مقالات

رحمة عبدالمنعم يكتب :إبراهيم الحُوري… رصاصةٌ وقلم

رحمة عبدالمنعم يكتب :إبراهيم الحُوري… رصاصةٌ وقلم

 

 

في سجلِّ الرجالِ الذين جمعوا بين سلاحِ الميدان وسلاحِ الكلمة، يسطعُ اسمُ العقيدِ ركن إبراهيم الحُوري فارساً جسوراً وعَلَماً من أعلامِ الوطنية والإخلاص، رجلٌ لم يعرف التراجعَ ولا المساومةَ على قضايا الوطن، بل حملَ بندقيتَه مقاتلاً في معاركِ الكرامة ضد مليشيا الدعم السريع، يخوضُها بكل ما أوتي من بأسٍ وعزيمة، حتى أصابتْه جراحُ البطولة التي لم تَزِدْه إلّا صلابةً وفخراً، وجعلتْ ندوبُها على جسده وساماً يُذكّر بتاريخٍ ناصعٍ من البذلِ والتضحية.

تولّى الحُوري قبل الحرب رئاسةَ تحريرِ صحيفةِ القوات المسلحة، فحوّلها إلى منبرٍ راسخٍ يَصدحُ بصوتِ الجيش وقضاياه، ويُعبِّر عن رسالته وأهدافه، فكان القلمُ في يده جندياً لا يقلُّ شرفاً عن المقاتل في ساحات الوغى،وحين حاولت دعاياتُ الخصوم أن تنالَ من الجيش، تصدّى لها

بقلمه الشجاع، خاصةً أثناء شراكة العسكريين مع قوى الحرية والتغيير، فكان قلمه جريئاً كرصاصةٍ صادقة، يُفَنِّدُ الباطل ويُواجه الأكاذيب بلا تردّد، حتى ضاق خصومُه ذرعاً بحدّة عباراته ووضوح موقفه، فرفعوا أمره إلى القيادة شاكين من كلماته، غير أنّه ظلّ ثابتاً لا يُساوِم ولا يُهادن.

وما إن أُصيبَ في ميادين الكرامة حتى حملَ قلمه، يُواصل به القتال على جبهةٍ أخرى لا تقلُّ خطورةً عن جبهة الرصاص، فكان صوته على منصة (فيسبوك) سلاحاً يشحذُ هممَ المقاتلين، ويعزّزُ روحَ الصمود، ويبدّدُ أباطيلَ الشائعات والدعايات،لقد أصابت جسده جراح المعارك، لكنه استمر يقاتل بالقلم كما كان يقاتل بالسلاح، ثابتاً لا تضعفه الجراح ولا تُثنيه الصعاب،، ولا يُرهبه ضجيج الخصوم.

واليوم، إذ يترجّل العقيدُ ركن إبراهيم الحُوري عن صهوة القوات المسلحة بعد قرار إحالته للتقاعد في هذا الأربعاء، فإنّ خروجه من الخدمة النظامية لا يعني انطفاءَ جذوة عطائه، فقد بقيت كلمتُه مشعلاً من نور، وسيبقى أثرُه في الذاكرة الوطنية ماثلاً كشاهدٍ على رجلٍ جمع بين شرف القتال وشرف القلم.

الحُوري لم يكن مجرّد ضابطٍ مقاتل أو كاتبٍ مُتمرّس، بل كان إنساناً تقيّاً ورعاً، نقيَّ السيرةِ عفيفَ اليدِ واللسان، يكتب بمفردةٍ أنيقةٍ تنبضُ بصدقٍ وإخلاص، تُلامسُ الوجدانَ وتُلهبُ العزائم،عرفه زملاؤه فارساً لا يلين، وعرَفه القرّاء كاتباً نبيلاً يخطّ بالحبر ما يعجز غيرُه عن قوله بالرصاص.

إنّ إبراهيم الحُوري، وهو يودّع بزّتَه العسكرية اليوم، لا يودّع رسالتَه، فما بين يديه من إرثٍ وطنيّ وفكريّ يظلُّ ممتداً ما امتدّت الحياة، سيبقى شاهداً على أنّ الوفاء للوطن لا ينتهي بآخر طلقة، بل يستمرُّ مع آخر كلمة، وأنّ صوت الحقّ يظلُّ أبلغَ من كلِّ سلاح.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى