الأخبارالسودان

يوسف عبدالمنان يكتب:.. خارج النص..الفاشر تنتظر…

يوسف عبدالمنان يكتب:.. خارج النص..الفاشر تنتظر…

 

 

في الوقت الذي يتعرّض فيه شعب مدينة الفاشر لإبادة بالتجويع والحصار والتدوين، وتقتل المسيرات الإماراتية الأطفال والشيوخ والنساء، تترقّب المدينة أن تهبّ جموع أهل السودان لإنقاذ ما بقي من سكان أبو زكريا. وفي هذا الوقت ينشغل الإعلام بقضية حرمان حراسات رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس لمستشاره مصلح نصار من مقابلة رئيس الوزراء. تضاربت الأنباء حول أسباب المنع وقيل الكثير والمثير عنها، وانتشر الخبر في كل الدنيا. ثم جاء نبأ اعتذار رئيس الوزراء لمستشاره، وانسلخ النهار والليل، والناس في شغل بقضية مصلح نصار الذي يملك قاعدة عريضة في الوسط الصحافي من الأصدقاء والأحباب، كما يملك كامل إدريس طبقة واسعة ممن يراهنون على نجاحه رغم البدايات المتعثرة.

لكن القضية التي حريا بأهل كل السودان النهوض وخوض معركة المصير من أجلها هي مدينة الفاشر التي تصرخ وتستغيث. لا حياة ولا تدابير هناك إلا عمليات الإسقاط التي تقوم بها القوات المسلحة من حين لآخر لدعم المقاتلين. ومع ذلك، أصبحت الفاشر ومعركة الفاشر شغلاً شاغلاً لدولةٍ الإمارات ومكفولها حميدتي، لأن سقوط الفاشر في تقدير هذه الجهات يمنحهم مشروعية تأسيس «حكومة تأسيس» — خطوة تسبق التفاوض الذي تسعى المليشيا للدخول فيه وهي تبسط سيطرتها على عواصم ولايات دارفور الخمسة، إضافة إلى غرب كردفان وجنوب كردفان.

نقلت المليشيا عتاد المعركة ورجالها وحددت ميدانها في النهود والخوي. فإذا نجحت القوات المسلحة والقوات المشتركة في كسر عنق المليشيا في النهود، فإن دخول القوات إلى الفاشر يصبح مجرد رحلة في عمق ديار البرتي. وإذا استطاعت القوات المسلحة والقوات المشتركة والحركة الشعبية بقيادة مالك عقار دخول الدبيبات وفتح الطريق إلى الدلنج، فإن وصول القوات إلى الفولة ونيالا يصبح مسألة وقت.

تسلّحت المليشيا ليس بالرجال — فقد نضب معينهم — وبات اعتمادها على سلاح المسيرات لإيقاف تقدم القوات نحو الفاشر وبابنوسة وغيرها من مدن دارفور. لكن سلاح المسيرات لن يقهر إرادة شعب بأكمله. فقد صمدت الفاشر لأكثر من عامين، واستخدمت المليشيا حتى السلاح المحظور دولياً، ومع ذلك لم تسقط الفاشر. الفاشر تنظر إلى الإنقاذ من أهل السودان بالأفعال لا بالأقوال: بهبة شباب القوات المسلحة، وهبة مجاهدي البراءون، ونفرة الدراعة — لانصر بلا دماء ولا حرب من غير خسائر، ولا عزة من غير تضحيات. وإنما يسترد الوطن الرجالُ الأسود، لا الرجالُ النياق.

الفاشر أرض شعب، وليست حارة صغيرة أو زقاقًا. تحريرها اليوم عبر معركة تمتد من الصحراء إلى النهود وودبنده واللعيّت وجار النّبي أصبح الخيار الوحيد — أو خيار من لا خيار له — إذا أردنا العزة والكبرياء في الأرض، لنخرج الجنجويد من أرض السلاطين بأغلى الدماء وأعظم التضحيات، وأن يتقدم القادة الكبار لمعركة التحرير ومن خلفهم شعبهم، حتى لا تسقط الفاشر ومعها تسقط هباءً كل التضحيات التي قدمها فرسان الفرقة السادسة ومجاهدو «عرد عرد» وقوات الدفاع عن النفس كشن وأهل دارفور.

لن يتحقق النصر بالأماني ولا بانتظار الأخبار من أجهزة الهواتف النقالة. ولن ننتصر إذا أصبحت قضية تافهة مثل حرمان مصلح نصار من دخول مكتب كامل إدريس هي قضية الساعة التي تشغل حتى وزير الإعلام الأعسر. فهل كان دخول مصلح نصار إلى مكتب كامل إدريس أهم من دخول قواتنا لوادي سيلي؟

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى