يوسف عبد المنان يكتب: ..خارج النص..اغتيال (سماعين)

يوسف عبد المنان يكتب: ..خارج النص..اغتيال (سماعين)
مالها الفواجع والمواجع تغرز سكينها في اكبادنا كل ساعة ويتناهي إلى اسماعنا في كل لحظة اغتيال قريب وسحل صديق وجرح حبيب ونهب رفيق ولم يبقى الا النكد والفزع والخوف الذي سكن الأحشاء ومع رياح وهبوب الصيف والغيم الذي( يتطير) منه البدو في الفيافي جاء
النبأ المفزع أمس الجمعة قبل الصلاة بقليل باغتيال اخي وصديقي ورفيق الصبا وزميل الدراسة المهندس إسماعيل ود عوض الله (ابو البغيته) ود الشيخ مهدي اغتالوه ومن يغتال الناس غير مليشيا الدعم السريع
من داخل بيته بمدينة الدبيبات وهو من القلائل من أهل البلد الذين رفضوا الخروج ومغادرة أرضهم وديارهم وتركها للجنجويد يعبثون بها المهندس إسماعيل عوض قيادي في الحزب الشيوعي السوداني منذ بواكير صباه ونحن طلبة في مدرسة الحاجز المتوسطة تخطفت التيارات الفكرية النوابغ وتصيدت الطلاب المتفوقين
وكان حزب البعث العربي الاشتراكي في ذلك الزمان هو قبلة الشباب والطلاب ولكن إسماعيل اختار الحزب الشيوعي وكنا على طرفي صراع في كادقلي الثانوية الحزب الشيوعي والجبهة الأفريقية والحركة الشعبية والتيار الإسلامي ممثلا في الجبهة الإسلامية القومية في طرف آخر نواجه بعضنا في مساجلات الفكر ويوم الخميس نخرج معا لبيت الراحل محمد إسماعيل ابو
أسماء ندخل السينما معا وناكل الباسطة ونسهر مع فرقة جاز كادقلي ونشجع جلال الفكي الشهير بجلال كادقلي وأسامة النور طه محمد حسين ولا نفترق مع سماعين حتى جاءت الأحداث عاصفة وخرجت من كادقلي إلى الأبيض عاصمة الإقليم وتركت إسماعيل عوض الله الذي درس الزراعة بجامعة الخرطوم وهناك تفتقت عبقرية رجل يقرأ لتروتسكي ومكسيم جوركي وجورج امادو ويحفظ إشعار شكسبير ويغني مع بوب مارلي لكنه صوفي تدمع عينه لمديح اولاد البرعي ويهيم مع الشيخ التوم ود بانقا
في أحداث ابوكرشولا حينما دخلت الحركة الشعبية المنطقة تم اسره واقتيد معصوب العينين إلى منطقة الفيض ام عبدالله وتحدثت حينها مع أصدقاء لي داخل الحركة الشعبية وممن تجمعنا بهم أواصر الرحم والدم والزمالة وكرة القدم وقلت للأخ جقود مكوار عبر الهاتف كيف تعتقل شيوعي أقرب إليكم من كل الحلفاء وفي اليوم الثاني أطلق سراحه وعاد للدبيبات وبقي هناك فقيرا معدما عفيفا شريفا لايمد يده لمال حرام واخر
عهدي به في ذلك المساء من شهر يونيو قبل عامين الا قليلا اي قبل سقوط الدبيبات وفي مصلى كبير وجدته يصلي بالناس المغرب وعلى يده مسبحة ويتوكا على عصاة شربناالشاي عند الزريقة بت العمدة وافترقنا إلى الأبد ليأتي خبر اغتياله امس في بيته ووسط أسرته لتفجع الدبيبات مرة أخرى في قلبها وهي تنتظر الصياد لإنقاذ ماتبقى من أهل المنطقة بعد أن فتح الجنجويد بابا للعبور للجنه عبر فوهات البنادق التي تحصد الأرواح بلا
شفقة ولا أخلاق والمتعاونات والمتعاونين مع المليشيا يمرحون ويسرحون ويدخلون الأبيض ويخرجون وكشف الاغتيالات عند كبيرهم الذي في عنقه كل دماء أهل القوز ولكن متى ينهض الصياد من نومه العميق في الأبيض ويقضي على هؤلاء الاوباش الأوغاد حيثما وجدوا
إسماعيل اخوي سامحنا في التقصير