ايمان عبود تكتب: زاوية حادة .. سلسلة : مع نفسي الثقافة والسلوك ! (1)
ايمان عبود تكتب: زاوية حادة .. سلسلة : مع نفسي الثقافة والسلوك ! (1)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اتمنى لكل من يقرأ هذه السطور ” ولمن لا يقرأها كذلك ” ان تكون في افضل حال وان يديم الله عليكم نعمه و افضاله والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين
محمد صلى الله عليه وسلم صلاة طيبة وتسليما مباركا واهدي اليكم بعد السلام تحية مباركة طيبة ؛ وبعد .. بعد صد ورد مع نفسي وفي جلساتي المتكررة معها نسبة لانها لا تفتأ تهاجمني بالاسئلة المتكررة عن الحياة والمجتمع والتي تتطلب مني تفكيرا عميقا ومحيرا دوما احيانا اصل
به الى اجابة مقنعة واحيانا تعترض ذاتي بان ما قدمته لها ليس اجابة مقبولة وان لا بد ان هناك رأيا اخر! فمن باب الرأي والرأي الاخر توصلنا انا وهي في طرح هذه الاسئلة التي هي عبارة عن علاقة الانسان بذاته وبالتالي
بالمجتمع من حوله لان البيئة هي التي تصنع شخصية الانسان ولانني قد اسهبت في المقدمة فدعونا ندخل الى صلب الموضوع !
لطالما سائلتني نفسي لماذا نسمع كثيراً بمفردتي ” الحرية والتغيير ” وانا بذلك لا احمل اي نوايا او اجندة سياسية صدقا واطلاقا ” ؛ نسمعها تتردد في مجتمعاتنا الاسلامية والعربية ولكننا لا نجد اي ترجمة لهاتين الكلمتين في
واقعنا الاسلامي العربي ؟! ان الامر في البدء كما اشرت حين ناقشته مع ذاتي لم يبد ابدا انه يتعلق باي من :
لا بالسياسة !
لا بالدين !
لا بالجندر !
لا بالاقتصاد !
لا بالصناعة !
او حتى انتشار الوعي الفكري !
ربما هي قد تكون عناصر رئيسية واساسية في عملية التغيير وربما لاحظتم اني لم اذكر الثقافة ذلك لان الثقافة تلقت كثير من الاجحاف في رايي في تفسير معناها وساكون ظلمت التغيير وانواعه المختلفة ان لم اربطه
بالثقافة لان الثقافة هي التي تدفع المرء للتغيير ولكنها ليست الثقافة الفكرية المحضة او المرتبطة فقط بحجم الوعي بل هي امر اعمق ، بلا شك ان من الامور المعترف بها دينيا وعرفيا وسياسيا ان لا شيء اسوء من الربيع
العربي الذي دخل العالم الاسلامي بسبب ما يسمى بال ” الثورة ” وانا هنا لا انتقد مفهوم ” الثورة ” الاساسي وهو الاعتراض على السلوكيات الخاطئة في مجتمعنا والتكاتف في الرغبة في تغييرها للافضل ولكن اعترض
على الجانب التطبيقي لهذه الثورة والذي يذهب بنا لموضوع اخر طويل الامد مثل جدلية الخروج على الحاكم ونحن لا نريد الخروج عن سياق الموضوع !
ولكن ذاك الخروج قد حدث بالفعل وتغير تفكير الشعوب
بالفعل وتغيرت معها المباديء وتغير معها النزعة الدينية كما تغيرت كذلك ثقافة المجتمع لكن لازلنا في الحضيض ولازلنا نعاني عقدة الخواجة ولا زال العالم الغربي باعترافنا ذاتيا سواء بروحنا الانهزامية امامه او بالاعتراف
بالواقع بانهم لازالوا متقدمين علينا فلماذا ؟! الم نعي اهمية حرية الرأي والتعبير وبدأنا نعبر عن اراءنا رقم السياسات القمعية ؟! الم يتعلم الكثير مفهوم حرية الاديان وعاد الاسلام غريبا ! الم يحدث التطبيع مع اليهود
ونسينا قضية فلسطين ؟! الم نقم بكل ما اريد منا القيام به وقمنا بانفسنا دون اي مؤامرات او كيديات السماح بتمرير كل الاجندة على العلن ولم نحتج الى ما يسمى الماسونية والتي ما هي الا العولمة ومفهوم وحدة الوجود
و حركة العصر الجديد ! اذا لماذا اليوم ليس هنالك اي تغيير ملحوظ في دولنا لماذا لا زلنا دولا ” نائمة ” ولا سيادة لنا حتى على انفسنا ! ببساطة لاننا مارسنا التغيير السطحي او الشكلي المظهري وليس التغيير الباطني ! ولو ان هناك حركة باطنية نشطة حاليا ولكنها ليست بالتاكيد
الحركة الباطنية التي اقصدها ! انما هي حركة باطنية مستكملة لفكرة العولمة والعصر الجديد للاتحاد الكامل مع الشيطان ليكتمل التغيير الذي وعد به ابليس ربه ” وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ” وفي النهاية نحن خسرنا معركة التغيير لاننا لم نهتم اهتمام خاص بتغيير الشيء الاهم الا وهو ” السلوك ” التغيير قبل كل شيء
سلوك وليس مظهر ربما نكون قمنا بتغيير مظهري سطحي فحسب ! فكثير من النساء اليوم خلعن الحجاب و ارتدين العاري والقصير والممزق بحجة ان الدين في القلب وان الغطاء فيه تخلف ورجعية كما نشأت حركات نسوية
كثيرة تنادي بحرية المراة الفكرية والخروج عن السلطة الابوية او الزوجية لكننا حتى الان لازلنا دولا متخلفة لم تنجح الحركة النسوية في جعل الدول النامية دولا عظمى هذا ان لم نزدد تخلفا وتشوها ، وحتى لا يُظن اني اضطهد
المرأة بشكل خاص فكثير من الشباب اليوم ايضا انسلخ عن دينه ولم يعد يصلي ونشأت العصابات الاجرامية المتشبهة بالعصابات الامريكية كما أن كثير من الشباب
يسبون الدين وبعضهم لا يعرف شيئا عن دينه ولا يعرف حتى كيف يصلي ولكن قد تجد عقله مليئا بالافكار الشيوعية والماركسية يجيد اسقاط البنطلون يطلق شعره الاشعث ويسخر ممن يطلق لحيته يمكنه ان يتحدث
ويبهرك بمدى امتلاء عقله بالمعلومات ويحفظ مليون مقولة لسقراط و ماركس وغيرهم ولكن لا يحفظ اية من القران الكريم لكن مازالت مجتمعاتنا كما هي تعاني التخلف والجوع والنقص الحاد في كل شيء ، ربما يقال لي لا تظلميهم فهم لم يعطوا فرصة اصلا للقيام بالتغيير
بسبب الانظمة القمعية الغاشمة وما يحدث الان ليس نتاج الثورة او هذه الافكار بل هو نتيجة التمدد العسكري اقول كلا ! والف كلا لاننا هنا نتحدث عن ثقافة ” السلوك ” لو اننا طبقنا سلوكيا مفاهيم ” الرفق بالانسان والحيوان ” ”
تقبل الاخر ” ” المحافظة على النظافة العامة بعدم رمي الاوساخ في الطريق مثلا ” ” المسؤولية الاجتماعية في الحفاظ على الوطن ” ” احترام المراة وتقديرها ” ولدينا سلوكيات في الدين افضل بكثير اذا اضفناها لهذه القيم
والمعايير العالمية مثل ” بر الوالدين ” ، ” احترام الكبير وتوقير الصغير ” ، ” الاحسان الى الجار والصديق وذي القربى ” ” التكافل الاجتماعي المتمثل في الصدقة والزكاة ” تطبيق مفهوم ” العمل عبادة ” اقول اذا طبقنا هذه
المفاهيم في سلوكنا اليومي وكل منا بدأ بنفسه فلن نحتاج الى قيام ثورة من الاصل ! هل الدول العظمى الان لا تملك جيوشا ؟! ولا تملك جانب عسكري ؟! بالطبع لا ولكننا لا نجد هذه الدول تصطدم مع جيوشها باستمرار في كل مناسبة بل تتفق مع هذه الجيوش في تطبيق
القانون العام بل حتى ان العقوبات من الجيش والحكومة في تلك الدول تكون شديدة ان لم يلتزم المواطن بتطبيق ذلك القانون فكم من مواطن حوكم وفرض عليه غرامة فقط لانه القى بالاوساخ في الطريق العام او انه صف سيارته في مكانها غير المخصص او انه ازعج جيرانه
وووو بل حتى ان جيوش تلك الدول من اقوى الجيوش لانه يتم الانفاق عليها من خلال الضرائب والمال العام من الشركات الكبرى وذلك يذكرني بال ” المقاطعة ” لاجل دعم اخواننا في غزة ” قاطع كل الشركات التي تدعم
جيوش الاحتلال ” .. قد يبدو الامر من النظرة الاولى انه محض تطبيل للجيش والعسكرية ولكني اقول كلا
علينا ان نتعلم شيئا جديدا اسمه ” الثقافة السلوكية ” و ” نسعى لتغيير السلوكيات الجائرة ” وهي التي تعيد الجيش لحجمه الطبيعي في الدفاع عن سيادة الوطن
دون الاصطدام مع المواطنين لاجبارهم على الالتزام بتلك القوانين فلن توجد قضية من الاساس بين الشعوب وحكوماتها ما دامت الشعوب تملك السيادة على ذاتها من الاصل ولا تدع سلطة عليا تحدد لها ما يجب ان تكون ! حين يهتم المواطن بالشأن الداخلي ويوجه الحكومة
بالمبادرات الطوعية الداعمة لاعمار الوطن ويساعدها على تطبيق القانون يتاح للحكومة ان تهتم بالشؤون الخارجية وعندها يمكن ان نصل اخيرا لعقود ومواثيق يقوم الاتفاق فيها بين الشعب والحكومة على كيفية ادارة البلاد
بالتساوي بوجود حكم مدني فعلي سلوكي وليس حكم مدني هلامي لا وجود له على ارض الواقع فكل نفس بما كسبت رهينة ..
من الواضح اني لم اشير الى الحرية في المقال وهذا ما سوف اتحدث عنه في المقال القادم ان شاء الله تحياتي الطيبة والعطرة …