مقالات

عبدالمنعم شجرابي يكتب: .. أضرب وأهرب..القمندان

عبدالمنعم شجرابي يكتب: .. أضرب وأهرب..القمندان

 

طويل القامة عليه وسامة لا تخلو من الصرامة .. صوته بين العالي والمنخفض .. هادئ .. أنيق مهندم يزين كتفه تاج وثلاث نجمات .. واثق الخطوة يمشي ملكاً
*** يجلس على مكتب فسيح واسع على ركنه اليماني طاولة اجتماعات كبيرة وفي الجانب الأيسر طاقم جلوس أنيق وعلى جانبي تربيزته كرسيان أنيقان والمكتب مزين بشكل كامل باللون الأزرق المريح للرؤيا البصرية
*** يتناوب على دخول المكتب ضباط من الرتب المختلف يحملون الملفات بعضهم ينتظر إلى حين اطلاعه عليها وآخر يضعها وينصرف

والجميع يقف أمامه بالتحية وهو في الغالب يكون منكباً على أوراق وملفات يرفع رأسه منها بسماع قوة خطوات الأحذية الداخلة عليه وهي تهز الأرض هزاً
*** رفع يوماً تقريره الأمني للجهات العليا وكان التقرير : خلال شهر أبريل كانت البلاغات ثلاث مشاجرات وحادثتي سرقة قبض على منفذيها وفي تقرير الدوريات الليلية والسواري كانت جميع ليالي الخرطوم خالية إلا من بعض المارة والكلاب الضالة

*** عشق مهنة البوليس محترفاً وهوايته الأحب كانت العودة ليلاً إلى القسم لمراجعة البلاغات وتفقد الحراسات وإضافة جرعات معنوية للقوة العاملة
*** عِشق القمندان عمر علي حسن للعمل البوليسي رادف عشقه للهلال ومع كل ترقية له هنا كانت له ترقية هناك وما كانت صدفة أن يكون عميداً بالشرطة ورئيس للهلال وبأعلى درجات الذكاء الشرطية في الحماية والمتابعة والملاحظات والقبض والتفتيش والوقوف بالمحاكم وتقديم الاتهام والمعروضات والاثبات كان بالهلال يختار .. ويسجل .. ويحاور .. ويجادل ويناقش وينافح .. ويصادم ويبتسم ويكشر .. ويأخذ ويعطي .. ويقرر وينفذ

*** لم يكن العميد شرطة وعميد الهلال رئيساً وحسب بل كان واحداً من مشجعي التيرسو وكان أديباً أريباً ورأس حربة لكلمة الهلال البلاغية العليا هو وشاعرنا أبو آمنة من جهة وعلى الجانب الأحمر العظيمان حاج عثمان وابن البان واستمتع الرياضيون بكتابات ومقالات رائعات لا زالت وثائق محفوظة ومحفوظة في رؤوس الناس
*** انتماء عمر علي حسن لأم المدائن مصنع الرجال عطبرة ونشأته برفاعة الحنينة جعلته خلطة عصير من القوة والمرونة .. والشدة واللين .. فكان ذلك الشرطي والهلالي الذي لا يشق له غبار

*** انقطع في رحلة اغتراب امتد لنصف قرن وزد عليها بين السعودية والامارات وما انقطع عن هلاله ومن مكان اقامته يطالبني بإرسال الصحف وتفاصيل تفاصيل أخبار الهلال ويحتفل به الأهلة كلما وصل البلاد
*** عن دنيانا الفانية رحل الرئيس رحل القمندان العمر العلي الحسن نسأل الله له الرحمة والمغفرة بعدد كل خطوة مشاها وكل كلمة نطقها وبعدد كل حرف كتبه

والعزاء لرفيقة دربه المكلومة أستاذة الأجيال ولابنه المهندس أكرم واخوته ولشقيقه عبدالرحمن وللأهلة في كل مكان
وستبقى ذكراه باقية بقاء لون الهلال اللون الأزرق الذي اختاره الخالق البارئ المصور
لوناً للسماء والبحار
عبدالمنعم شجرابي ..

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى