بابكر يحيى يكتب : ..صفوة القول..نضارة أمدرمان وملامح الحرب ..!!
بابكر يحيى يكتب : ..صفوة القول..نضارة أمدرمان وملامح الحرب ..!!
الطريق من النوفلاب مرورا بالجرافة والحتانه وحي الروضه وحتى كلية التربية جامعة الخرطوم يضج بكل مظاهر الحياة ، وما يزال محافظ على نضارته القديمة ، المحال التجارية لم تفقد زينتها بل حتى الاكسسري الخارجي ، فمن فضل الله عليهم ورحمته أن عربان الصحراء لم يزوروهم ولا لمرة واحدة ..!!
مقابر أحمد شرفي بدأت محتشدة بالأعشاب والنباتات وبدأت عليها ملامح الإهمال وكأن هذه الحشائش أتت لتظلل على الأموات وتحول بينهم وبين أصوات المدافع والقنابل حيث كانوا هم الوحيدون الذين أنجاهم الله من مكر وطيش وجهل المليشيا..
مررنا بود نوباوي وتوقفنا عند مسجد الشيخ قريب الله وجدنا أحد الحيران وهو ينظف المسجد ولاحظت أن سوره الخارجي أصبح وكأنه (تختة ) لتعلم القنص ، كأنه
(دروة ) يتعلم فيها الجنجويد كيفية إصابة أهدافهم بدقة ، لم نلحظ في المسجد وجود للأحباب والمريدين ، ترحمت على روح الخليفة الشيخ الفاتح قريب الله وتذكرت آخر زيارة لي للمكان وحضرت فيه حلقت الذكر حيث الروحانيات الشجية الرفيعة ..
تفقدنا الأحياء من ود نوباوي وحتى حي الشهداء وجدناها مرهقة وتقف فاترة وعليها آثار الدانات وضرب السلاح وتنظر الينا بشيء من العتاب ؛ ولسان حالها يقول (تركوني عشاقي وذهبوا إلى المهاجر وتركوا الجنجويد عربان الصحراء وعشاق الخراب يفعلون بي ما شاهدتم ) ..!!
انتزع الجنجويد زينتها واهتموا بخرابها أكثر من اهتمامهم بالحرب .. اهتموا بصناعة القبح فيها ، نهبوها وخربوها وسحبوا منها كل ملامح الجمال وتركوا بعض البيوت جرداء بلا أبواب ولا شبابيك ..
ولكن ومع ذلك الأثر الذي خلفته حرب المليشيا إلا أن ملامح الحياة اليها قد عادت و بدأ الناس يتجمعون تلاحظ هنا وهناك أشخاص يغلب على طابعهم (العذابه) ، غالبيتهم يرتبون لعودة الأسر .. يعملون على نظافة الأمكنة وتهيأتها ..
تحركات المواطنين في أحياء ودنوباوي والمسالمة وحي العمده لا يبدو عليها النشاط القديم ليس بفعل الحرب فحسب إنما بفعل انحسار النشاط وضيق نطاقه الجغرافي .. !!
حي الشهداء ومستشفى الشعب وشارع العرضة امدرمان وسوق امدرمان ، تحاول هذه الأحياء أن تستعيد عافيتها ولن يتحقق ذلك إلا بعودة المواطنين الذين هاجروا منها ، صحيح إنها بدأت خالية من ضباع الجنجويد لكنها خالية أيضا من السكان ..
*صفوة القول*
أمدرمان جميلة برغم الأسى ؛ أمدرمان نضرة برغم آثار الحرب فيها .. الكهرباء مستقرة تماما وكذلك الماء والحكومة فيها نشطة ؛ والمظهر الأمني والعسكري فيها متحضر وأسعار السلع فيها عادية مقارنة ببورتسودان وعطبرة والناس فيها لا تلحظ عليهم ملامح اليأس والقنوط بل الأمل حاضر في عينيهم وهم مطمئنون بأن بكره أفضل .. وسنواصل .