مقالات

يوسف عبد المنان يكتب:..خارج النص..مخاطر الصراعات

يوسف عبد المنان يكتب:..خارج النص..مخاطر الصراعات

 

 

لن تنال الطائرات المسيرة من الشعب السوداني، ولن توهن عزيمة القوات المسلحة، ولن تفت في عضد الجيش، ولن يركع أحدٌ لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي سخّرت كل ما تملك لحرب الحوثيين في اليمن، وبعد سنوات من الدم والتخريب انتصر الحوثي على مشيخات الإمارات، كما انتصر الشعب السوري على بشار الأسد،

وانتصر على الإمارات. والشعب السوداني قادر على الصمود سنوات وسنوات، وقادر على القضاء على أتباع أبوظبي وكلاب صيدها من الجنجويد والمرتزقة الأجانب.

لكن الخطر الحقيقي ينبع من الصراع الداخلي، الذي بدت علاماته الصغرى واضحة في التباين بالمواقف بين أعضاء مجلس السيادة، وبالأخص داخل المكون العسكري. هذا التباين وتناقض الخطاب السياسي لا يعبران عن مصدر عافية، ولا عن اختلاف طبيعي في التقديرات والاجتهادات، بل هما انعكاس لخلاف عميق جدًا حول المقاومة الشعبية.

يدعم الفريق البرهان هذه المقاومة، ويشجعها بشدة، وكذلك يفعل ياسر العطا، الذي بلغت به الجرأة حد البدء عمليًا في تشكيل تحالف شبابي للدفاع عن الأرض والعِرض. وقد جمع العطا بين “غاضبون” ذات البعد اليساري، و”البراءون” بمظهرهم الإسلامي، فاستطاع التوفيق بين الماء والنار.

في المقابل، يرفض الفريق شمس الدين كباشي تسليح الشعب، ويرفض وجود تنسيقيات القبائل التي لم تنشأ تلقائيًا، بل حظيت بدعم مباشر من الفريق البرهان شخصيًا، ولعبت تلك التنسيقيات دورًا مهمًا في إحدى مراحل الحرب. إلا أن كباشي، بالأمس، ألقى عليها التراب ودفنها في تراب بورتسودان المالح، ففرح الجنجويد و”القُحاتة” لحديثه، وسخروا من قيادات تلك التنسيقيات، الذين باتوا اليوم مطالبين بتقديم استقالاتهم الجماعية وحل التكوينات التي رفضها كباشي.

في مثل هذه الأجواء، تنشط المخابرات الإقليمية والدولية في إذكاء نيران الفتنة، وقد نجحت مخابرات الإمارات سابقًا في التفريق بين الرئيس السابق عمر البشير وأقرب القيادات إليه، بدءًا من بكري حسن صالح، مرورًا بعلي عثمان، ونافع علي نافع، حتى تم خلخلة نظام الإنقاذ من الداخل، فسقط قبل ست سنوات. كما نجحت المخابرات الأجنبية في استمالة قوات الدعم السريع، وتسخيرها كذراع عسكري لتحالف قوى الحرية والتغيير، مما أشعل الحرب الحالية.

وبعد مرور عامين على اندلاع الحرب، واستعصاء هزيمة الجيش على المليشيا، أخشى أن تلعب المخابرات الإقليمية والدولية لعبتها مجددًا، فتمزق أحشاء المكون العسكري بخلافات مصطنعة هدفها القضاء على تماسك الدولة.

ستشقى البلاد كثيرًا بأي خلاف بين القيادات، وستحصد المليشيا ثمار هذه التناقضات، التي تمثل أعراض مرض سرى فعليًا في جسد الدولة المنهك.

ليت الفريق البرهان، بما عُرف عنه من حكمة وبصيرة وسعة أفق، أن يحتوي أي مظاهر للتباين في المواقف، من أجل أن يبقى السودان أولًا وأخيرًا.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى