الصادق الرزيقي يكتب: يا جارة الوادي ..

الصادق الرزيقي يكتب: يا جارة الوادي ..
أينما ذهبت تذهب معك مدينتك الغناء الوارفة .. هطلت علينا مشاهد ومرائي وصور وذكريات مدينة نيالا .. حيث عشنا وتربينا ومشت في أرواحنا دفقة الحياة ..
تذكرتها و أنا في لبنان ، أمس زرنا مدينة ( زحلة ) علي طرف البقاع اللبناني بين واديها الخصيب ونهر البرودني وطبيعتها الخلابة الساحرة ، وقفنا في المكان الذي أنشد فيه قبل مائة عام الشاعر الكبير أمير الشعراء احمد شوقي قصيدته الأشهر ( جارة الوادي ) والتي طارت بها الركبان وغناها الفنان محمد عبد الوهاب وكان رفيقه في رحلته سنة 1925 لزحلة وغنتها نور الهدي ثم السيدة فيروز أرزة لبنان الخالدة ، وإزدانت بالقصيدة كتب المطالعة في المدارس المتوسطة والثانوية العامة في أكثر البلدان العربية وحفظتها أجيال وأجيال ..
تجولنا في المدينة وتاريخها ومعالمها من فندق القادري الكبير الذي كان ينزل فيه شوقي إلى فندق عقل حيت ترفرف أشعار الشاعر سعيد عقل الذي يذكرني به دائما الاخ الحبيب الاستاذ عبد المحمود نور الدائم الكرنكي وهو من محبي سعيد عقل ومارون عبود .
سمعنا زقزقة شقشقة الطيور بين واديها العميق الغائر في وسط المدينة وقلبها ، تحيط به جبالها المزدانة بالخضرة ، ويجري الماء رقراقاً سلسبيل، يخترقها في حبور ، تطل بيوت المدينة وشرفاتها وفنادقها و المقاهي والبيوت العتيقة وعرائش العنب وزخات الماضي على الوادي ، ويتزاحم الزوار والسواح علي تقبيل خديّ المدينة والوقوف علي ذات المكان الذي وقف فيه أحمد شوقي يطلق آهاته المولهة في زحلة ، ولكأنك به يتبختر معتمراً قصيدته التاج ، بينما سار وراءه في زفة باسقة إبن زحلة الشاعر الفحل سعيد عقل ، والشاعران الشقيقان فوزي وشفيق معلوف … يصفقون ويتراقصون طرباً طربا…
تذكرت حينها كتاب الأناشيد المحفوظات بالمرحلة المتوسطة والأستاذين زين العابدين محمد شريف و المرحوم الاستاذ صالح حمزة ، في مدرسة نيالا الأميرية المتوسطة مطلع السنوات الثمانين من المقرن الماضي ، هما يدرسان و يشرحان القصيدة كأنها أسطورة شعرية ثريا تدلت من سقف النجوم ، تذكرت الجمعيات الأدبية والشهيد عبد الحي الربيع ، وكيف صارت القصيدة كالهواء الذي نتنفسه في تلك الايام الزواهر ، لا تخلو منها مجالس الإنس الدافئة ، ولا تغيب مطارح الشجن وخطابات الغرام البريء ، وظلت تجري علي الألسن كما الماء النمير ، ونيالا هى ايضاً جارة وادي وأي واد ..!؟
👇👇👇👇👇👇👇👇👇
جارة الوادي – احمد شوقي
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى
والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة
غناء كنت حيالها ألقـاك
ضحكت الي وجوهها وعيونها
ووجدت في أنفاسها رياك
فذهبت في الأيام أذكر رفرفا
بين الجداول والعيون حواك
أذكرت هرولة الصبابة والهوى
لما خطرت يقبلان خطاك؟
لم أدر ما طيب العناق على الهوى
حتى ترفق ساعدي فطواك
وتأودت أعطاف بانك في يدي
واحمر من خفريهما خداك
ودخلت في ليلين : فرعك والدجى
ولثمت كالصبح المنور فاك
ووجدت في كنه الجوانح نشوة
من طيب فيك ومن سلاف لماك
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت
عيني في لغة الهوى عيناك
ومحوت كل لبانة من خاطري
ونسيت كل تعاتب وتشاكي
لا أمس من عمر الزمان ولاغد
جمع الزمان فكان يوم لقاك





