مقالات

محجوب بخيت محجوب يكتب: الذكرى السبعون لاستقلال السودان

محجوب بخيت محجوب يكتب: الذكرى السبعون لاستقلال السودان

 

​سبعون عاماً من الأحلام التي شيدناها بالحب والأمنيات، يقابلها اليوم عامان وثمانية أشهر من الرماد الذي غطى المآذن والشوارع. لكنه رمادٌ لا يطفئ الجمر، بل يذكي فينا وعياً جديداً بقدسية هذه الأرض.
​ علمتنا الغربة المريرة ودروب النزوح الوعرة أن الوطن ليس جغرافيا نسكنها، بل هو الكرامة التي تسكننا؛ فإذا ضاق الوطن، ضاقت بنا فجاج الأرض برغم رحابتها، وأيقنا أن لا دفء يعوض هجر الوطن، ولا كرامة للمرء بعيداً عن ترابه.
​كشفت لنا هذه الحرب العبثية أن خلافاتنا السياسية والمذهبية والقبلية وخطاب الكراهية هي الخنجر الذي

يغرسه العدو في خاصرتنا، وأن نسيجنا الاجتماعي المتماسك هو الدرع الواقي؛ فإما أن ننجو معاً كبنيان مرصوص، أو نغرق فرادى في لُجج الانقسام.
​ تعلمنا أن الأمان لا يُستجدى من وعود الخارج، وأن السيادة لا تُباع في سوق التحالفات الدولية. فالدول لا تحميها إلا سواعد أبنائها، ولا تصونها إلا مؤسسات وطنية شامخة تستمد قوتها من إرادة شعبها.
​ لم يعد اصطفاف الشعب خلف جيشه مجرد خيار سياسي أو موقف عابر، بل أصبح ضرورة وجودية التحامٌ تفرضه حرمة العِرض وقدسية الأرض، فالسيف الذي لا يحمله صاحبه، لا يُرهب عدواً.

​لقد دفعنا من أعمارنا وأرواحنا ثمناً باهظاً لنصل إلى الحقيقة الكبرى، لا بديل للسودان إلا السودان. فالمنافي تظل قبوراً للأرواح وإن تجمّلت، واللجوء ليس إلا صرخة في وادٍ سحيق.
​في ذكرى استقلالنا السبعين، نعاهد دماء الشهداء وأنين الثكلى، أن نبني ما هدمه الحقد بقلب رجل واحد، وبإرادة لا تعرف الانكسار. سنعيد صياغة المستقبل بمداد من الصبر والعزيمة، ليبقى السودان وطناً حراً، عزيزاًمستقلا

لقد آن الأوان ليكون نشيدنا الوطني عقيدةً نعيشها، لا كلمات نرددها في المحافل. ففي هذه الذكرى السبعين، ندرك أن “نحن جند الله جند الوطن” ليست مجرد مطلع لنشيد، بل هي عهدٌ للذود عن حياضنا بدمائنا. وأن “إن دعا داعي الفداء لم نخن” هي ميثاقنا الغليظ أمام الله والتاريخ بأننا حراس هذه الأرض.
ويا وطني سلام عليك
محجوب بخيت محجوب

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى