
حطت طائرته للمرة الرابعة.. التقى البرهان.. وأجرى مباحثات ثنائية مع سالم..
وزير الخارجية المصري في بورتسودان.. أسرار الزيارة؟!
البرهان شكر مصر على وقفتها مع السودان فى المحافل الإقليمية والدولية..
بدر أكد اهتمام ومتابعة السيسي لملف العلاقات مع السودان …
الوزير المصري تلقى شرحًا حول الأوضاع الميدانية والإنسانية..
تطابق المواقف بين البلدين فيما يتعلق بقضية الأمن المائي..
زيارة فى توقيت يتزامن مع الحراك الدبلوماسي المكثف حول «السلام»..
التحركات المصرية لضبط توازن المواقف داخل هذا تكتل «الرباعية»..
تقرير : محمد جمال قندول
حطت طائرة وزير الخارجية المصري د. بدر عبد العاطي للمرة الرابعة أمس بمطار العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان في زيارة كانت موضع اهتمام كبير.
والتقى عبد العاطي رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، كما أجرى مباحثات ثنائية مع وزير الخارجية محيي الدين سالم.
تطابق المواقف
وأعرب رئيس المجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عن شكره وتقديره لمصر حكومة وشعبا، وذلك لوقفتهم مع السودان في كل المحافل الإقليمية والدولية، مؤكدًا عمق العلاقات السودانية المصرية، مشيرًا إلى الروابط الأزلية والتاريخية التي تربط بين الشعبين الشقيقين.
وشهد لقاء رئيس مجلس السيادة ووزير الخارجية المصري، وزير الخارجية السفير محيي الدين سالم، وسفير السودان لدى مصر الفريق أول ركن عماد الدين عدوي، وسفير جمهورية مصر لدى السودان هاني صلاح.
وفي تصريحات صحفية، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع بصورة حثيثة ملف العلاقات مع السودان، وذلك وفق ما يحقق مصلحة شعبي وادي النيل.
وأضاف عبد العاطي بأنه استمع إلى شرح من رئيس المجلس السيادة حول الأوضاع الميدانية على الأرض والوضع الإنساني.
كما أشار وزير الخارجية المصري إلى تطابق المواقف بين البلدين فيما يتعلق بقضية الأمن المائي باعتبارها قضية وجودية لشعبي البلدين، مشيرًا إلى أنه نقل للرئيس البرهان رسالة مؤازرة وتضامن من الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأكد عبد العاطي موقف مصر المبدئي الداعم للسودان ولوحدته وسيادته والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني.
دلالات استراتيجية
وفي سؤالنا للكاتب السياسي والباحث في الإعلام التنموي د. إبراهيم شقلاوي حول زيارة وزير الخارجية المصري السفير بدر عبد العاطي إلى بورتسودان ولقائه رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قال شقلاوي إن الزيارة جاءت في توقيت لافت يتزامن مع الحراك الدبلوماسي المكثف حول مبادرة الهدنة الإنسانية التي تطرحها الولايات المتحدة وعدد من الدول الإقليمية.
وأضاف أن تزامن الزيارة مع النقاشات الجارية حول مسارات التهدئة يعكس حرص القاهرة على تثبيت حضورها كطرف رئيسي في المعادلة، مؤكدًا أن مصر تنظر إلى استقرار السودان كعنصر أساسي في أمنها القومي وفي توازن المشهد الإقليمي في وادي النيل، لذلك جاء الحديث في سياق الزيارة عن مياه النيل وأهمية المواقف المشتركة وهو ما يتطلع له السودان في تعزيز المصالح.
ومن ناحية أخرى، أوضح شقلاوي أن اللقاء جاء في سياق تفاهمات أمنية وسياسية أعمق تتصل بمستقبل العملية التفاوضية ومسار العلاقات السودانية – المصرية. وأشار إلى أن القاهرة تتحرك بدبلوماسية هادئة لإعادة ضبط إيقاع الوساطة الدولية بما يضمن عدم تجاوز دورها في السودان، وأن زيارة الوزير عبد العاطي الرابعة خلال فترة وجيزة تؤكد متابعة مصر الدقيقة لتطورات الأوضاع الميدانية والإنسانية في البلاد.
ويرى محدّثي أن النقاش الإقليمي حول مسار الحل في السودان قد يشهد خلال المرحلة المقبلة مقاربات جديدة لتوسيع قاعدة الوسطاء، وربما تكون إضافة أطراف مثل قطر وتركيا ضمن تصورات بعض القوى الإقليمية لإحداث توازن في المشهد.
لكنه يؤكد أن هذا الاتجاه، إن تحقق، سيفرض على القاهرة والخرطوم تعزيز تنسيقهما لضمان أن تبقى معادلة الحل محكومة بتفاهمات إقليمية متوازنة لا تمس جوهر المصالح المشتركة بين البلدين.
واختتم د. إبراهيم تحليله قائلاً إن زيارة وزير الخارجية المصري تحمل دلالات استراتيجية تتجاوز العلاقات الثنائية، فهي تعكس رغبة القاهرة في الإبقاء على مقعدها المتقدم في ملف السودان، وفي الوقت ذاته تمثل رسالة دعم سياسية وأمنية لرئيس مجلس السيادة في لحظة دقيقة من عمر الأزمة.
وأوضح أن مثل هذه الزيارات تعيد التذكير بأن السودان ومصر مازالا يشكلان محوراً أساسياً في معادلة الأمن القومي والاستقرار في الإقليم، وأن التنسيق بينهما سيظل عاملاً حاسماً في أي تسوية قادمة.
توازن المواقف
وكان وزير الخارجية محيي الدين سالم قد أجرى مباحثات ثنائية مع وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج د. بدر عبد العاطي أمس، حيث استعرض الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وكذلك المستجدات على المشهد السوداني وسبل دعم جهود احتواء الأزمة.
عبد العاطي جدد تأكيداته بأن مصر تدعم وحدة السودان واستقراره وصون مؤسساته الوطنية، منددًا بالفظائع المروعة التي شهدتها مدينة الفاشر مؤخرًا ودعمهم لحكومة الأمل برئاسة الدكتور كامل إدريس.
وذهب الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي إلى أن اللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتجاوز كونه تأكيداً على «عمق العلاقات» و«الروابط الأزلية»، إلى أنها رسالة سياسية مركبة تحمل ملامح الموقف المصري الراسخ من الحرب في السودان ومن طبيعة مؤسسات الدولة القائمة، لاسيما مجلس السيادة والجيش باعتبارهما الممثلين الشرعيين للدولة السودانية.
وتابع العركي بأن مصر – ومنذ اندلاع الحرب – لم تنخرط في موجة التسييس الدولي التي حاولت تمييع الشرعية بين الدولة والميليشيا، وتبنت موقفًا قويًا ومتشددًا حيال وحدة وسيادة السودان والحفاظ على مؤسساته القائمة بما فيها مؤسسة الجيش، وظل موقفها ثابتاً وراسخ، وهو ما عبّر عنه الوزير المصري بوضوح خلال الزيارة، حين أكد دعم بلاده للمؤسسات الوطنية السودانية.
ويشير د. عمار إلى أن رحلة عبد العاطي هذه المرة تأتي في ظرف حساس يشهد تصاعد جرائم الإبادة والتطهير العرقي من قبل ميليشيا الدعم السريع الإرهابية في الفاشر، بالتوازي مع التحركات الغربية لتمرير هدنة إنسانية بغطاء سياسي، وهي هدنة يُنظر إليها في دوائر سودانية كمدخل لمحاولة فرض تسوية جزئية تمنح الميليشيا شرعية الأمر الواقع.
وفي هذا السياق، فإن القاهرة – كعضو في الرباعية التي تضم لجانبها، الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، تبدو وكأنها تتحرك لضبط توازن المواقف داخل هذا التكتل، وإعادة التذكير بأن أي تسوية لا تستند إلى الشرعية الدستورية والمؤسسية ستفاقم الأزمة ولن تعالجها.
ويقرأ العركي مؤشرات الزيارة الصادرة توحي بأن مصر تتعامل مع الملف السوداني بمنهج الاستقرار عبر الدولة لا عبر التسويات الانتقائية، وتضع أمن السودان جزءاً من أمنها القومي، خصوصاً في ضوء ارتباط المسارين الأمني والمائي، وحرص القاهرة على منع تمدد الفوضى جنوب حدودها. ولذلك، فإن دعمها لمؤسسات الدولة السودانية لا يُقرأ فقط كدعم سياسي، بل كخيار استراتيجي طويل الأمد لحماية أمن وادي النيل.
وانعقد امس اجتماع ثلاثي ضم وزير الخارجية محي الدين سالم ونظيره المصري بدر عبد العاطى وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر
حيث بحث الاجتماع الجهود الانسانية بالبلاد وسبل تعزيز الاستجابة الإنسانية الدولية للأزمة الانسانية بالسودان.
المصدر: صحيفة الكرامة





