مقالات

يوسف عبد المنان يكتب: ..خارج النص..هل الخرطوم مريضة؟؟

يوسف عبد المنان يكتب: ..خارج النص..هل الخرطوم مريضة؟؟

 

أكثر الناس تعاسة مساء السبت هم القحّاتة وأسيادهم من الجنجويد. هؤلاء إذا وقعت على البلاد مصيبة، أو تفشّى الطاعون، أو جاع الناس؛ فرحوا، وإذا أصابت أهل السودان نعمة أو فرحة، ساءهم ذلك. وانتصار منتخب السودان في بطولة “الشان” على الجزائر وبلوغه المربع الذهبي أصاب الجنجويد وأسيادهم بالهم والغم والحزن والكدر.

فرحت الخرطوم يوم تحريرها وخروج المليشيا منها بتأشيرة وقّع عليها الجيش والقوات المشتركة وبراءون وآخرون لا تعلمونهم، الله يعلمهم. وحزنت أحزاب “قحت”، فلَطمت خدودها وشقّت جيوبها، وبدأت الترويج لحملة شعارها: “لا لعودة مواطني الخرطوم“.

تفجّرت عبقرية هؤلاء في إشاعة الخوف من انتشار عصابات النهب والسلب وتجاوزات القوات النظامية، لكن ولاية الخرطوم ولجنة أمنها استطاعتا –من خلال حملات شاركت فيها الشرطة العسكرية والاحتياطي المركزي وقوات الكفاح المسلح وجهاز الأمن والمخابرات– القضاء على مظاهر التفلت التي عادةً ما تحدث في المناطق التي كانت تسودها الفوضى ووقععة السلاح. غير أنّ مخطط هؤلاء هو تخويف الناس وصَدّهم عن العودة إلى ديارهم، واستدامة حالة النزوح والتشريد وغياب الدولة وضعف الحكومة، حتى تسقط في اختبار العودة. فاستقرار العاصمة الوطنية يسيؤهم.

اليوم بدأت حملة واسعة تتحدث عن تفشّي أمراض الملاريا وحمى الضنك بولاية الخرطوم، وتنشر على مدار الساعة معلومات تُسند إلى ما يُسمّى بـ “لجان الطوارئ الصحية” وهي واجهة من واجهات الجنجويد وأتباعهم. ونحن –الذين نعيش في الخرطوم– نطوف يومياً على الأحياء والأسواق ونلتقي لجان الأحياء السكنية والتجار والطلاب والأطباء، ونؤكد أن كل حالات الإصابة بالملاريا طبيعية جداً في مثل هذا الفصل من السنة، حيث يتكاثر البعوض الناقل للملاريا وينتشر الذباب بسبب مياه الأمطار.

أما الادعاء بأن العائدين إلى بيوتهم اضطرّوا للمغادرة مجدداً بسبب الأوضاع الصحية، فهو محض أماني للبعض وحملة تشويه مقصودة. بل إن الأوضاع الصحية في الخرطوم أفضل من كثير من مدن السودان الأخرى. وإذا كان “الجنجويد الإلكتروني” حريصاً على الإنسانية، فلماذا يصمت ويتعامى عن تفشّي وباء الكوليرا في مناطق سيطرة الدعم السريع بدارفور وكردفان، حيث حصدت الكوليرا آلاف المواطنين نتيجة تدمير البنية الصحية هناك؟!

الحقيقة أنّ الاستهداف مقصود: الخرطوم تتعافى نسبياً، والحياة تعود تدريجياً، والإمداد الكهربائي استقرّ في الأسابيع الأخيرة. لكن أخطر ما يلوح في الأفق الآن هو عودة المرض الذي تسبّب في الحرب: الإساءة للقوات المسلحة من قبل فئات مدفوعة بالتحريض لإثارة الفوضى.

أمس الأحد أغلق شباب من الحارة (21) بالثورة الطريق الرابط بين شارع الوادي وشارع النص، وهم يهتفون: “العسكر للثكنات”. لكن مجموعة من شباب الحي تصدّت لهم وطردتهم، وأزالت الحجارة من الشارع العام. غير أن ما جرى هو بداية لمخططات أكبر تستهدف تشويه صورة الخرطوم في مخيلة الناس، خدمةً لأجندة المليشيا وأتباعها.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى