الثقافيةمقالات

بابكرعباس محمَّد يكتب : العيون في الغناء السوداني..!!

العيون في الغناء السوداني..!!
بقلم: بابكرعباس محمَّد
داخل مستشفى مكة لطب العيون ومقره شارع البروفيسور عبد الله الطيب
بالرياض، وعشرات الزاحفين نحوه، وعشرات المنتظرين داخله وكنت أحدهم،
جاءوا جميعاً  إلى هذا المستشفى المتخصص، تقودهم عيونهم، والبعض الآخر
تقوده عيون مرافقيه. جلسوا متراصين على الكنبات والكراسي المخصصة لهم،
يرهفون السمع لمنادٍ يقف عند الباب المفضي لمقابلة الأخصائي، وهم يراجعون
أنفسهم فيما سيقولونه عند مقابلته وماذا يقولون وكيف يصفون حالاتهم وهم
دخول عليه، يملأهم التفاؤل وتسكنهم الطمأنينة ولا تحوم في دواخلهم
المقولة العامية السودانية: (إن من فقد بصره فارق الدنيا وأن من فقد سمعه
فارق الجماعة)، ويظل هذا الحراك منذ الفجر وحتى ساعات متأخرة من الليل.
ونحن جلوس بين هؤلاء المنتظرين إذ اخترقت أذننا نغمة موبايل لأحد
(المعيونين) تقول: (يا عيني وين تلقي المنام.. أحبابك جفوني)، ساورني
إحساس عميق بأن الأغنية هذي وفي اللحظة هذه  تكون بالتأكيد قد لامست
أوتار الكثيرين منهم، وكأني بهم وهم بدأوا يراجعون كلمة العيون جميعها
التي وردت في الأغنية السودانية ومن بينهم جاري في الكنبة الذي يشكو إبنه
من (حوَّل) في عيونه، وتذكرت هنا أن أصل كلمة (حَوَلْ) في العامية
السودانية تقابلها كلمة (حوَر) بالفصحى التي وردت في القصيدة العربية
المشهورة:
«إن العيون التي في طرفها حورٌ
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللُب حتى لا حِراك به
وهُنَ أضعف خلق الله إنسانا»
ومن هناك فقد قررت جمع كل ما ورد في العيون من خلال الأغاني السودانية
ودعوتهم ليتأملوا من خلالها المشاهد والأسرار والمواقف والحكايات قبل
الدخول لمقابلة الأخصائي وشكوى معاناتهم مع العيون. فجاء أولاً ذكر
الشاعر الفذ أبو صلاح الذي أشار للعيون في قصيدته: «العيون النوركن
بجهرا.. غير جمالكن مين السهرا.. يا بدور القلعة وجوهرا»، وتبعه شعراء
الحقيبة الذين تأملوا سحر العيون وكتبوا فيها أشعاراً تظل باقية مدى
الدهر ومتداولة عبر الأجيال المتعاقبة: «يا عيني أبقي ترصدي .. عسى توجدي
ما تقصدي» و«عيون الصيد الناعسات عيوني.. وعيون النيل.. الحاكن عيوني»
و«يا عيني وين تلقي المنام.. أحبابك جفوني» و«عيوني وعيونك.. أسباب
لوعتي» و«العيون الفيهن نعاس.. هن أساس معنى الإيناس.. هِن بثيرن في
الناس حماس.. هنِ بقودوا الزول للجنون» التي غناها الكاشف وفنانين كثر
منهم على سبيل المثال البلابل.. وتغنت منى الخير بـ «يا عيون المها
ياعيون» وغناها بعدها العشرات.. و«يا غايب عن العين .. إنت في عينىّ
الإتنين» للتاج مصطفي.. و«أبو عيون كحيلة جميل الصفات.. دقايق قليلة
سحرني وفات».. ويا غايب عن عيني مع إنك في قلبي» لإبراهيم عوض. و«عيونك
علمن عيني بكا الخنساء أيرضيك» لبادي محمد الطيب. و«يا أغلى من عينى
واحلى من ابتسامي» للكابلي. و«يانور العين».. و«عيونك زي سحابة صيف..
تجافي بلاد وتسقي بلاد» لوردي. و«صدقت العيون وكلام المحنة» لصلاح مصطفى.
و«يا أغلى من نور العيون». و«أنا والعيون ضمانا كون» لصلاح بن البادية.
و«إنتي عيونك فيهن روعة» لأبو عركي البخيت. و«أهوى العيون السودا.. واحب
جمال في خدودا» لصلاح محمد عيسى. و«كلم لي عيونك» لعلي إبراهيم اللحو.
و«عينىّ ما تبكي» لترباس. و«عينيك يا أعز الناس» لليمني. و«في عيونك ضجة
الشوق والهواجس» لمصطفى سيد أحمد. و«وتضاري عينيك بالنضارة.. يا أجمل ضيف
جانا زيارة» للتاج مكي. و«كلمني ياحلو العيون».. و«أمسكي عليك عيونك ديل
أمسكيهن» لمحمد ميرغني. و«عيونك تُرع لولي وبحار ياقوت» لمحمد الأمين.
وهناك عشرات الأغنيات الجميلة ذات الكلمات والمعاني الزاهرة الأخرى عن
العيون، التي لم تسعفني الذاكرة في الحصول عليها. وعلى رواد المستشفى
التكرم بالبحث عنها واضافتها لهذه الورقة.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى