مقالات

صديق البادي يكتب: هل تنفصل دارفور كما انفصلت دولة جنوب السودان ؟!

صديق البادي يكتب: هل تنفصل دارفور كما انفصلت دولة جنوب السودان ؟!

 

الاجابة بكل تأكيد لا وإذا أُجرى استفتاء في دارفور مثل الاستفتاء الذي أجرى عام 2011م في جنوب السودان وفاضلوهم فيه بين الوحدة والبقاء في الوطن الأم أم بين الانفصال وفضلوا بمحض رغبتهم وإرادتهم الحرة الانفصال فالمؤكد أن أهل دارفور يتمسكون بالوحدة والبقاء في وطنهم وهم جزء أصيل فيه ويرفضون رفضاً باتاً الانفصال ومنهم من لهم ممتلكات وعمارات وعقارات في العاصمة القومية وللكثيرين وجود كثيف في الاحياء الشعبية بالعاصمة وفي كل أرجاء القطر الأخرى وحدثت مصاهرات وزيجات لا تحصى واختلطت الدماء بينهم وبين الآخرين والانفصال مرفوض منهم جميعاً داخل دارفور وخارجها لأنه ينزع منهم حقوق المواطنة إذا تم ويجعلهم أجانب أو ضيوف .

ودارفور كانت مظلومة في التنمية والخدمات في عهد الاستعمار وفي بعض عهود الحكم الوطنية مع بعض الاشراقات والانجازات التي لا ينكرها أحد مثل الحملة القومية المحلية والعالمية لمحاربة العطش في دارفور في عام (1970م) التي اعلنها وقادها النميري رئيس ذلك النظام بنفسه ووجدت الحملة استجابة وتفاعلاً واسعاً محلياً واقليمياً وعالمياً وحققت نجاحاً باهراً منقطع النظير وأنهت الأزمة المزمنة وكان مزارعو مشروع الجزيرة وامتداد المناقل بتبرعاتهم السخية التي جمعوها مباشرة بالاضافة لما خصم من ارباح القطن من كل مزارع في ذلك العام وأُعلن في وسائل الاعلام إن مزارعي مشروع الجزيرة وامتداد المناقل على رأس قائمة

الداعمين والمساهمين في انجاح تلك الحملة …. وفي ربع القرن الأخير تؤكد الحقائق والمعلومات والاسماء والارقام الموثقة أن دارفور في العهد السابق كانت هي صاحبة القدح المعلى والحظ الأوفر والنسبة الأكبر في قسمة السلطة على كافة المستويات السيادية والتنفيذية والتشريعية والولائية مع عشرات المعتمدين في عشرات المعتمديات في دارفور بل إنها نالت سلطة اقليمية انفردت بها وحدها ولم ينلها غيرها مع تولي اربعة من أبناء دارفور مناصب ولاة خارج دارفور في الولايات (الشمالية ونهر النيل وكسلا والنيل الأبيض) وهذا شئ

طبيعي وحق مشروع لا اعتراض عليه لأنهم سودانيون ومن حقهم أن يعملوا في أية ولاية أو منطقة فيه وتولي آخرون من أبناء دارفور مناصب معتمدين ووزراء ولائيين في ولايات أخرى خارج درافور …. وتؤكد الأرقام الموثقة بوزارة المالية وصندوق دعم الولايات أن دارفور الكبري بكل ولاياتها نالت الحظ الأوفر والنصيب الأكبر في دعم التنمية والخدمات وإستدباب الأمن وتكملة النقص في الفصل الأول المتعلق بالمرتبات ولم يعترض أحد على ذلك تقديراً لظروفها الاستثنائية وقتئذ وتعويضها عن الظلم الذي حاق بها في الماضي أما ولاية الجزيرة فإن الأرقام الموثقة تؤكد أنها كانت في ذيل الولايات التي نالت دعماً من صندوق دعم الولايات في العهد السابق وقوائم

شاغلي الوظائف الدستورية في ذلك العهد منذ بدايته وحتى نهايته موثقة ومرصودة بدقة وتؤكد أن عدد شاغليها من أبناء الجزيرة كان ضئيلاً ولم يكن ذلك يشغل بال أحد أو يجذب اهتمامه لأن الجزيرة تعتبر شاغلي الوظائف الدستورية من كل بقعة في السودان هم من ابنائها وهي امهم الرؤوم الحنون التي رضعوا من ثدييها المدرارين …والجزيرة ومشروعها العملاق الجريح الذي كان يعتبر من الأصول الاقتصادية القومية الكبرى يحتاج لوقفة منفصلة وهو الآن في أسوأ وأردأ أحواله .
وإن المؤامرة الكبرى الآثمة التي تم التخطيط والتدبير والتنفيذ لها رصدت لها أموال طائلة وميزانيات مفتوحة ضخمة لاحداث انقلاب وتغيير جذري في السودان يفقده سيادته وعزته وكرامته ليكون مسلوب الإرادة منزوع

السيادة وتابعاً ذليلاً للقوى الأجنبية في الخارج وكانوا على يقين أن انقلابهم سينجح وكانوا في صبيحة يوم السبت الموافق الخامس عشر من شهر ابريل عام 2023م في انتظار اذاعة البيان الأول وما بعده من مراسيم وقررات رئاسية وتعيينات في الوظائف الدستورية وكل شئ كان معداً وجاهزاً وفشل انقلابهم وخاب فألهم واسقط في ايديهم واشعلوها بعد ذلك حرباً انتقامية عنيفة شرسة ذات شقين والشق الأول متعلق بالصراع حول السلطة واللهث خلفها بأقذر السبل والوسائل بارتكاب جرائم فظيعة ضد الانسانية وتدمير مؤسسات وبنى تحتية للدولة وفشل مخططهم وهزموا هزيمة نكراء وأصبح وصولهم للسلطة والامساك بمقاليد الأمور في

البلاد من المستحيلات كالغول والعنقاء والخل الوفي ومخططهم في الشق الثاني من الحرب هو اهانة واذلال الشعب السوداني وجندوا لذلك المجرمين واللصوص والقتلة وسافكي الدماء والمخمورين ومنتهكي الاعراض ومتعاطي المخدرات والمرتزقة المجرمين القادمين من بعض دول الجوار الافريقي والجرائم البشعة التي ارتكبها كل هؤلاء لا مثيل لها الآن في العالم ولا مثيل لها في السودان في تاريخه الطارف والتليد وتأنف الكلاب الضالة والوحوش المفترسة عن ممارستها وظن اللاهثون وراء السلطة أن هذه الممارسات الوحشية يمكن أن تكون أداة ضغط للجلوس معهم في جنيف او غيرها أو في جزر واق الواق في طاولة مفاوضات لاقتسام السلطة وكانت

المفاوضات متاحة للجلوس في طاولتها وتنفيذ موجهات أو قرارات ملتقى جدة في شهر مايو 2023م ووقتها كان يمكن الجلوس مع الدعم السريع ممثلاً في المعترف بهم رسمياً ولهم ملفات خدمة في الدولة ولكن لا يمكن بعد ذلك الجلوس في طاولة مفاوضات مع القتلة والمجرمين واللصوص ومنتهكي الاعراض من شذاذ الآفاق .والصفحات السوداء التي تحوي جرائمهم قد انهت أي وجود سياسي للدعم السريع الذي فقد كل سند كان يجده من الموالين له قبل اندلاع الحرب وقد تبرأوا بعد أن ظهر لهم وجهه الاجرامي القبيح ….. وحتى ولو افترضنا أن انقلابهم قد نجح فالمؤكد أن يحدث بعد وقت قصير صراع بين قيادة الدعم السريع التي تريد أن تحكم وتهيمن وبين قيادات قحت إذا سعت لفرض رؤاها

والامساك بزمام الأمور وإذا احتدم الصراع فإن الدعم السريع يحسمه بالسلاح ويرسلهم للمقابر بدم بارد . والآن فإن لكل منهما حكومة معلنة لا وجود فعلي لها على أرض الواقع ولا يهتم أو يحس بها احد واحداهما اظن أن اسمها حكومة التأسيس وهي حكومة الدعم السريع ومن والاها والأخرى هي حكومة الطرف الآخر الذي يحمل كل مرة اسماً جديداً مرة قحت ومرة (شنو كدا ماعارف ) وآخرها صمود أو شئ من هذا القبيل وعلى رأسها رئيس وزراء الفترة الانتقالية السابق الذي قدم استقالته وقبلت منه وغادر السودان قبل عدة سنوات وأخذ في الخارج يعلن أنه رئيس الوزراء الشرعي في السودان وعند مرور ستين عاماًً على ثورة اكتوبر وجه سيادته في يوم 21 اكتوبر عام 2024م خطاباً للشعب السوداني بهذه المناسبة وكأنه زعيم الأمة وخلاصة القول إن الطرفين يسيران الآن في

خطين متوازيين وانتهى التحالف الانتهازي بينهما الذي بدأ في ايام الاطاري وما صحبه من تخطيط للانقلاب الذي أدي للحرب الكارثية وأخذ كثير من قادة القحاطة يتبرأون منها بعد أن ساهموا في البداية في اشعالها وبدأوا يرددون أن الحرب أسبابها سياسية ويتطلب هذا إجراء مفاوضات سياسية وتركيزهم وهمهم هو الجلوس على كراسي السلطة والشعب السوداني يعاني من ويلات وفظائع المجرمين .

والوطن الآن بعد الخراب والدمار الذي حل به يتطلب وجود حكومة فترة انتقالية قوية لاعادة تعميره ويقودها رجال دولة اقوياء من الطراز الأول من الخبراء والتكنقراط المستقلين الذين يكون ولاؤهم للوطن وتكون الحكومة واجهزتها حكومة ظاهر تملك ارادتها ولا تسمح لأية دوائر ضيقة وقوة باطنية أن تفرض وصايتها وضغوطها واستاذيتها عليها وهذا يتطلب قدراً من الصرامة ووضوحاً تاماً لا غموض فيه لمحاولة اللعب بالبيضة والحجر .

والدعم السريع والقوة الأجنبية التي تدعمه وتقف خلفه أصبح كل تركيزهم منصباً على دارفور والفاشر محاصرة من جانبهم والجيش والقوات المشتركة والمستنفرين يقاومونهم بشدة ويصدونهم وهم بحصارهم للفاشر يظنون واهمين أن الفاشر إذا سقطت يسهل ذلك عليهم الدخول في مساومة وتكون دارفور فيها هي الضحية ولكن مع من تتم هذه المساومة التي ستجد الرفض . ويمكن أن تكون أهدافهم المرحلية إذا سقطت الفاشر أن يجعلوا دارفور مثل كادوا التي اعتبرتها الحركة الشعبية جناح الحلو مقفولة لها لا يسمح بالدخول فيها إلا بأذن ورفعوا فيها اعلام الحركة الشعبية وامتلأت بالخواجات

الذين تهبط طائراتهم وتقلع وتغادر وهي مليئة بخيرات وثروات كاودا دون حسيب أو رقيب تحت سمع وبصر (المناضل) الأستاذ عبد العزيز الحلو وبذات الطريقة يريدون الاستيلاء على ذهب دارفور ومعادنها النفيسة وخيراتها الكثيرة الوفيرة المتنوعة وهدفهم النهائي الذي يسعون إليه هو فصل دارفور قهراً وقسراً بعد إحداث قلاقل وفتن داخلية دموية بين قبائلها وإثنياتها وتبعاً لذلك فإن كل المؤشرات والدلائل تؤكد أن حصار الفاشر سيتواصل مع استمرار الدعم الخارجي بالأسلحة

 

والمعدات والمقاتلين دون توقف وكل يوم بفقد السودان عدداً من اعز بنيه في الفاشر والسيد مني أركو مناوي حاكم اقليم دارفور كان يباشر عمله من بورتسودان وهو معذور إذا يستطع مباشرت مهامه من عاصمة الاقليم الفاشر لأنها محاصرة ولم يباشر سيادته مهامه من احدى عواصم ولايات دارفور لأسباب أمنية وظل من بورتسودان يباشر بث تغريداته الكثيرة التي لا تنقطع ولعله خروجه من السودان غاضباً تزامن مع التشكيلة الوزارية الأخيرة .

وأبناء السودان من كل ولاياته يشغل بالهم ويقض مضاجهم الذي يجري في فاشر السلطان واستشهد عدد كبير من أبناء السودان من كافة الولايات وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الملازم أول حمزة حيدر حمزة وهو شاب محبوب على خلق ودين واستقامة وتهذيب وأدب عرف به منذ نعومة اظافره قد استشهد في شهر اغسطس الجاري نسأل الله سبحانه وتعالي أن يتقبل شهادته وينزله الفردوس الأعلى وهو من أهلي وأنا جده ( وفي الحساب أنا خال والده حيدر رحمه الله )وقد استشهد معه عدد من ولايته الجزيرة وهذا يؤكد أن كل أبناء السودان لسان حالهم يردد (دارفور بلدنا) وعلى السيد مناوي ألا يضيق واسعاً وألا يضيق صدره وهو الآن في باريس أو في

غيرها يبث تغريداته من الخارج بينما هؤلاء الشباب يفتحون صدورهم للردى دفاعاً عن فاشر السلطان وهو المسؤول الأول عن دارفور (ولو إسمياً ) ومكانه الطبيعي أن يكون داخلها أو في أي مكان داخل السودان ليبحث مع الآخرين كيفية الخروج من هذا النفق المظلم … وإذا بلغت الخصومة حدها الأقصى بين طرفين وتدخل طرف ثالث للصلح بينهما فإنهما يوافقان وقد يردد كل منهما قبل الجلوس للصلح :
(ومن نكد الدنيا على الحر أن يري عدواً له ما من صداقته بد) والآن لا بد مما ليس له بد والضرورة تقتضي الجلوس في طاولة واحدة وإجراء مفاوضات مباشرة بين السيد رئيس مجلس السيادة السوداني والوفد الرفيع المرافق له وبين السيد رئيس دولة الامارات وشقيقه رئيس

المخابرات والوفد الرفيع المرافق لهما . والسودان قد انتصر وهزم المخطط الإنقلابي الكبير وعند الجلوس للمفاوضات فالمتوقع أن تكون بين طرفين ليس بينهما منتصر ومنهزم وبذات المستوى لا يكون بين الطرفين استعلاء من طرف ونظرة دونية للطرف الآخر الذي يمثل وطناً يعج بالعلماء والخبراء في كافة المجالات وهم يسدون عين الشمس مع وعي مرتفع بين كل فئات الشعب العظيم وهم ليسو رجرجة ودهماء وغوغاء ليتم التعامل معهم بدونية والسودان أيضاً غني بموارده الهائلة المتنوعة ولو تم استثمارها لأضحى هو الأغنى ومما يساهم في تسهيل نجاح المفاوضات أن العلاقات طيبة بين الشعبين الشقيقين ولحكيم العرب المحبوب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله حباً وتقديراً ومكانة خاصة عند السودانيين

وأن الاستعماري الخبيث فولكر كان يحشر أنفه في شؤون السودان الداخلية ويتعامل وكأنه حاكم عام السودان الخفي غير المعلن وهو خلف كل المآسي والكوارث التي حدثت وخلف الفتنة وإشعال الحرب بين الجيش السوداني الباسل والدعم السريع ومستشاروه أو مستشاره كان أكثر خبثاً منه . وإن ابليس لعب بعقل آل دقلو وصاروا أداة طيعة في يده يحركهم كيف يشاء وانساقوا خلفه (والطمع ودر ما جمع ) فقادهم لمصيرهم الأسود وقادوا البلد لهذا الواقع المزري وبذات القدر فإن ابليس ومن معه ضللوا رئيس الامارات وشقيقه رئيس مخابراته بمعلومات خاطئة وتحليلات كاذبة وخطط خيالية جهنمية تجافي الواقع والمطلوب الآن فتح صفحة جديدة بين السودان ورئاسة دولة الامارات يلتزم فيها كل بلد بسيادة البلد الآخر وعدم التدخل في شؤونه الداخلية

والاتفاق على التعاون والتكافل والتكامل الاقتصادي ولا احد يعترض على الاستثمارات الاماراتية في السودان مع حفظ حقوق كل طرف كاملة غير منقوصة مثل ( ميناء ابوعمامة – الفشقة – الذهب و…. الخ) شريطة أن يكون عبر دراسات يعدها الفنيون في الطرفين وتبحث عبر القنوات بطريقة فيها ندية واحترام لسيادة الدولة دون محاولة للأخذ بالزندية وتلك محاولة فاشلة في فترة الضعف والتيه السابقة . والامل أن تكون المفاوضات في القاهرة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو الأنسب للقيام بهذه الوساطة . .. ونأمل أن يفك الحصار عن الفاشر قريباً .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى