د. مصطفى محمد محمد صالح يكتب: نظرة سياسية لمفهومى الصبر والركون
د/ مصطفى محمد محمد صالح يكتب:
نظرة سياسيه لمفهومى الصبر والركون
أولا تمهيد: تواجه بلادنا الحبيبه بعد ثورة شعبية، أوضاعا سياسيه بالغه التعقيد،وأزمات اقتصادية خانقه، ومهددات أمنيه بالغه الخطوره ،وانهيار للمنظومه الصحيه والتعليمية ، وإن الذى حدث حقيقه لم يؤدى الى إسقاط النظام كما يظن البعض، وإنما إلى تغير للحكومه فقط، عليه فإن كل تلك الحيثيات المرتبطه ببعضها البعض تكمل صورة المشهد السياسي المزرى الذى وصلت إليه حال البلاد، بصورة معاكسه تماما لكل التوقعات وتطلعات الناس، والذين كانوا يأملون أن يكون هناك تغيير حقيقي نحو الأفضل.وأصبح الواقع المعاش ومآلاته، تشكل المادة اليومية التي يتناولها معظم الناس فى مجالسهم، والتى يغلب عليها أسلوب الشكوى، والوقوف عند عتبه توصيف للمشاكل التى تواجههم، وعدم التفكير المنطقى والعملى، في الحلول والمعالجات، والتى تقود نحو التغيير الحقيقى، ويمكن تقسيم أراء الناس والأسلوب المتبع فى النقاش حول الواقع إلى مجموعتين رئيسيتن : الأولى: تدعو إلى الصبر على الحكومه والمنطق التبريرى لذلك،بأن التركة كبيرة وتراكمت الثلاتين عام غير سهله ومعالجات المشاكل تحتاج لمزيد من الوقت والصبر. والمجموعة الثانية: تري غير ذلك بأن الدعوة للصبر والتحمل إنما هو مجرد خداع وتضليل سياسي متعمد ،من قبل الحاضنة السياسية للحكومه، لصرف أنظار الناس عن حقيقة الأوضاع ،وفشل الحكومة الانتقالية فى رعايه شؤون البلاد والعباد ،وان تدهور الأوضاع الراهنة نتيجه حتمية ومنطقية ، تراجع فى جوهرها لغياب الرؤية والمشروع السياسي القائم على أساس قاعدة فكريه صحيحه، عليه فإن الأسئلة المحورية محل البحث والفكر والدراسة هى: ماالفرق بين مفهوم الصبر والركون فى تفسير الواقع السياسي بالبلاد ؟وما النتائج المترتبة على الفهم الخاطئ للمفهوم الصحيح؟ وما علاقه المفهوم الصحيح بالنهضه؟ . ثانيا المفاهيم الأساسية: ١) الصبر: فى اللغه العربيه حبس النفس عن الجزع،أو تجلد ومواجهة المصائب والبلايا بجرأة. واصطلاحا:يقصد بها القدرة الإدراكية القائمه على منهج التفكير العميق، والنفسية الراضيه لتحمل الابتلاءات ونتائجه والصعاب وآثارها بثقه وثبات وعدم الشكوى والجزع. ٣/فالصبر محمود فى موضعه فيكون في العبادات أو الابتلاءات ولا غير ذلك. ٢) الركون فى اللغه العربيه:السكون والميل. اصطلاحا:يقصد به القبول بالواقع السىء الذى تعيشه البلاد، بناء على الفهم الخاطئ للواقع القائم على منطق التفكير السطحى، والذى يقود الى الرضى التام بالظلمه ولانتشار الفساد،والتكيف مع ذلك الواقع وفق منهج تبريرى غير سليم للتعايش معه وتزينه، وعدم التفكير الجاد فى التغيير الحقيقى الذى يقود للنهضة . ٣/ النتائج المترتبة على منطق الركون للواقع السىء، إنه من الخطأ والخطر قبول هذا المنطق،والذى يؤدى إلى نتائج كارثية، وفى غايه الخطورة على مستقبل البلاد والعباد، حيث يؤدى إلى الاستسلام والخضوع لذلك الواقع السىء المعاش ومآلاته، وتعميق الشعور بالعجز والخوف من المستقبل، وتشجع الظالم على التمادى في ظلمه ، ويقعد الناس عن العمل الجاد من أجل التغيير الحقيقى المنشود، للعيش حياة كريمة، والذى لن يكون، الا وفق منهج رب العالمين، لذلك حذرنا ديننا الحنيف من الركون باعتباره من الأفعال المزمومه الذى يؤدى حتما إلى بقاء و تمكين الظالمين، ويقول العلماء: بأن ادنى مراتب الركون إلى الظالم إلا تمنعه من ظلم غيره، وأعلى مراتب الركون إلى الظالم أن تزين للناس هذا الظلم.
قال تعالى: فى محكم التنزيل من سورة الرعد الآيه رقم(١١٣)”ولاتركنوا للذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لاتنصرون ” صدق الله العظيم. وفى الختام نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرحم والدينا كما ربياني صغيرا ويجعلهم من أهل الجنة ويحفظ بلادنا من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن .