مقالات

منى أبوزيد تكتب: ..هناك فرق ..جديرون بالاحترام..!

منى أبوزيد تكتب: ..هناك فرق ..جديرون بالاحترام..!

 

*”الأصالة هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن للعقول غير الأصيلة. الإحساس بقيمته”.. جون ستيوارت ميل..!*

 

قبل أن يشرع أفراد مليشيا الدعم السريع في اقتحام بيوتنا ونهب ممتلكاتنا كانوا يسألون عن أصول أهل الحي من أبناء شمال السودان – على وجه الخصوص – وعن القبائل التي ينتمون إليها..!

وعندما حان دور بيتنا قال الدَعَّامي مخاطباً غفير عمارة مجاورة تحت التشييد “صاحب البيت دا مش دنقلاوي ومرته بتغسل كلى”..؟

بعد كل هذه التفاصيل الدقيقة التي قاموا بجمعها عن حياة كل مواطن سوداني بريء أعزل في كل حي، يقولون لك بأنهم لم يبادروا بإشعال هذه الحرب..!

لكن الواقع يقول إنهم كانوا يعدون لها العدة والعتاد، ويجمعون أدق المعلومات وأصغر التفاصيل عن كل شخص وعن كل شيء ينتمي إلى منطقة وسط وشمال السودان التي يبغضون أهلها لله في لله..!

وبينما ينشط هؤلاء المرتزقة والكسَّابة الذين استجلبتهم مليشيا الدعم السريع للقتال في صفوفها – مقابل الغنائم التي يحصلون عليها من عمليات سلب ونهب وقتل

المواطنين الأبرياء العُزَّل، واغتصاب النساء وسبي الحرائر – وبينما تنشط تقدم في التغطية على انتهاكات المليشيا وتبرير جرائمها والاستماتة في المساواة بينها وجيش

الوطن، “في مثل هذا الوقت الذي يقتل فيه هؤلاء ويكذب أولئك”، تنشط كيانات أهلية أصيلة – عامرة بالإحسان وجديرة بالاحترام – في علاج المرضى، وإغاثة الملهوفين، وجبر عثرات الكرام..!

من تلك الكيانات جمعية أبناء قرية “أوربي” الطوعية لدعم المرضى، التي يتشرف بعضويتها أكثر من أربعة آلاف وأربعمائة وخمسين عضواً، من بينهم ذلك الدنقلاوي الذي استعرض بعض ملاقيط المليشيا معلوماتهم عنه، ودللوا على دقتها بمعرفة الحال الصحية لزوجته..!

ذلك الدنقلاوي الذي لم يقترف ذنباً سوى انتمائه إلى منطقة شمال السودان، وانحداره من قرية أوربي الهاجعة في محلية ريفي القولد، جنوب مدينة دنقلا التي تصادف أن بعض من تقلدوا مناصب حكومية في سودان ما قبل الحرب كانوا ينتمون إليها..!

كلمة أوربي التي تعني برطانة أهلي الدناقلة “قرية الملوك العظماء”، تشير أيضاً إلى سيادة أهل القرية التي كانت تضطلع بعمودية المنطقة، قبل إلغاء نظام الإدارات الأهلية في عهد الرئيس الدنقلاوي الأسبق جعفر نميري..!

ولأهل قرية أوربي جمعيات ونوادي اجتماعية وثقافية ورياضية في مختلف دول الاغتراب والمهاجر وفي خرطوم ما قبل الحرب، ولهم صحيفة عريقة وكاملة الدسم كانت تصدر عن رابطة طلابها بالجامعات..!

عندما قَدِمتُ إلى السودان لدراسة القانون بجامعة الخرطوم رحب بي بعض “سناير” الرابطة بسنتر الجامعة، وعندما علموا بهواية الكتابة عندي اقترحوا عليَّ نشر بعض نصوصي بصحيفة أوربي..!

وهكذا، عِوَضاً عن العزيزة “الرأي العام” كانت صحيفة “أوربي” ستكون أول صحيفة أتشرف بالكتابة عبرها، لولا ذلك اللص الذي تسوَّر بيت أهل “مجدي” – “سنيرنا” الذي أخذ على عاتقه مَهمة النشر بالصحيفة – وسرق بنطاله الذي كانت تقبع في جيبه نسختي الوحيدة..!

لأفراد وأتباع وأشياع تلك المليشيا نقول – بتَصَرُّف – بعض ما قال به الفرزدق “وَمِنّا الَّذي يُعطي المِئينَ وَيَشتَري الغَوالي وَيَعلو فَضلُهُ مَن يُدافِعُ .. وَمِنّا خَطيبٌ لا يُعابُ وَحامِلٌ أَغَرُّ إِذا اِلتَفَّت عَلَيهِ المَجامِعُ .. أُولَئِكَ آبائي فَجِئني بِمِثلِهِم إِذا جَمَعَتنا يا “مِليشي” المَجامِعُ!.

 

 

munaabuzaid2@gmail.com

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى