الخرطوم:العهد أونلاين
يوم أمس، قضيت ثلاث ساعات نهارية كانت من أسوأ اللحظات التي مررت بها خلال عملي في الصحافة.
لسببٍ ما.. قرّرت زيارة صحيفة “الانتباهة” وهي ليست عادتي.. جلست بعض الوقت مع الأستاذ المهذب الرصين أحمد التاي رئيس التحرير ومحمد مسؤول المطبعة وبعض الإداريين على رأسهم الأمين محمد سعيد
حين هَممت بالخروج، وجدت مجموعة من الشباب يجلسون على كراسي بجانب سيارتي، في اللحظة التي كنت أنوي فيها قيادة السيارة وقف أحدهم وألقى عليّ التحية.
مددت يدي لمُصافحته، فاكتشفت أنّ يده اليمنى مبتورة من المعصم لا أصابع البتة، وإنما مجموعة لحم تكوم يميناً وآخر شمالاً، مددت يدي وصافحت الصبي الآخر الذي يجلس على كرسي مُتحرِّك, فاكتشفت أنه يُعاني من شلل نصفي..
الصبي الثالث يُعاني أيضاً من شلل نصفي ويحمل بجانبه في الكرسي المُتحرِّك كيساً مُوصّلاً بقسطرة للبول، ونحن جالسون، جاء رابع يسير بصعوبة بعد أن فَقَدَ عينه اليمنى تماماً وعينه الشمال ترى بصعوبة.
هل تعلم عزيزي القارئ مَن هؤلاء الشباب..؟؟ هل تعلم ما وراءهم من قصص..؟؟ هؤلاء مصابو ثورة ديسمبر وفضّ الاعتصام..!!
الصبي مدثر موسى ١٧ عاماً طلقة في النخاع الشوكي أيام المواكب أصابته بشلل نصفي، يُعاني من قرحة سريرية، حيث أن أسفل ظهره مُتقرّح بالكامل بسبب الاستلقاء والجلوس لساعاتٍ طويلةٍ.
صالح حسين ٢٤ عاماً طلقة في الظهر نتيجة فضّ الاعتصام أدّت إلى كسر السلسلة الفقرية وكما أسماها صالح احتراق النخاع الشوكي وشلل نصفي.
ساسا ٢٧ عاماً بُترت يده إبان المواكب حين كان يقوم بإرجاع البمبان وصادف إحداها كانت قنبلة.
صدام ٢٥ عاماً تعرّض لضربٍ وتعذيبٍ من قِبل اثني عشر من منسوبي الدعم السريع إبان فضّ الاعتصام كما قال لي أدت لفقدانه عينه وتوقف كليتاه كلياً… شاهدت صدام و هو يتناول وجبة إفطاره كانت عبارة عن قطعة خبز و بيضة مسلوقه و عدد ٣ طعميات ولا عزاء لموائد السلطان …!!
أُصدِّقك عزيزي القارئ، حين جلست إلى هؤلاء الشباب واستمعت الى رواياتهم وأوجاعهم، شعرت بالكثير من الغُبن والوجع والألم، وبذلت مجهوداً كبيراً للسيطرة على انفعالاتي أمامهم!!!
هل تعلم عزيزي القائ، إنّ هنالك الكثير من الأجسام التي صَارت تُتَاجِر بقصص هؤلاء الثُّوّار، سنكشف ملفاتهم ونُعرِّيهم الواحد تلو الآخر!!!
الوزير خالد سلك.. هنالك طلب أمام مكتبك تجاوز الثلاثة أسابيع.. يطلب فيه هؤلاء الثُّوّار مُقابلتك..!!! يُواجهون ما يُواجهون من بيروقراطية وجرجرة ومُماطلة مكتبك!!!
هل ما بيدك أهم من قضايا هؤلاء الثُّوّار الذين لولا ما قدّموه لما كنت أنت أو حمدوك في كُرسِّيكما؟؟؟!!!
خارج السور:
الشاب ساسا خُضع لعملية قاموا فيها باستلاف أصبع من قدمه اليسرى لتركيبه في يده اليمنى…!!! لا شيءٌ يُقال غير تَبّاً لكم جميعاً من سِياسيين غشّاشين!!!
- نقلاً عن الانتباهة*