مقالات

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب: ..بهدوء وتدبر..هل تعود حكومتنا للطريق الصحيح لحل مشكلة البلاد ؟

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب: ..بهدوء وتدبر..هل تعود حكومتنا للطريق الصحيح لحل مشكلة البلاد ؟

 

 

 

رغم أن حل مشكلة نهضة السودان بسيط ويمكن تنفيذه بسهولة ويسر وبلا تكاليف وهو تحرير اقتصاده تحريرا كاملا وضبط أداء الدولة إلا أن كل الحكومات التي تعاقبت على بلادنا تنكبت الطريق الصحيح للنهضة الشاملة وسارت بدون رؤية استراتيجية متكاملة تغطي كل مناحي الحياة .

فالدمار الشامل الذي شهدته بلادنا في معظم أرجائها جراء الحرب ليس هو أول الخراب فقد سبقته عقود منذ استقلال السودان سارت فيها بلادنا في طريق التخلف وانحلال الأداء .

وقد ثبت بما لا يدع مجالًا للشك عبر تحارب البشرية ، أن نهضة الشعوب الحقيقية لا تنجح بتطوير قطاع دون آخر، أو بترقيع مواضع الخلل في جسد الدولة المتهالك، بل تقوم النهضات الكبرى على خطة متكاملة، تَستند إلى التحرير الكامل لكل طاقات المجتمع، وتُطبق ضمن منظومة شاملة وعادلة وعصرية تضبطها وتحكم حركتها.

لكن تظلّ الخطة وحدها، مهما بلغت من جودة وإتقان، غير قادرة على إحداث التحول المطلوب إذا نُفذت في بيئة خانقة، تخنق الاستثمار، وتُعطل الحريات، وتُقيد المبادرات. ولهذا، فإننا نقرر بكل وضوح أنه لا يمكن إحداث نهضة حقيقية شاملة ألا بركنين أساسيين وهما:
1. التحرير المطلق للاقتصاد، والتجارة، والاستثمار، وتحرير الأسواق والعملات والتراخيص والإجراءات، بلا قيود بيروقراطية عقيمة ولا احتكار ولا دعم مصطنع مشوّه للسلع يرهق ميزانية الدولة ويحد من قدراتها على أداء واجباتها الأساسية .

2. منظومة التحول الرقمي الشامل: التي تجعل الدولة تُدار بالأنظمة الذكية، من الاقتصاد إلى التعليم، ومن الصحة إلى الزراعة، وتجعل كل خدمة حكومية إلكترونية، سريعة، شفافة، وقابلة للرقابة والمحاسبة.
إن تحرير الإنسان والمال والفرصة، مع الرقمنة الشاملة المنظمة، هو ما يُحْيي الدولة من مواتها، ويجعل الشعب منتجاً، والخزينة مليئة، والاستثمار مندفعاً، والبطالة

متلاشية، والدورة الاقتصادية دائرة. بهذا وحده يُصبح تنفيذ الخطط المتكاملة أمراً تلقائياً، ومجدياً، ومستداماً.
هناك قطاعات كبرى تشمل وجوه الحياة جميعاً
كل وجه منها يمكن تصنيفه ضمن أربعة عشر قطاعاً رئيسياً متشابكاً، تمثل نسيج الدولةوالمجتمع وكلها يجب أن تنهض معا نهضة متزامنة :
1. التعليم (العام، العالي، الفني، الديني، تعليم الكبار، البحث العلمي، التدريب).

2. الصحة (الخدمات العلاجية، الوقائية، النفسية، التأمين الصحي، الطوارئ).
3. القانون والعدالة (القضاء، النيابة، التشريعات، السجون، حقوق الإنسان).
4. الاقتصاد والتمويل (النقد، المصارف، الضرائب، الاستثمار، التجارة، التمويل الأصغر).
5. الزراعة والثروة الحيوانية (الإنتاج الزراعي، الحيواني، الأمن الغذائي، الري، البحوث).

6. الصناعة والطاقة والتعدين (النفط، الكهرباء، الطاقة المتجددة، الصناعات الصغيرة).
7. النقل والمواصلات (الطرق، السكك الحديدية ، الطيران، الموانئ، النقل العام، تنظيم المرور).
8. الإسكان والتخطيط العمراني (الإسكان، المدن الجديدة، الخرائط، السكن الريفي).
9. البنية التحتية والخدمات (المياه، الكهرباء، الصرف الصحي، الاتصالات، الإنترنت، النظافة).

10. الحوكمة والإدارة (الإصلاح الإداري، الحكم المحلي، الشفافية، الرقابة، مكافحة الفساد).
11. الأمن والدفاع (الجيش، الشرطة، المخابرات، الأمن السيبراني، الحدود).
12. العلاقات الخارجية (الدبلوماسية، المنظمات الدولية، الأمن الإقليمي).
13. الأوقاف والشعائر 9(المساجد، الفتوى، الوقف، القيم الإسلامية).

14. الإعلام والاتصال (الصحافة، التلفزيون، الإعلام الرقمي، السياسات الإعلامية).
هذه القطاعات ليست جُزراً معزولة، بل هي جسدٌ واحدٌ، تتفاعل أطرافه وتتكامل وظائفه. ونجاح كل قطاع لا يتم إلا بنجاح الأحح. فكيف يمكن للصحة أن تنهض دون تعليم جيد؟ أو للزراعة أن تنتج دون تمويل واستثمار؟ أو للعدالة أن تستقيم دون حوكمة ورقابة؟ أو للإعلام أن ينهض دون حرية وعدالة وسيادة قانون؟

خطة بلا تحرير للإقتصاد لا تعدو أن تكون ترقيعاً مهترئاً
لهذا نُعلن بكل يقين أن تنزيل خطة شاملة بلا فتح بابيْ التحرير المطلق والتحول الرقمي الشامل، هو كمن يُطيّب جسدا متعفنا، فيزيد الطيب من نتنه، أو يرقّع ثوبا مهترئها، فيزداد تمزقًا. لأنك مهما خططت وأبدعت، فإنك إن لم تُحرر الطاقات وتفتح الأسواق وتُدخل الرقابة الرقمية الصارمة، ستواجه الفساد، والبطالة، والعطالة، وهروب الاستثمار، وضيق العيش، وسخط الناس.

أما إذا فتحت هذين البابين العظيمين، فإن الدولة تنبعث من العدم، وتغتني، وتُحسن تقديم الخدمات، وتُفعّل كل قطاع، وتُسرّع التنمية، وتُراكم الإنجاز، فيظهر أثر ذلك على كل فرد وأسرة، ويزداد الأثر بمعادلة متصاعدة هندسياً لا حسابياً.
إن هذه الرؤية ليست أمنية، بل ضرورة. وهي ليست تنظيراً، بل عصارة تجارب دول نهضت من الفقر إلى الريادة. فلتكن هذه هي نقطة الانطلاق، لا في التنظير، بل في القرار والتنفيذ. ولتكن إرادة الشعب هي الدافع، وسلطة الدولة هي الحاضن، حتى نضع أقدامنا على أول الطريق الصحيح.

محمد عثمان الشيخ النبوي

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى