إبراهيم شقلاوي يكتب:..وجه الحقيقة..أما آن للجماهير أن تقول كلمتها ؟!

إبراهيم شقلاوي يكتب:..وجه الحقيقة..أما آن للجماهير أن تقول كلمتها ؟!
في ظل المشهد السياسي السوداني المتأزم ، تبرز تساؤلات جوهرية حول دور الجماهير في حسم الصراعات السياسية المستمرة ، والتي تسببت في استنزاف البلاد وفتح الباب أمام التدخلات الخارجية . المشهد الراهن يكشف عن تزايد الحراك الشعبي الداعم
لوحدة السودان، والمناهض لمحاولات فرض واقع سياسي موازٍ يعكس أجندات خارجية في هذا المقال نستعرض التحركات الإيجابية للجماهير في عدد من الولايات امساكا بزمام المبادرة لتشكيل المرحلة القادمة بعد أن كثرت الأحاديث الجوفاء التي لا تدرك خطورة ما تمر به البلاد .
خلال الأيام الماضية شهدت مدن سودانية عدة، مثل عطبرة والقضارف وبورتسودان والخرطوم الدمازين وسنار حشودًا شعبية تعلن دعمها للقوات المسلحة في
مواجهة التهديدات التي تفرضها مليشيا الدعم السريع المتمردة وحلفاؤها الإقليميون . هذا الحراك يعكس مستوى عاليًا من الوعي السياسي لدى الجماهير التي تدرك أن الحفاظ على سيادة السودان واستقراره يقتضي دعم المؤسسات الوطنية الشرعية .
القيادات المجتمعية في هذه الولايات أكدت دعوتها لوحدة البلاد ، حيث قال رئيس الحركة الجماهيرية للتعايش السلمي بشرق السودان محمد علي أبوعلي أمس بحسب “اخبار السودان” إن توحيد الصف الوطني ضرورة ملحة ورفض أي محاولات لزرع الفتنة بين المكونات
السودانية المختلفة . ويرى أبوعلي أن الحراك الشعبي مؤشر على أصالة النسيج الاجتماعي وقدرته على التصدي لمخططات زعزعة الاستقرار ، حيث تعكس مثل هذه التحركات مدى فعالية المجتمع المدني وأثره في توجيه الخطاب السياسي ، في وقت يتحدث فيه السياسين باسمه دون تفويض .
تؤكد الجماهير السودانية ، من خلال حشودها وفعالياتها التي تابعناها عبر الوسائط الإعلامية ، رفضها القاطع لمحاولات تشكيل حكومة موازية من قبل قوى سياسية معارضة مدعومة من أطراف خارجية . والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة “مانشيت” شدد على أن السودان لا
يمكن أن يُحكم إلا بإرادة شعبه ، وأن أي محاولات لفرض واقع جديد عبر الدعم الخارجي ستتحطم أمام صمود السودانيين . من جانبه أكد مقرر اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم اللواء (م) القاسم أب أحمد أن السودانيين لن يسمحوا لأي طرف خارجي بالتدخل في شؤونهم ، ملوحًا بردود فعل قوية تجاه كل من يسعى لتهديد السيادة الوطنية . ذات الموقف عبرت عنه قيادات المجتمع في عطبرة والقضارف وبورتسودان والنيل الأزرق وسنار .
رغم الإدانات الشعبية والرسمية لمخططات تشكيل حكومة موازية ، إلا أن هناك تساؤلات حول فاعلية الجهود الدبلوماسية والقانونية في مواجهة هذا التحدي . فبينما استدعت الخرطوم السفير الكيني احتجاجًا على استضافة نيروبي لاجتماعات المعارضة ، يرى مراقبون أن السودان بحاجة إلى تصعيد دبلوماسي أكثر حدة ، يشمل
تجميد العلاقات مع الدول التي تتورط في زعزعة استقراره ، والاستفادة من تجارب دول أخرى في فرض ضغوط دبلوماسية فاعلة لحماية سيادتها الوطنية . قانونيًا لم تصدر حتى الآن إجراءات واضحة لمحاسبة المتورطين في محاولات تقسيم البلاد رغم الدعوات المتجددة إلى ملاحقتهم قانونيًا باعتبارهم شركاء في جرائم تهدد الأمن القومي .
في المقابل يشهد الساحة تحركات من بعض الأحزاب باتجاه دعم مسار تفاوضي يُفضي إلى حل سياسي للأزمة . حزب الأمة القومي على سبيل المثال يدعو إلى
مشاورات شاملة برعاية الاتحاد الإفريقي ، ويرى أن الأولوية يجب أن تكون لإيقاف الحرب وحماية المدنيين . إلا أن هذه المواقف تصطدم بواقع الانقسام الحاد داخل الحزب نفسه والقوى السياسية ، حيث لا يزال بعضها مترددًا في اتخاذ موقفا واضحا من التهديدات الخارجية التي تواجه السودان .
في الوقت الذي تتصاعد فيه هذه التحديات ، تواصلت مشاورات الآلية الإفريقية رفيعة المستوى مع عدد من القوى السياسية السودانية بحثًا عن حلول لإنهاء الحرب ، حيث شدد حزب الأمة مبارك الفاضل في بيان رسمي ،
على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري ، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية ، والعمل على إيجاد مخرجا سياسيا للأزمة . ورغم أهمية هذه التحركات ، إلا أن الكثيرين يتساءلون عن مدى قدرة الأحزاب السياسية على تجاوز صراعاتها الصفرية والالتفاف حول مشروع وطني حقيقي يعيد للسودان استقراره وسيادته .
ما تحتاجه البلاد في هذه اللحظة التاريخية هو التوافق على مشروع وطني موحد ينبثق من إرادة الجماهير السودانية ، بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة . الجماهير التي خرجت في عدة مدن سودانية لم تعبّر فقط عن رفضها للتدخلات الخارجية ، بل أرسلت رسالة
واضحة إلى الطبقة السياسية بأن استمرار الصراعات الصفرية سيؤدي إلى مزيد من الانهيار للبلاد. إن السودان أمام مفترق طرق ، إما أن تتوحد قواه الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، أو أن يستمر في دوامة النزاعات التي تهدد بتمزيق نسيجه الاجتماعي والسياسي. الخيار بيد الشعب ، وهو الذي سيحسم المعركة في النهاية لصالح استقرار وسيادة السودان .
الوضع الراهن يفرض على القوى السياسية والمجتمعية في السودان إعادة تقييم مواقفها واتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التهديدات التي تواجه وحدة الدولة . ويكمن الحل في بناء جبهة وطنية موحدة تتجاوز المصالح
الحزبية الضيقة لصياغة رؤية واضحة تُخرج السودان من نفق الصراعات الداخلية ، وتعزز سيادته في وجه التدخلات الخارجية . فلا يمكن أن يظل السودان رهينة للتجاذبات السياسية بينما تتلاعب به أطراف إقليمية ودولية لتحقيق مصالحها على حساب شعبه ومستقبله .
ختامًا وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة فإن الجماهير السودانية قادرة علي أن تقول كلمتها وتجاوز الأحزاب السياسية السودانية التي فشلت في التوافق على عملية سياسية أساسها الحوار السوداني السوداني داخل السودان ، بعيدًا عن أي تأثيرات إقليمية ودولية . لذلك يجب أن نتكاتف جميعًا لاستعادة أمن بلادنا واستقرارها للخروج من هذه المرحلة الحرجة والانتقال نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للسودانيين .
دمتم بخير وعافية .
الأحد 23 فبراير 2025 م
Shglawi55@gmail.com