مقالات

دكتور ياسر بابكر دفع الله يكتب: الوضع الإنساني في السودان في ظل الفيضانات

دكتور ياسر بابكر دفع الله يكتب: الوضع الإنساني في السودان في ظل الفيضانات

 

إنَّ الحياة تسير وفق تقديرات إلآهية و غيبيات ترسم لنا واقعنا عندما يحين ألوانها، و
يريد لنا خالقنا أن نعتبر بها ونتعايش معها وفقاً

لمستجدات الأحداث حتى لا تتوقف الحياة لحدثٍ عارضٍ ،أو لقدرٍ مقدَّرٍ . فجعل الفصول الأربعة آيات و إختلاف الألسن آية و المصائب والمحن والخير والشر آيات .
ولكنَّه يأمرنا بأن لا نتوقف عن الحياة والسير فيها بتلكم المتغيرات .

وحتى عندما تضيق بنا الحياة في رقعة جغرافية معينة بإحداثياتها يستنكر علينا ربُّنا بقاءنا عليها وعلى عدم تحركنا إلى رقعة أخرى في أرض الله . فيقول تعالى {{ ألَمْ تكُنْ أرضُ اللهِ واسعةٌ فتهاجروا فيها}}

عليه فنحن نعيش ظرفاً وفق قدرٍ مقدور ، وإبتلاء يمتحن الله فينا قدرتنا على تجاوز العناء فيها و التعايش معها ونجتهد فيما وفَّقنا الله و بما منحنا من النعم الحياتية المختلفة ( العقل ) ،وأن نأخذ من العلم ( دينياً ودنوياً ) لتجاوز المحن والإبتلاءآت ما نتقوَّى بها في مواجهة الشدَّة والعناء.

السودان و المياه :
————————
المعلوم أنَّ علاقة السودان بالمياه علاقة :-
• الأمطار التي تهطل خلال فصل الخريف وفق المناخات المتعددة في البلاد .
• حركة هذه المياه المنسابة شرقاً وغرباً ، جنوباً وشمالاً. من خلال الوديان والأنهار والروافد العديدة التي تشكل مصدراً رئيساً للمياه في البلاد .
• ⁠مياه النيل الأبيض :

والذي ينبع من بحيرة فكتوريا في يوغندا . ويمر بالإقليم الإستوائي جنوباً عند بحر الجبل وبحر الغزال ، وهو يتلقى دعماً كبيراً من بحر العرب وبحر الزراف وعدد مقدَّر من الروافد والأنهار والوديان وصولاً إلى نهر النيل في العاصمة السودانية الخرطوم .
*• ⁠مياه النيل الأزرق: *

والذي ينبع من بحيرة تانا في الهضبة الأثيوبية ويمر من الجنوب الشرقي للبلاد و يسير مسافةَ 1,450 كم (أو 900 ميلاً تقريباً) عبر إثيوبيا والسودان قبل أن يقترن مع النيل الأبيض. فهو أحد روافد نهر النيل الرئيسية، ويوفّر

ما نسبته ثمانين إلى خمسٍ وثمانين بالمئة من مياه نهر النيل خلال موسم الأمطار. لكن هذا في الصيف فقط و بعد الأمطار الموسمية على الهضبة الإثيوبية، بينما لا تشكل مياهه بقيةَ أيام العام نسبةً كبيرةً إذ تكون المياه فيه ضعيفةً أو ربما يكون جافاً تقريباً.

*الروافد التي تغذي النيل الأزرق هي :*
1/ نهر باشيلو ،
2/ نهر الرهد
3/ نهر الدندر .

• *فصل الخريف :*
يمثل فصل الخريف بشارة خير لغالبية أهل السودان ، والتي تعني لأهل الزراعة نجاحاً للموسم الزراعي .
ولأهل الأنعام مورداً طبيعياً للرعي ، بما يعني الغذاء الطبيعي و التكاثر وزيادة نسبة الألبان ، وبالتالي زيادة نسبة الصادر من اللحوم .

ولكن لابد من الإشارة إلى أنَّ أهل الإختصاص في الإرصاد لهم مخاوف ومحاذير وفق الرصد و متابعة مناسيب الأمطار والنيل وحركة الأنهار والوديان والخيران . لما قد

يتسبب في نتائج عكسية مثل حدوث الفياضانات وزيادة المياه عن حاجة الناس كالذي حدث خريف هذا العام في جميع الأراضي السودانية بلا إستثناء ، والتي كانت آخرها ما حدث في خور الأربعات في شرق البلاد .

•إنهيار سد الأربعات :

(أربعات).. الموقع والسمات الطبيعية
يعتبر خزان أربعات مورد المياه الرئيسي لمدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر. ويقع محبس مياه خور أربعات في منطقة شجيرات الأكاسيا الصحراوية.

يتحرك الفاصل المداري خلال شهري مايو وأكتوبر نحو الشمال ويسير موازياً لساحل البحر الاحمر مما يسبب امطاراً تصل إلى ذروتها خلال اكتوبر.
وهنا :

يمكنني القول بأنَّ ما أورده مؤشر شخصي ليس له صلة بالتصريح الرسمي للدولة.
• تقوم إدارة والسدود في البلاد بمسوحات و عمل صيانات ونظافة لأحواض { النيل والسدود والخزانات قبل بداية فصل الخريف من كل عام في حالتها الطبيعية

⁠ولكن الحال يغني عن السؤال في السودان وما قامت به مليشيا آل دقلو الإرهابية من تدمير للبُنى التحتية ومقدرات البلاد و تكسير جميع المعاول والمعدات ، ومراكز التحكم عن بعد ومراكز الإرصاد وأجهزة المتابعة وزادت في ذلك أن قطعت الطرق بل وتمَّ إستهداف العلماء والخبراء

مما جعل نسبة الإستعداد لمقابلة خريف هذا العام ضعيفاً، بالإضافة إلى ما ذكرنا من ضياع أجهزة الرصد المتقدمة قد تسبب في حجب الرؤية الحقيقية لنسبة الأمطار التي أغرقت عدد كبير من مدن البلاد .
عليه:

لطالما هناك سكَّان في مدينة خور الأربعات وقرىً مجاورة لها فمن الطبيعي أن يتسبب هذا الإنهيار في نزوح وتشريد هولاء السكان من منازلهم ومن قراهم بحثاً عن ملاذ آمن

.
مثلهم كمثل عدد من المواطنين في مناطق مروي والدبَّة و عدد من المدن في شمال البلاد حدث إنهيار لما لا يقل عن { 80 إلى 120} ألف مبنى سكني .
*• هل سينزح هؤلاء إلى مدن داخل السودان أم سيلجأون إلى دول مجاورة ؟ *

أكيد ومن الطبيعي أن يذهب هـؤلاء إلى زويهم وأهليهم في المدن والقرى التي لم تتأثر بالفيضانات. وسكان الأربعات هم ذوي قُربى وصلات ، وهم أهل شهامة وشكيمة كما هو الحال في طبائع أهل السودان قاطبة .

ولا أعتقد أن ينزح أيٍّ من سكان هذه القرى خارج البلاد ، فكثير من المواطنين بدأوا بالهجرة والعودة العكسية من الدول والدول المجاورة التي هاجروا إليها هرباً من ويلات الحرب عادوا إلى مدن الولايات (ال13) التي هي تحت سيادة الدولة وقد سادها الأمن والأمان .

• المساعدات الدولية :
الحقيقة التي لا يعلمها عدد كبير من الناس هي أنَّ السودان لا ولن يعيش مرحلة المجاعة الضاربة الجذور ، و الحاجة الملحة للمساعدات الانسانية لن تطال الشعب السوداني .

هنالك مساعدات عامة ترد إلى البلاد من دولة الكويت الشقيقة والمملكة العربية السعودية ولكنها قبل حادثة سد الأربعات.
إلَّا أنَّ المنظمات والمؤسسات الوطنية ووزارة الشؤون الإنسانية ومنذ بدء الفيضان والإنهيار الجزئي متواجدون بين أهالي المناطق المتضررة، يقدمون لهم الدعم ويسدون حاجات الضرر الملحة.

أخيراً :
إنَّ من حكمة أقدار الله أن يخرج من بين هذه الأضرار المادية منافع للناس جراء هذه السيول والفيضانات ،،ومن بينها نظافة أراضي السودان قاطبة مما خلفتها الحرب من

الجثامين المتحللة والدماء التي سالت ، ومخلفات الدمار والخراب ،،فقد قدَّر الله لبلادنا التطهير والنظافة بماء السماء الطهور . لذلك أدعوا الجميع إلى النظر إلى الخير المغلَّف بإبتلاء أقدار الله والحمد لله الذي لا يحمد على مكروهـٍ سواه.
والله ولي التوفيق

دكتور ياسر بابكر دفع الله
*خبير تخطيط إستراتيجي ومحلل سياسي*.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى