مقالات

يوسف عبدالمنان يكتب :  كباشي في كردفان: وإعلانُ حربٍ مفتوحةٍ على الجنجويد

يوسف عبدالمنان يكتب :  كباشي في كردفان: وإعلانُ حربٍ مفتوحةٍ على الجنجويد.

■ تبديد الشكوك وقرارات بإخلاء المدارس من الجيش.
■ ولاة جنوب كردفان وشمال دارفور واستحقاق وسام الشجاعة.
1️⃣

📌 بددت الزيارة التي قام بها سيادة الفريق شمس الدين كباشي نائب القائد العام للقوات المسلحة كثيراً من الشكوك التي انتابت أهل كردفان، حول موقف المركز من تحرير الإقليم الجريح، وصمت الهامسون بأن العمليات العسكرية قد انتهت بتحرير الخرطوم والجزيرة، وأن كردفان ودارفور ستذهبان إلى جمهورية (العطاوة) بقيادة صاحب السمو الدقلاوي حميدتي!!

ومنذ فجر الاثنين الماضي سار ركب الفريق شمس الدين كباشي الي الأبيض عاصمة إقليم كردفان التي يطلق عليها أهلها تدليلاً وحباً وشغفاً بها:
*(ابو قبه فحل الديوم)*
أي كبير المدن، ويطلقون على مدينتهم عروس الرمال، ومديرية اللالوب، وكل امرءٍ بما يحب معجباً.

📌ومنذ التغيير الذي أطاح بحكومة الرئيس السابق أمسكت الحكومة المركزية رجلها عن زيارات كل الولايات، وامسكت يدها على الصرف على مشروعات التنمية، حتى داهمتها نازلة الحرب، ولم يطف الرئيس البرهان على كردفان، الا زيارة خاطفة إلي أم روابه بعد تحريرها، وزيارة قبل الحرب لمحليه ام دم حاج أحمد وبارا. ولكن شمس الدين كباشي زار جنوب كردفان قبل الحرب بأيام، وحينها وضع حروفاً في سطور الأزمة وكشف عن مايجري في دهاليز الصمت حينما كان حميدتي يخطط لابتلاع الدولة.

📌الآن جاء شمس الدين كباشي بعد فترة جمود للعمليات العسكرية الا من بعض عمليات الكر والفر في ثلاثة محاور رئيسية، وأخرى فرعية، أولهم محور الأبيض ابوقعود الخوي النهود الفاشر، وهو المحور الذي تتمركز فيه المليشيا بكثافة كبيرة للحيلولة دون تقدم القوات المسلحة غرباً بإتجاه الفاشر، والمحور الثاني هو محور بارا جبرة الشيخ ام كريدم ام سيالة وهو المحور يرتبط بأمن العاصمة الخرطوم، ووجود المليشيا في جبرة الشيخ التي تبعد عن ام درمان مائتي كيلو متر، ووجودها في مناطق ام سيالة

والكويمات وشق الصهب يمكنها من تهديد النيل الأبيض، أما المحور الثالث هو الأبيض الدبيبات الدلنج أبوزيد الفولة، ويقود هذا المحور مباشرة إلى الضعين حاضرة ولاية شرق دارفور، التي يعتقد البعض أنها تمثل حاضنة الجنجويد الأولى، وأهمية هذا المحور في فك الحصار عن جبال النوبة ومناطق إنتاج البترول في هجليج وبليلة وحقول البرصاية وزرقا ام جديد.

اختار الكباشي في اليوم الأول والثاني للزيارة التدقيق في الموقف العسكري مع قادة متحركات القوات المسلحة وقائد الفرقة الخامسة مشاه اللواء إبراهيم قنديل الذي عين مؤخراً لقيادة أهم فرقة في الجيش السوداني على الإطلاق، واوسعها انتشاراً وأكثرها تمرساً في القتال منذ تمرد توريت عام 1955م اي قبل أن ينال السودان استقلاله.

📌 والكباشي له رؤية يختلف الناس حولها أو يتفقون بأن القوات المسلحة هي الأصل وبقية القوات المساندة تأتمر بأمرها، وكل له مشروعه، ولكن القوات المسلحة هي المشروع الوطني الكبير، وما قرار القائد العام الاخير بشأن ضم كل القوات المقاتلة إلى مظلة القوات المسلحة الا تطبيقا لهذه التوجهات، التي تحول دون ميلاد حميدتي جديد وإنتاج دعم سريع جديد، ليجوس في البلاد فساداً، وحينما اطمأن الكباشي لتدبير الجيش وجاهزيته لخوض غمار معارك ماتبقى من الخريف ومع دخول فصل الدرت أي موعد تذوق أهل كردفان لثمرات حصاد زراعتهم. ولكن بكل أسف واسي إن الأيادي المعروقة التي( تزرع وتحش) وتجنكب الفول والعيش البشيل الكرميش أصبحوا ضحايا، فرض عليها التمرد نزوحاً قسرياً فأصبحوا يتقاسمون ظلال أشجار النيم واللالوب، في طرقات مدينة الابيض، التي لم تضق بأهلها، وقد أخرج التمرد كردفان من دائرة الانتاج، كما أخرج التمرد دارفور من قبل.

📌وفي صمت وبعيد عن الأضواء عقد الفريق شمس الدين كباشي اجتماعاته العسكرية واطمأن لموقف الفرقة الخامسة، التي هي من يقود عمليات تحرير كردفان ودارفور حتى الفاشر لفك الحصار، وتؤول القيادة عندئذٍ للفرقة السادسة، وبذلك نجح الفريق شمس الدين كباشي في ترتيب أوضاع القوات المنتشرة في الأبيض، وضاقت بممارسات بعضها الأهالي.
2️⃣

📌خرج شمس الدين كباشي يوم الأربعاء من الاجتماعات التي تمت احاطتها بسريةٍ شديدة، ودون خلع الرداء العسكري إلى حكومتي شمال وغرب كردفان، ومن خلال اجتماعات مفتوحة وخطابات مباشرة ورسائل أعادت للأذهان تلك الرسائل التي بعث بها شمس الدين كباشي نفسه من كادقلي والدلنج وكالوقي للرأي العام السوداني قبل نشوب الحرب بقليل، وتلك الرسائل التي قالت في وضوح ومن غير

لجلجة لا بديل للقوات المسلحة الا القوات المسلحة، وحينها كان المبعوث الأممي فوكلر وقوى الحرية والتغير قد ابرمت ليلاً اتفاقاً في ظاهره سياسي وفي جوهره يستهدف إحلال مليشيات ام باغه وانبش والجنجويد مكان القوات المسلحة !! عبر إرغام القوات المسلحة بتخويفها بالتظاهرات الشعبية، والقوة الرادعة لحميدتي، ولكن كباشي قالها بصوت عالي جعل كثير من المترددين والذين أصابهم الخوف والجزع يبدون قدراً من التماسك.

📌 واليوم بعد أن ظن البعض ان الجنجويد لا غالب لهم إثر سقوط النهود والخوي والدبيبات وبعدها أن انتفخت اوداجهم غروراً وصلفاً، يعلن الكباشي بثقة المحارب القديم، والمخطط العسكري والرجل الشجاع الذي بدأ تنفيذ مخطط الجيش لكسر عنق المليشيا من جبل مويه الذي تدفقت منه الانتصارات حتى غمرت

المليشيا التي كانت تتخندق في كافوري والكلاكلة وتقاتل من وراء جدر محصنةً، ولكن اقتلعها الفرسان بالاصرار والثبات ساعات اللقاء ودفنت القوات المسلحة في تراب الخرطوم أشرف الشهداء، وعندما نقول القوات المسلحة نعني كل التشكيلات من المشتركة والبراءون وجهاز الأمن والشرطة

والمجاهدين المخلصين، واليوم يعلن شمس الدين كباشي عن أهداف القوات المسلحة، ويقول في رسالة بليغة (اشتقنا لليمون بارا) حيث ينتظر أن تخوض القوات المسلحة بعتادها الجديد، وبما تملك من جاهزية عالية جداً، معركةً لن يخرج منها بإذن الله جنجويديٌّ واحد منسحباً إلى الغرب، كما انسحبت المليشيا عبر جسر جبل أولياء، وفعلت الأفاعيل في ديار الجموعية.

📌 وتكشفت مواهب الكباشي في مخاطبته فأظهر ثقافته الشعبية وعمق اطلاعه حتى على التراث الغنائي لدار حمر والبديرية والنوبه والحوازمة، والكباشي في حديثه الذي سارت به الركبان وبثته

الفضائيات في أركان الدنيا أعلن الحرب على المليشيا في الفضاء المفتوح، وقال كلمته للتاريخ لإدارة معركة لتحرير كردفان ودار فور من التمرد الذي ظن أنه صار دولة بتشكيل حكومة أبلغ وصف لها قاله مني اركو مناوي بأنها حكومة تيمم، فإذا حضر المال بطل التيمم، وما الماء الا وصول متحركات التحرير إلى الفاشر. وكباشي الذي يشاع ظلماً وتغبيشاً لوعي الناس،

وللاستثمار في خلافات مصنوعة، عقد اجتماعات مطولة مع القوات المشتركة في الأبيض، بل الكباشي هو قدم الدعم للقوات المشتركة التي هي من الجيش وإليه وتقاتل من أجل السودان ويحظى قادة المشتركة عند الرجل بتقدير كبير جداً، بل كان

الكباشي مفتاح الأزمة التي أطلت مع التشكيل الوزاري الأخير وهو من جمع جبريل ومناوي عبدالله يحي والبرهان وياسر العطا وإبراهيم جابر في هجعة ليالي بورتسودان الدافئة حينها ومناخها الساخن وصب الماء البارد على الحديد الساخن وحدث الإنفراج الذي تمناه كل مخلصٍ.

📌وقبل أن يعود الكباشي إلى الخرطوم بدأت فلول الجنجويد في الهروب من ميدان المعركة خاصة على طريق الأبيض الدلنج خوفا من مصيرٍ ينتظرهم
في الأبيض. اتخذ الفريق شمس الدين كباشي قرارات هي ذات القرارات التي اتخذها بخروج القوات المسلحة من الأحياء السكنية ومن دور التعليم والوحدات الإدارية ورفع التكليف عنها نهائيا بشأن حفظ أمن المدن وايلولته للشرطة، رغم أن البعض في

الخرطوم قد أبدى تحفظه علي توجيهات شمس في هذا الصدد، ولكنه ثبت الآن صواب القرار. وبالابيض يمثل خروج الجيش من 28 مدرسة بالمدينة وتقدمه نحو أهدافه العسكرية خطوة هامة لتطبيع الحياة المدنيه، التي ينادي بها الشباب منذ سنوات ولكن من يستطيع اخراج النازحين من المؤسسات الحكومية

في الأبيض، التي فاضت بالقادمين من النهود والدبيبات والفوله والدلنج وقد تفشت وسط النازحين مرض العشي الليلي بسبب نقص الغذاء والجوع الذي يحاصر القرى التي لم يتبق منها إلا القليل من السكان.
3️⃣

📌اذا كان الفريق الكباشي قد أطلق يد القوات المسلحة للتحرك نحو مقاصدها لتحرير مدن كردفان فإن المليشيا موعودة ببقية من خريف غضب البرهان ومطر الدرت الذي تصاحبه غالباً الزوابع الرعدية والعواصف، ولكن إذا فك الحصار عن فاشر السلطان فإن كل القوات التي صمدت وقاتلت بشرف وشجاعة تستحق الترقيات والتحفيز المعنوي والمادي،

ويستحق والياً مثل محمد الحافظ بخيت الذي صمد في وجه الميليشيات والحرب والحصار وهو والياً على شمال دارفور، ومحمد الحافظ الذي ظل يرتدي الكاكي

ينام في خنادق المقاتلين ورفض الخروج من الفاشر لم يهرب أو ترعبه أصوات المدافع ولا سقوط الدانات ولا مسيرات الإمارات ومحمد الحافظ بخيت ضابط إداري له خبرة طويلة جدا في الحكم المحلي، والرجل

منذ تخرجه من الأكاديمية الإدارية ضابطا صغيرا تنقل مابين سرف عمرة ونيالا وكأس وبرام وشعيريه في كل هذه المحطات ظل محمد الحافظ صابراً على التمرد الدارفوري ومحافظاً علي رباطة جاشه، وتنقل الرجل مابين السريف بني حسين وكبكابية وصعد إلى

منصب أمين عام حكومة شمال دارفور، ورجل بهذه السيرة جديرٌ بمنصب الوالي، ولم يجد البرهان ومني اركو مناوي حاكم إقليم دارفور، من هو اهلٌ لهذا الموقع الا محمد الحافظ، وأثبت كفاءته وشجاعته وهو يواجه الموت بالثبات، والرصاص بالعزيمة،

والجوع بربط البطون، فلم يهرب أو يخرج في جنح الظلام من الفاشر حتى اليوم !! مثل هذا الوالي يستحق التكريم والترفيع لأنه من أهل العزائم الذين يعفون عند المغانم، ومثله في كادقلي الوالي

عبدالكريم الذي صبر وصمد لمدة عامين وسته أشهر في وجه الحصار والهجمات المتتالية للحركة الشعبية، وظل الوالي مرابطاً في كادقلي مثل كافي طيارة البدين، ومثل اللواء فيصل السائر الذي ظل يقود

متحركات الجيش بنفسه فلا يهاب الموت، ولم تتبق الا ايامٌ معدودةٌ بإذن الله، وتبلغ القوات المتجه إلى الدلنج مقاصدها، وتقضي على فلول المليشيا التي جمعت كل قوتها في الدبيبات، ولكن اولاد شمس الدين كباشي قادرين بمشيئة الله على فك الحصار عن جبال النوبة، بعد أن فك البرهان اللجام الأسبوع الماضي.
✒️يوسف عبد المنان..
6 سبتمبر 2025م

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى