
البيان الختامي أوصى مجلس الأمن بتصنيف الميليشيا منظمة إرهابية..
«جابر في قمة البحيرات».. «محاصرة الجنجويد »..
القمة استعرضت قضايا الأمن والدفاع داخل منظومة دول البحيرات..
بحث حماية المعادن من استغلالها لصالح تمويل الميليشيات والحركات..
جابر أكد أهمية تنسيق المواقف الجماعية لمواجهة التدخلات الخارجية..
التوصية بتصنيف الميليشيا «إرهابية» تعكس تحولًا في مواقف القارة..
السودان أمام فرصة سياسية نادرة لاستعادة ما خسره جراء العدوان..
منظمة البحيرات العظمى منصة رئيسية لمعالجة النزاعات العابرة للحدود..
تقرير : محمد جمال قندول
اختتم عضو مجلس السيادة الفريق مهندس إبراهيم جابر رحلته للعاصمة الكونغولية كينشاسا بعد مشاركته في أعمال القمة التاسعة لرؤساء دول البحيرات العظمى.
وحوى البيان الختامي للقمة توصية لمجلس الأمن لتصنيف ميليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية، وذلك في إطار تضييق الخناق على التمرد.
ورافق عضو مجلس السيادة وكيل وزارة الخارجية السفير معاوية عثمان خالد، ووزير الدولة بالرعاية والتنمية الاجتماعية سليمى إسحاق.
البيان الختامي..
وخرجت القمة التاسعة لدول البحيرات بتوصية واضحة إلى مجلس الأمن الدولي تدعو إلى إدانة ميليشيا الدعم السريع.
وبحسب البيان الختامي فإن القمة استعرضت قضايا الأمن والدفاع داخل منظومة دول البحيرات. كما طافت على قضايا المرأة، والطفل، والتنمية الاجتماعية، وسبل حماية المعادن في الدول الأعضاء من استغلالها واستخدامها لصالح تمويل ودعم الميليشيات والحركات المتمردة المتواجدة في الإقليم.
وكان عضو مجلس السيادة الفريق مهندس إبراهيم جابر قد جدد تأكيدات السودان على أهمية تضافر الجهود وتنسيق المواقف الجماعية لمواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لدول المنظمة.
وقال وكيل وزارة الخارجية السفير معاوية خالد إن القمة قد أخذت علمًا بتوصيات المجلس الوزاري، ووجهت السكرتارية التنفيذية بحشد الجهود داخل مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي بضرورة إدانة الفظائع المروعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بحق المدنيين.
أضاف السفير معاوية في تصريحات صحفية بحسب إعلام مجلس السيادة بأن القمة التاسعة قد أجازت التوصيات المقدمة من المجلس الوزاري للمنظمة، وتوصيات وزراء الدفاع والأجهزة الأمنية التي أوصت جميعها بتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية.
إعادة تموضع
وفي سؤالنا للكاتب السياسي والباحث في الإعلام التنموي إبراهيم شقلاوي حول دلالات نتائج القمة التاسعة للبحيرات العظمى ومشاركة السودان فيها ذكر بأن الحضور السوداني يمثل لحظة فارقة تعيد تموضع الخرطوم داخل دائرة الفعل الإفريقي، بعد شهور من محاولات عزلها عبر سرديات مضلّلة عن طبيعة الحرب.
وتابع بأن اختيار وفد عالي المستوى برئاسة الفريق مهندس إبراهيم جابر يوحي برغبة واضحة في الانتقال من موقع الدفاع إلى موقع المبادرة، وتثبيت رواية الدولة أمام شركائها الإقليميين، لاسيما بعد حديث فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة الذي وصف الحرب بأنها حرب بـ«الوكالة» تُخاض للسيطرة على الموارد الطبيعية في السودان.
وأضاف إبراهيم أن توصية القمة بتصنيف ميليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية تعكس تحولًا في المزاج السياسي داخل القارة، حيث باتت الدول تنظر إلى الأزمة السودانية كخطر ممتد يمكن أن يعصف بتوازن الإقليم إذا تُرك دون مواجهة.
واعتبر شقلاوي أن البيان الختامي لا يحمل موقفًا أخلاقيًا فحسب، بل يعبر عن إدراك متزايد لارتباط الحرب بشبكات الاقتصاد غير المشروع العابرة للحدود، ولعل ذلك بداية الغيث بالنظر إلى أن دول ومنظمات إقليمية ودولية بدأت تعيد النظر في تقييم العدوان على البلاد.
ومن ناحية أخرى، أشار إلى أن وضع ضوابط لحماية المعادن ومراقبة تجارة الذهب «خطوة نوعية تمسّ جذور الحرب والأطماع الكبيرة في موارد البلاد، إذ يكشف التناول العلني لهذا الملف عن تحوّل في فهم الدول لطبيعة التهديد الذي يعيشه السودان من ميليشيا مسلحة إلى منظومة اقتصادية تتغذى على الفوضى». وقال إن هذا التوجه يعيد تعريف الأمن القومي في المنطقة بصفته أمنًا تنمويًا في المقال الأول.
وختم شقلاوي بأن موقف القمة يمنح الخرطوم فرصة لتوسيع دائرة الدعم، شرط أن توظّف الدبلوماسية السودانية هذا الزخم في بناء تحالفات مستدامة، وتقديم ملف موثق لجرائم الميليشيا أمام المؤسسات الدولية.
وأضاف أن السودان أمام فرصة سياسية نادرة، قد تساعده في استعادة ما خسره جراء العدوان إذا استطاع أن يحول الإجماع الإقليمي إلى قوة ضغط فاعلة تُقربه من نهاية الحرب وبداية مسار التعافي واستعادة الأمن والسلام.
وفي البيان الختامي رحب عضو مجلس السيادة بالمواقف الإيجابية لدول منظمة البحيرات العظمى تجاه الأوضاع الراهنة في السودان. كما أشاد بتفهم المنظمة للأبعاد المتعلقة بالمخططات التي تستهدف مقدرات السودان وشعبه.
الدعم السياسي
يقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي عمار العركي إن منظمة دول البحيرات العظمى، تعد إحدى أكثر الكيانات تأثيرًا في قضايا الأمن والاستقرار بوسط وشرق إفريقيا، ومنصة رئيسية لمعالجة النزاعات العابرة للحدود، في هذا السياق، مشيرًا إلى أن مخرجات القمة التاسعة لمنظمة دول البحيرات العظمى في ظرف إقليمي بالغ التعقيد، فيما اكتسب بيانها الأخير ثقلاً إضافياً نظرًا لارتباطه المباشر بالأزمة السودانية.
وكان عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر قدم خطاب السودان أمام الجلسة المغلقة للقمة، الذي اشتمل على التصنيف الدقيق للصراع في السودان، وعكس الأضرار والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بحق المدنيين، بالإضافة إلى التطورات الأخيرة في أعقاب اعتداء ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر.
واعتبر العركي بأن مشاركة السودان برئاسة عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر، دلالة واضحة على حرص السودان على العودة والحضور الإقليمي الفاعل والمؤثر، وقطع الطريق أمام محاولات عزله سياسيًا وإعلاميًا.
وتابع بأن تواجد السودان في هذه القمة جاء في سياق سعي السودان لإعادة تقديم روايته من داخل الأطر الإقليمية وليس عبر الأطراف الدولية وحدها.
ويستشهد د. عمار بتوصيات البيان الختامي لقمة مجلس الأمن الدولي والذي دعا لإدانة ميليشيا الدعم السريع، مستندًا إلى توصيات وزراء الدفاع والأجهزة الأمنية التي صنّفت الميليشيا كـ«منظمة إرهابية».
كما كلّف البيان السكرتارية التنفيذية بحشد الدعم داخل مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي لمحاسبة الميليشيا على الفظائع المرتكبة بحق المدنيين، بجانب اعتماد القمة ضوابط جديدة لاستخدام المعادن النفيسة، بما فيها الذهب السوداني، بهدف منع استغلالها في تمويل الميليشيات والحركات المتمردة في الإقليم، وهو ما يمثل خطوة مباشرة في محاصرة الاقتصاد الموازي للميليشيا.
أضاف العركي بأن خروج البيان بهذه الصورة دلالة على فاعلية وتأثير خطاب السودان أمام الجلسة المغلقة، حيث قدّم الفريق إبراهيم جابر عرضاً دقيقاً لطبيعة الصراع والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، مع التركيز على الهجوم الأخير على مدينة الفاشر، مؤكدًا ضرورة تنسيق المواقف الجماعية لمواجهة التدخلات الخارجية التي تستهدف أمن واستقرار دول المنظمة.
واختتم محدّثي إفادته بأن القمة مثلت توجهاً إقليمياً متنامياً لدعم الموقف السوداني، وتضع الأزمة في إطار جديد أكثر وضوحاً داخل محيطها الأفريقي، بما يمنح الخرطوم سنداً سياسياً مهماً في مرحلة تتطلب أعلى درجات التحرك الدبلوماسي لكسب المزيد من الدعم السياسي الإقليمي والدولي.
المصدر: صحيفة الكرامة





