رحمة عبدالمنعم يكتب: محمد العوض .. (فرح غبيشة)

رحمة عبدالمنعم يكتب: محمد العوض .. (فرح غبيشة)
أول أمس الجمعة، في قرية غبيشة بولاية القضارف، ارتفعت الزغاريد وارتسمت على الوجوه ابتسامة تشبه الأرض حين ترتوي بعد طول عطش، هناك، زُفّ صديقي محمد العوض إلى شريكة عمره، في عرسٍ بدا كأنه احتفال بالبساطة والصفاء قبل أن يكون مناسبة اجتماعية…
محمد العوض رجلٌ تعرفه من أول لقاء، كأنك تعرفه منذ زمن، فيه صدقٌ لا يتكلّف، وابتسامة تحمل من الطيبة ما يجعل من حوله أكثر طمأنينة. هو من أولئك الذين إذا دخلوا مكاناً، ملأوه دفئاً وإنسانية، عرفته منذ سنوات، فما رأيت منه إلا خيراً، ولا سمعت عنه إلا ما يُفرح القلب ويبعث على الاحترام..في سيرته شيءٌ من النقاء الذي كدنا ننساه في هذا الزمان؛ لا يحمل ضغينة، ولا يرد سائلاً، ولا يغيب عن ملمة، كريمٌ كأن الكرم عنده عادةٌ يومية لا تحتاج إلى مناسبة، أو كما قال الشاعر:*(وإن قالوا الكرم زي السحاب الدودا…إيدك سيل عرم بالخير دوام ممدودة. .وبيتك سوق عكاز أبوابو مي مسدودة)
هكذا هو محمد، لا يرد طارقاً، ولا يخذل محتاجاً، ولا يُذكر إلا مقروناً بالخير،ومن المؤلم أن أكون في القاهرة، بعيداً عن تلك اللحظة التي تمنّيت أن أعيشها بين أهلنا في غبيشة، أشاركهم الفرح، وأرقص وأغني و(أبشر) وأصفق للعريس كما يصفق القلب للحنٍ قديمٍ يعود بعد غياب طويل.
غير أن الفرح الحقيقي ليس في الحضور الجسدي وحده، بل في ذلك الشعور الصادق بأن من نحبّهم سعداء، ولذا، فقد كنت هناك بروحي، أراهم وأسمع ضحكاتهم في خيالي، وأدعو الله أن يكتب لصديقي حياةً عامرة بالمودة..
محمد العوض، كما عهدته، سيحمل إلى بيته الجديد ما حمله دائماً في قلبه من محبةٍ للناس، وتقديرٍ للخير، وإيمانٍ بأن الحياة تُقاس بما نعطي لا بما نأخذ، أدعوه أن يحافظ على تلك الروح الطيبة، وأن يجعل من أيامه المقبلة فصلاً جديداً من الحكاية الجميلة التي بدأها في غبيشة، تلك القرية التي لا تعرف الزيف، والتي تظل شاهدةً على أن الفرح يمكن أن يولد من البساطة، وأن العطاء لا يحتاج إلى ضجيج………..
مبروك لصديقي محمد، ولزوجته التي نالت رجلاً يشبه المطر… يأتي بالخير أينما حلّ، وأسأل الله أن يجعل أيامهما المقبلة بيضاء كالنية التي في صدره، وأن تبقى حياتهما عامرة بالودّ، مليئة بالضحك والسكينة.
ولئن فرّقتنا المسافات، فقد جمعنا الدعاء ومن القاهرة أرسل لك محبّتي… كما تُرسل النسمة تحيّتها لقريةٍ تعرفها بالحنين أكثر مما تعرفها بالعنوان.




