مقالات

د. الشاذلي عبداللطيف يكتب: .. ترانيم الظلم..ديسمبر… حين يصبح الوطن صلاة شعب

د. الشاذلي عبداللطيف يكتب: .. ترانيم الظلم..ديسمبر… حين يصبح الوطن صلاة شعب

 

في ديسمبر، لا يُقاس الزمن بالأيام، بل بالمواقف. في الثالث عشر منه، ينهض السودان من بين تعب السنين، لا ليشرح نفسه، بل ليُثبت أنه ما زال حياً في قلوب أبنائه. تسقط المسميات الصغيرة، وتتوارى الخلافات المؤقتة، ويبقى اسمٌ واحد يتقدّم الجميع: الوطن. في هذا اليوم، لا يكون السودان أرضاً فقط، بل أمانة، ولا يكون الانتماء شعاراً، بل واجباً يُؤدَّى بصمت وإخلاص.

حين يصطف الشعب خلف قواته المسلحة، ومعها المرابطون في الثغور، والمستنفرون في المدن والقرى، فإن السودان كله يقف على قلب رجل واحد. هذا الاصطفاف ليس انفعالاً عاطفياً، بل وعيٌ جمعيٌّ بأن الدولة لا تُحمى بالحياد، وأن الأوطان لا تصمد بالانتظار. القوات المسلحة هي عمود الخيمة، والمرابطون أوتادها، والمستنفرون حراس المعنى حين يشتد الليل.

جنود السودان اليوم لا يحملون السلاح وحده، بل يحملون تاريخ أمة، ودعاء أمهات، وحلم أطفال لم يعرفوا بعد معنى الخوف. والمرابط لا يقف فقط في ثغر، بل يقف في ضمير الوطن، يحرس الفكرة قبل الأرض. أما المستنفر، فقد اختار أن يكون شاهداً بالفعل، لا بالصوت، وأن يكتب اسمه في سجل الكرامة حين اختار الوقوف لا الفرار.

ديسمبر ليس شهراً عادياً في وجدان السودانيين؛ هو شهر الامتحان الأخلاقي، حيث يُسأل الجميع: مع من تقف حين يختلط الضباب؟ والجواب لا يحتاج إلى خطابة، بل إلى موقع. فالوطن، حين يُستهدف، لا يقبل الرماديات، ولا ينجو إلا إذا حمله أهله على أكتافهم، كلٌّ من موقعه، وكلٌّ بما يستطيع.

نحن لا نمجّد الحرب، بل نمجّد حق الوطن في البقاء. لا نحتفي بالسلاح، بل نحتفي بالإرادة التي تمنع الفوضى من أن تصبح بديلاً للدولة. ننحني للشهداء لأنهم سبقونا إلى الخلود، ونشدّ على أيدي المرابطين لأنهم يحرسون الليل حتى يطلع الفجر، ونحيّي المستنفرين لأنهم أثبتوا أن السودان، حين يُنادى، لا يُخذَل.

وفي هذا اليوم، نجدد العهد لا بالصراخ، بل بالثبات: أن يبقى الوطن فوق الجميع، وأن تبقى الدولة أقوى من جراحها، وأن يبقى السودان واحداً، عصيّاً، صبوراً، مهما طال الطريق. فمن يعرف وطنه قضية، لا يساوم عليه، ولا يبدّله، ولا يتركه وحيداً في العاصفة.

المجد للسودان… أرضاً وشعباً ومصيراً.
المجد لقواته المسلحة، ومرابطيه، ومستنفرِيه.
والمجد لوطنٍ قرر أبناؤه أن يعيش… مهما كان الثمن.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى