مقالات

د. الشاذلي عبداللطيف يكتب: .. ترانيم الظلم..هذا وطننا… وهذه حربنا… وهذا زمن الحسم

د. الشاذلي عبداللطيف يكتب: .. ترانيم الظلم..هذا وطننا… وهذه حربنا… وهذا زمن الحسم

 

 

في اللحظات التي يعلو فيها دخان الحرب، وتغيب فيها ملامح اليقين، تنهض الأوطان لتختبر رجولة أبنائها: من يقف بثبات؟ من يتراجع؟ ومن يملك الشجاعة ليقول إن السودان ليس أرضًا مباحة، بل وطنٌ صلبٌ يرفض أن يُختطف أو يُكسر؟ وفي هذه الساعات الحاسمة التي تعيد تشكيل الوعي الوطني، يقف السودان أمام منعطفٍ لا يحتمل المساومة ولا المنطقة الرمادية. فالمعركة الدائرة اليوم ليست اختلافًا سياسيًا أو صراعًا على سلطة، بل هي معركة وجود بين دولة تحاول أن تحفظ مؤسساتها، وبين مليشيا تمردت على الشرعية وحاولت أن تفرض مشروعها بقوة السلاح.

وحين اختلطت الأصوات بين الخوف والشك، خرج صوت القائد واضحًا كحدّ السيف، لا يعرف التردد ولا يخشى المواجهة. قال عبارته التي تشبه قسمًا في حضرة الوطن:
“سنواصل القتال حتى نقتص من مليشيا الدعم السريع ونقضي عليها.”
هذه الكلمات لم تكن توصيفًا لمرحلة، بل إعلانًا رسميًا أن السودان قرر أن يستعيد زمام أمره، وأن الفوضى لن تتحول إلى قاعدة سياسية أو واقعية مهما طالت المعركة. فالدولة، أي دولة، لا يمكن أن تقوم على منطق تعدد البنادق، ولا على مشاريع يمكن أن تشظّي سيادتها أو تهدد وحدتها.

وحين قال القائد بلا مواربة:
“لا هدنة… لا تفاوض… لا حديث مع المليشيا.”
كان يعيد تشكيل خطوط المعركة بوضوحٍ لا يقبل التأويل. فالدولة التي تفاوض الخارجين عليها تفقد جزءًا من هيبتها، والدولة التي تساوم على دماء مواطنيها تفقد حقها الأخلاقي في الحكم. لذلك كان هذا الموقف إعلانًا أن الشرعية لا تساوم من حمل عليها السلاح، وأن السودان لن يُدار تحت التهديد أو الابتزاز مهما كانت الظروف.

ثم جاء المبدأ الذي وضع نهاية لأي التباس:
“لا مكان للدعم السريع ومن عاونها في السودان.”
هذه الجملة ليست رد فعل مؤقت، بل رؤية دولة تدرك أن البناء يبدأ بإزالة كل ما يشوّه أساسها. فالوطن الذي يرفع علَمًا واحدًا لا يمكن أن يقبل ببندقية ثانية، والجيش الذي يحمي البلاد لا يمكن أن يتقاسم واجبه مع كيان وُلِد خارج رحم الدولة.

ومن هنا جاء شرط التجميع وإلقاء السلاح، ليس كعرض سياسي، بل كبوابة عبور إلى المستقبل. فإما دولة واحدة بقانون واحد وسلاح واحد، وإما فوضى لا تُحمد عقباها. ولا وجود لمنتصف الطريق.

وعندما أعلن القائد أن “نهاية المعركة ستكون في دارفور“، كان يصحح تاريخًا حاول البعض تزويره. فدارفور ليست ساحةً مستباحة، ولا هامشًا يمكن أن تتصارع فيه المشاريع الغريبة. إنها قلب السودان، ومن يسيطر على قلب الوطن يسيطر على مستقبله. ولذلك فإن حسم المعركة في دارفور هو استعادةٌ لروح السودان قبل أن يكون استعادةً لأرضه.

ثم جاء النداء الذي لا يسمعه إلا الرجال حين تُختبر المعادن:
“كل من يقدر على حمل السلاح… فليأتِ.”
هذا النداء ليس دعوة للدم، بل إعلان أن لحظة الاصطفاف الوطني قد حانت. وأن الدولة في معركتها لا تنتصر بالبيانات ولا بالخطب، بل برجالها الذين يقفون خلف جيشهم كتفًا بكتف، ليقولوا إن السودان أكبر من محاولات التفكيك وأقوى من مشاريع الهدم.

فالحرب اليوم ليست حرب الجيش وحده، بل حرب الأمة كلها. حربٌ بين شرعية تحرس الوطن، وفوضى تريد أن تهدمه. حرب بين دولة تريد الاستقرار، ومليشيا لا تعيش إلا في الخراب. وحين ينادي الوطن، لا يجيب النداء من يقف على الحياد أو يختبئ خلف المواقف الرمادية، بل يجيب الرجال، الرجال الذين يعرفون أن السودان لا يُحمى بالكلمات، ولا يُصان بالتردد، بل يُصان بالقوة والوعي والاصطفاف خلف رايته وجيشه وقائده.

وهكذا، حين يقف أبناء السودان صفًا واحدًا، تكون النتيجة واحدة:
أن تشرق شمس الدولة من جديد، وأن يولد الوطن مرة أخرى… أقوى وأبهى وأرسخ.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى