديد من المصانع عن الإنتاج واحجام المستوردين عن الاستيراد وسداد الرسوم الجمركية والحكومية واحجام التجار عن البيع والشراء، وتفاقم الغلاء وزيادة الأعباء على المواطنين نتيجة لزيادة أسعار السلع والخدمات، بينما تأمل الحكومة في زيادة الإيرادات الحكومية بتطبيق زيادة الدولار الجمركي.
وبرز ثمة سؤال .. هل زيادة الدولار الجمركي ستزيد الإيرادات الحكومية .. أم تزيد معاناة المواطنين وحياة الناس…؟، بينما دعت الغرف القومية للمستوردين في بيان لها ، كافة منسوبيها إلي وقف الاستيراد وعدم سداد الرسوم الجمركية والضريبية ، وأي رسوم حكومية أخري لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من اليوم الأحد المقبل، علي أن يتم التواصل مع الجهات التى أصدرت هذه القرارات الأحادية والمهددة لقطاع المستوردين، والقطاع الخاص والاقتصاد الوطني، علي أن يتم عقد مؤتمر صحفي لتوضيح الحقائق وما دار خلال هذه الأيام الثلاثة، فيما دعت لجنة تسيير اتحاد الغرف الصناعية، جميع اصحاب المصانع والصناعيين عامة لاجتماع طارئ يوم الاحد الساعة الواحدة ظهرا لمناقشة الاثآر المترتبة على القرارت الاخيرة المتعلقة برفع قيمة الدولار الجمركى والزيادات المتوالية التى تفرضها الجهات الحكومية المختلفة دون المشاورة، من أجل اتخاذ موقف موحد من هذه القرارات.
وطالب الامين العام للجنة تسيير اتحاد الغرف الصناعية عبدالرحمن عباس، جميع القواعد الصناعية بعدم الإنتاج والتوقف عن البيع مباشرة إلى أن ينجلي الأمر في قضية زيادة الدولار الجمركي.
لكن وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي نفت إصدارها لقرار بزيادة الدولار الجمركي، وأكدت وزارة المالية في بيان لها، أن سعر الدولار لدي الجمارك يتم تحديده حسب التغير في سعر الصرف وفقا لسياسات بنك السودان المركزي والتى قضت بتحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأخري.
تطبيق سياسات صندوق النقد الدولي
ويري خبراء اقتصاديون ، ان قرار زيادة الدولار الجمركي يؤكد استمرار الحكومة في تطبيق سياسات صندوق النقد الدولي القاسية علي المواطنين دون مراعاة لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية وزيادتها للمعاناة علي المواطنين وزيادة اسعار السلع والخدمات والتضخم والفقر والجريمة، بجانب إرتفاع أسعار السلع بشكل يؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب السوداني.
وتوقع الخبراء أن يؤدي قرار زيادة الدولار الجمركي، إلى زيادة عمليات التهريب الجمركي، والأحجام عن الاستيراد نوعاً ما ، مما يؤثر سلباً على إيرادات الدولة ، ويؤدي إلى إختلالات في تدفق المواد الغذائية وانخفاض الجنيه السودانى.
قرار خاطئ
ووصف دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي، زيادة الدولار الجمركي، بالفرار الخاطئ ، ويؤكد بأن الحكومة السودانية مازالت تطبق وصفة صندوق النقد الدولي دون دعم معه ورغم تعليق المساعدات الدولية إلي السودان.
وتسأل دكتور الناير، عن السبب الذي يجعل الحكومة السودانية تزيد المحروقات قبل اسبوع وتربك المشهد الاقتصادي، وتزيد الآن الدولار الجمركي لتفاقم معاناة المواطنين، وتوقف نشاط القطاع الخاص والاستيراد وتعطل قطاعات الإنتاج وسلاسل إمدادات السلع.
تراجع الإيرادات الحكومية
واضاف دكتور الناير: إذا الحكومة تريد من زيادة الدولار الجمركي تحقيق زيادة سهلة في الإيرادات الحكومية وتغطية العجز في الموازنة فإن ذلك لن يتحقق لأن الاستيراد ستوقف وبالتالي ستتراجع الرسوم الجمركية، كما سيتوقف الإنتاج، وستزيد الاسعار والتضخم والركود بالأسواق.
وتوقع دكتور الناير، أن يسهم قرار زيادة الدولار الجمركي في زيادة معدلات التضخم والفقر ، بجانب زيادة معاناة المواطنين والغلاء.
معالجات عجز الموازنة
وفي السياق يري دكتور فتح الرحمن علي محمد صالح الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن اي معالجات لعجز الموازنة لا تعتمد على زيادة الحصيلة الضريبية المباشرة دون رفع فئات الضرائب تؤدي لتشويه في كثير من مؤشرات الاقتصاد، دائما الحلول الاقتصادية السهلة تاتي بنتائج إيجابية كلية علي المدي القصير يتبعها أذي اقتصادي كبير علي مستوي الأجل الطويل.
سياسات حمدوك وطاقمه الاقتصادي
وفي السياق ذاته يقول المهندس عادل خلف الله الناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي وعضو اللجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير، أن زيادة قيمة الدولار الجمركى الى (564) جنيه ، باكثر من 25٪ ، يؤكد ما سبق وأشرنا اليه، بان تطبيق سياسة تحرير سعر الصرف، دون سيطرة الدولة على الايرادات ودون بناء احتياطي كاف من النقد الاجنبى والذهب، لن يحقق لا استقرار ولا توحيد سعر الصرف كهدف معلن من لدن انصار هذا التوجه الذى رعاه عبدالله حمدوك وطاقمه الاقتصادى ومستشاريه، وسيتحول السوق الموازي والمضاربين فى النقد الاجنبى الى مرجعية لتحديد سعر الصرف ومعادل لاحدى مهام البنك المركزى .
لهث وراء سراب
واضاف خلف الله : قيمة الزيادة في الدولار الجمركي التى أعلن عنها أمس تأكيد علي الهث وراء سراب سعر السوق الموازي
ومضى الي القول : اللافت للنظر أن د. ابراهيم البدوى اعترض على توصية اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير، الخاصة بترشيد الواردات ، بزعم ان 90٪ مداخلات انتاج والتى أكدت علي ورش ومقررات المؤتمر الاقتصادى القومى.
مخطط لإنهاء الدعم
ونوه خلف الله الي أن تطبيق هذه الزيادة في الدولار الجمركي وهى جزء من المخطط التنفيذى لإنهاء الدعم وتحرير سعر الصرف الذى وضعه د.البدوى، ندرك مخاطر هذه السياسات على الاقتصاد الكلى، وعلى القطاع الإنتاجى بشقيه الزراعى والصناعى، وعلى ميزان المدفوعات بالزيادة المتصاعدة فى عجزه جراء تراجع الصادرات، ومن أبرز مؤشرات ذلك ردود أفعال وتصريحات وبيانات غرف أصحاب العمل التى تنذر بالخروج اليومى لعدد من المنشآت الصناعية عن دائرة الإنتاج وحلبة التنافسية ،سواء فى الاسواق الداخلية أو الخارجية .
زيادة الإيرادات كيف ما اتفق
واضاف خلف الله : النظرة الاختزالية لأزمة الاقتصاد، التى عمقها انقلاب قوى الردة والتى لا تفكر إلا فى شقها المالى، للحصول على ايرادات كيفما اتفق ، لارضاء نهم الانفاق الحكومى الاستهلاكى المترهل وما يرافقه من استشراء للفساد ، ستصطدم ايضا بتراجع الايرادات واقعيا، وزيادة العجز الداخلى ايضا ، (فكل ما يفوت حدو ينقلب لضده) ، مقابل استطالة نوبة الركود التضخمى و أستمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات ، مقابل تأكل القوة الشرائية للعملة الوطنية.
زيادة السلع والتهريب
وفي السياق ذاته يؤكد دكتور هيثم محمد فتحي الخبير الاقتصادي، أن زيادة الدولار الجمركي من شأنها أن تؤدي إلى إرتفاع أسعار السلع غير الأساسية بشكل كبير و إلى تفاقم معاناة الشعب السوداني، كما ستؤدي الزيادة حتماً لتوسع عمليات التهريب الجمركي، وسيتسبب في العزوف عن الاستيراد نوعاً ما ، مما قد يؤثر على إيرادات الدولة من الرسوم الجمركية، وسيؤدي إلى إختلالات في تدفق المواد الغذائية، وانخفاض الجنيه السوداني لذلك من الممكن أن تكون نتيجة زيادة الدولار الجمركي عكسية ولا تحقق الإيرادات التي تتوقعها الدولة بسبب تصغير الدائرة الجمركية.
تأثر معاش الناس
واضاف دكتور هيثم : ستشهد السوق زيادات كبيرة في أسعار جميع السلع وتراجعا للانتاج بسبب انهيار القطاع الصناعي والزراعي و الخدمي مما سينعكس على الوضع المعيشي للمواطن .