كيف يتحول سقف منزلك لأداة في مواجهة تغير المناخ؟
قام باحثون بدراسة 3 أنواع مختلفة من إستراتيجيات التسقيف وتأثيرها على درجة الحرارة القريبة من السطح والطلب على طاقة التبريد، وهي الأسقف الباردة والخضراء والألواح الشمسية.
حازم بدر
على عكس المناطق الريفية المحيطة، فإن الأنشطة البشرية في المدن، والأرصفة الخرسانية، والشوارع الأسفلتية السوداء، وحركة المرور، والمباني من الطوب والفولاذ تسهم في الاحتفاظ بالحرارة أو زيادتها في ظاهرة تسمى “تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية”.
ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل متزايد خلال أشهر الصيف، يكون تكييف الهواء هو الحل الذي يلجأ إليه سكان المدن أو إن أردت الدقة سكان “الجزر الحرارية الحضرية”، وهو ما يزيد من استهلاك الطاقة، وما يترتب على ذلك من تفاقم مشكلة تغيرات المناخ
فهل هناك حلول يمكن لسكان المدن تطبيقها، بحيث يمكنها التقليل من استهلاك تكييف الهواء، ومن ثم المساهمة في الحد من ظاهرة تغير المناخ؟ الإجابة قدمها باحثون أميركيون -في دراسة نشرتها دورية “ساينس أوف ذا توتال إنفيرومينت”- وتكمن في شيء تمتلكه جميع المباني بالفعل، وهو “السقف”، إذ يمكن لبعض مواد التسقيف المساعدة في تبريد الهواء الخارجي المحيط وتقليل الحاجة إلى تكييف الهواء.
3 أنواع من الأسقف
وخلال الدراسة، قام الباحثون، من مختبر “أرغون” الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية، بفحص 3 أنواع مختلفة من إستراتيجيات التسقيف وتأثيرها على درجة الحرارة القريبة من السطح والطلب على طاقة التبريد، وهي الأسقف الباردة والخضراء والألواح الشمسية.
ويقول هاوتشين تان من قسم العلوم البيئية بمختبر أرغون الوطني والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت، إن “الأسقف الباردة يتم تصميمها لتعكس مزيدا من ضوء الشمس، إذ تمتص حرارة أقل من السقف القياسي، ويتم
تحقيق ذلك باستخدام طلاء عاكس، أو غطاء من الألواح، أو بلاط أو ألواح عاكسة، في حين يتكون سقف الألواح الشمسية من وحدات أو بلاطات كهروضوئية تعمل على تحويل ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء، أما الأسقف الخضراء، فهي المغطاة جزئيا أو كليا بنباتات تزرع في غشاء لمنع تسرب المياه
وصمم الباحثون نموذجا مناخيا إقليميا يحاكي هذه الأنواع الثلاثة، بالتطبيق على منطقة مترو شيكاغو، وتم اختيار تشغيل هذا النموذج خلال موجة حر شديدة، بدلا من متوسط درجات الحرارة في الصيف، حتى يمكن تحقيق أقصى قدر من الفوائد المحتملة.
ووجد الباحثون أن الأنواع الثلاثة من الأسطح خفضت درجة الحرارة القريبة من السطح والطلب على استهلاك مكيف الهواء خلال ساعات النهار، عندما تكون درجة حرارة الهواء في أعلى مستوياتها
وخفضت الأسطح الباردة درجة الحرارة القريبة من السطح بمقدار 1.5 درجة مئوية، تليها 1.2 درجة للأسطح الخضراء و0.6 درجة لأسطح الألواح الشمسية في جميع أنحاء منطقة شيكاغو.
مزايا كل نظام
ونظرا لأن جميع إستراتيجيات التسقيف توفر تأثيرات تبريد، فإنها تقلل من استهلاك مكيف الهواء، وتعمل الأسطح الباردة على تقليل استهلاك طاقة التيار المتردد
بشكل أكبر، تليها الأسطح الخضراء وأسطح الألواح الشمسية، وقد تبين أن الطلب على الطاقة انخفض بنسبة 16.6%، و14.0%، و7.6%، عند نشر الأسطح الباردة، والأسطح الخضراء، وأسطح الألواح الشمسية، على التوالي.
ويقول تان “وفقا للنتائج، فإن الأسطح الباردة، هي الأفضل في تقليل تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية في منطقة شيكاغو، ومن خلال تقليل هذا التأثير، يكون استهلاك الكهرباء في تجربة الأسطح الباردة هو الأقل مقارنة بتجارب الأسطح الخضراء وأسطح الألواح الشمسية، ومع ذلك، يمكن لأسطح الألواح
الشمسية إنتاج الكهرباء، وبالتالي إذا فكرنا فقط في تقليل استهلاك الكهرباء في تكييف الهواء، فقد تكون أسطح الألواح الشمسية خيارا أفضل مقارنة بالأسطح الباردة، ومع ذلك، فإن هذه التجارب تعتمد بشكل كبير على المنطقة، فإذا أراد شخص ما إجراء التجارب، فقد تختلف الاستنتاجات”.
وعن التكلفة، يوضح تان أن “الأسطح الباردة هي الأقل تكلفة ولا تحتاج إلى الماء مثل الأسطح الخضراء، ومع ذلك، فإن أداء الأسطح الباردة يمكن أن يكون مضللا لأن بياض السقف يمكن أن ينخفض بمرور الوقت بسبب
العوامل الجوية وتراكم الأوساخ على السطح، في حين تزيد الأسطح الخضراء من استخدام المياه، ولكنها يمكن أن تضيف كمية كبيرة من الغطاء النباتي إلى البيئة الحضرية، وهذا له عديد من الفوائد المشتركة المحتملة، التي يمكنها تقليل الملوثات من خلال الترسيب الجاف وامتصاص الملوثات الغازية، ومع ذلك، ومن منظور تخفيف الحرارة فقط، ينبغي لنا أيضا أن نأخذ في الاعتبار تأثيرات الاحترار التي تحدثها هذه الأسطح ليلا فوق المناطق الحضرية”.
الأسطح الباردة الأفضل للمناخ
ومن جانبه، يقول تيرثانكار تشاكرابورتي، من قسم علوم الغلاف الجوي والتغير العالمي بالمختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادي في ريتشلاند بواشنطن، والباحث المشارك بالدراسة، إنه “انطلاقا من النتائج التي توصلوا
إليها، فإنه إذا كان الهدف فقط تقليل مؤشر الحرارة (الإجهاد الحراري الرطب)، فإن الأسطح الباردة تتمتع بكفاءة تبريد أفضل من الأسطح الخضراء، لكن لا يمكنها توليد أي كهرباء (وهو ما تستطيعه أسطح الألواح الشمسية)”.
ومع ذلك، يشدد تشاكرابورتي على ما أشار إليه تان من ضرورة مراعاة ظروف المنطقة، قائلا في تصريحات للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني: “في قطر مثلا، لا
أقترح الأسطح الخضراء على الإطلاق، ورغم أنني أتوقع أن تستمر الألواح الشمسية في إنتاج كثير من الكهرباء هناك، فإن أداء الأسطح الباردة قد يكون الأفضل لتقليل مخاطر الحرارة”.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية