يس ابراهيم الترابي يكتب: تفويض الجيش أمر طبيعي ونابع من أصالة الشعب السوداني
يس ابراهيم الترابي يكتب: تفويض الجيش أمر طبيعي ونابع من أصالة الشعب السوداني
الكل يعلم الطريقة الدراماتيكية لهذه الحرب التي لم يتوقع حدوثها أحد ولم تكن في حسبان غالبية الشعب ممن يبتعدون عن مجريات الأحداث وعدم متابعتهم للجوانب السياسية لما يريده القحاتة في تلك الأيام أو الحساسية المكتومة بين قيادات الجيش والدعم السريع،
كان هؤلاء في حلهم وأمر معاشهم وكان القحاتة يعيشون في أوهام رغبتهم الجامحة نحو مصالحهم السلطوية الشخصية، وفي ذلك هم على استعداد تام للاستعانة بالشياطين ، وقد أوعزوا لقائد الدعم السريع بمغريات من ضمنها كرههم للجيش وهو ما وقع له في(جرح).
والأمر الآخر الذي لم يجعل الناس يتحسبون لوقوع هذه الحرب أن الزمان كان في خواتيم شهر رمضان والناس تستعد لاستقبال العيد وبدأت الأسواق تعج بمختلف البضائع وتستقبل أرتال الناس كالعادة وهم لا يعلمون أن الأوضاع السياسية حينها تتأزم بشكل غريب ومتسارع
كزنقة ترزي ليلة العيد كما يقولون، وفود تذهب لقائد الجيش وفود تذهب لقائد الدعم السريع والاتفاق الإطاري هو رأس هذه الفتنة بين الطرفين وقد اكتوى بها الجميع ما عدا (أراجيز) قوى الحرية والتغيير الذين لم تصبهم نيرانها لهروبهم وخورهم وهاهم يعيشون حياة الدعة مع دول إذلال بطونهم بالمال وأفئداهم بخيانتهم الوطنية وخذلانهم لأهلهم.
وظللت متابعا رسائل لمزهم للجيش ومحاولاتهم إظهاره بالموقف الضعيف والضغط عليه ليرضخ لرغباتهم عبر التفاوض بميلهم لاتفاق جدة وهم يستغلون حالة الهياج الفوضوي الكبير الذي يقوم به أفراد الدعم السريع و مرتزقة الدول الأخرى ومن سار سيرهم من المتفلتين
والمجرمين الذين عاثوا فسادا في كل شئ تعلق بالمال والديار والمرافق وشرف النساء والبنات، وقد أنهوا بهذه الممارسات أي مجال لقبول المفاوضات لأن المجتمع السوداني لم ولن يقبل بها ولن يجلس مع فاعلها أو من يسانده ويستغله لإقهار الجيش.
هذه التصرفات التي لم تجر في البلاد من قبل جعلت الشعب السوداني الذي ذاق المآسي والآلام وتجرع العلقم من نتائجها قتلا ونهبا وتشريدا أن يلتف حول قواته المسلحة بالدعم النفسي(الشخصي) من خلال المستنفرين وهي كلمة يبدو أنها وضعت بدل المجاهدين ولا أدري هل
لحساسية الموقف أم ماذا ولكنها ليست أفضل من الجهاد في سبيل الله والوطن وهذه هي أيامه الحقيقية والفعلية وتضمن أجوره بالنصر في الدنيا أو الشهادة في الآخرة، ولذلك اندفعت كل مكونات الشعب السوداني لنصر الجيش، وقد كان للدعم المادي أيضا أثرا وووجدا رغم ما يعانيه الشعب من الشظف وضيق ذات اليد.
ولم تتوقف كل أساليب ووسائل الدعم والمساندة والنصرة لقوات شعبنا الباسلة ولكن المرجفين في المدينة قد ساءهم جدا الانتشار السريع والواسع لجانب تفويض الجيش ليحسم هذه الحرب بوقفة الجميع معه وليكن على رأس قيادة البلاد حتى يعاد تعميرها وتستقر أحوالها
وبعدها يمكن أن يفكر الناس في طريقة الحكم التي يبغونها، وهذا الأمر يحتاج لسنين عديدة تسمح بأن يكون عجائز القحاتة تحت الأرض فيرتاح منهم الوطن ومواطنيه ولا أدري هل يرتاحون هم بعد أن أذاقونا هذه المرائر وهم في راحة تامة مع أسيادهم في هذه الدنيا
التي ليست بدار قرار أو ارتياح ولكنهم لا يعلمون.
وقد استفزني وأحزنني مقال أحدهم الذي لم يستحِ أن يختار له عنوان (بدعة تفويض الجيش) ونقول له إن هذه ليست بدعة وإنما أمر طبيعي ونابع من أصالة الشعب السوداني الذي أراد أن يعلم القاصي والداني الكريم
والخائب الوطني والخائن الداخل والخارج أنه مع حيشه في كل المحن والملمات الوطنية وهاهم أفراد الشعب السوداني في جميع المهن والوظائف والمساقات والعمل الحر، العلماء منهم وغير المتعلمين وعبر كل الوسائط يكتبون بأسمائهم تفويضهم الكامل للجيش وهذا ما
تحيش به دواخلهم على الدوام نحو ضباطه وجنوده الذين من أصلابهم وأرحامهم وهم يحملون أرواحهم فداءا لعرضهم ودينهم ، فهل كنتم تتوقعون أن يخذل شعب السودان الأبي جيشه !؟ ألم تروا وتشاهدوا كيف يستقبل المواطنين قيادات الجيش من أعضاء مجلس
السيادة أو غيرهم وكيف يتدافعون نحوهم ويعتمدون عليهم ويضعون ثقتهم فيهم لحمايتهم، إنه التفويض الفطري الذي بذروه في وسائل الإعلام فكاد أعداء الجيش فطفقوا يهرفون بمثل هذه الكتابات المخذلة التي لن تنطلي على فطنة الشعب السوداني.
وأرد على بعض ما بثه من سموم نحو الشعب والجيش بأن هذا التفويض لإدارة الجيش لشؤون البلاد وهذه الحملة تحمل كل المعاني الوطنية السامية وقد أتت أكلها وجاءت نتائجها المعنوية عالية ، ويبدو أن انقلاب اكتوبر ما زال خنجرا مزروعا في أحشاء هؤلاء القوم الذين
يتحدون الشعب باستغلالهم البشع لثورته ، فكان الرد هو هذه الهتافات المناوئة لهم أينما حلوا بسرقة الثورة وبيع دمائها ولن يدع لكم الشعوب فرصة الرجوع لقلوبهم بخدعو أخرى أو طنهم الذي خانوا، وكما يقول البعض(لو رجال تعالوا).
واختم هذا المقال الفخور بالشعب السوداني الذي يعز جيشه ويعلي شأنه ويضحي معه بأن الصفوف قد تمايزت بحمد الله تعالى وعرفنا المحسن من الخبيث والجامع للناس من المفرق لهم والداعي الحقيقي للسلام من المخادع به والموتور المتوجع من هذه الأوضاع والمستغل
لها خارجيا وإعلاميا، نصر الله قوات شعبنا المسلحة التي تمثل كل أطياف الشعب السوداني ومكاونات مجتمعه وقبائله رضي بذلك البعض أو أبوا، فلم يعهد في الشعب
السوداني خذلان جيشه في كل العهود ، فهل نسمع لهؤلاء (الأقزام) أن ينالوا من الجيش ونسكت لهم، كلا وألف كلا وسيلقمهم الشعب حجرا ويلقنهم درسا في تعاضده مع جيشه وتفويضه الكامل له.