ومضة
بقلم مصطفى نصر
خلي الترس صاحي
الخرطوم:العهد أونلاين
هذه الثورة عرق جيل ما تحت العشرين، قام بها أولاد وبنات يافعين كانوا قلة، يلوذون بالشوارع الجانبية من بطش الأجهزة القمعية، لايملكون سوى حناجر معبأة بالهتاف، أبدان نحيلة ومعينات بسيطة، وبناطلين جينز ، أحذية إسبورت، خل، نيم، كمامات.. عندك خت ما عندك شيل، ويقين قوي بأنهم سينتصرون لامحالة، تشردوا.. فقئت أعينهم.. فقدوا بعض أطرافهم، وفصل بعضهم من وظائفهم، عانوا من فقد رفقائهم الذين استشهدوا أمامهم بكل وحشية، وبكوهم دما، قضوا الليالي الطوال في الأرض الصلبة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء أمام القيادة، يأكلون فتات الطعام، وما زالت دماء شهدائهم تبلل الأرض ولم يتم القصاص من قتلاهم.
ماذا جنى شبابنا من كل هذه التضحيات؟ لا شيء مطلقا، فقد همشوا رغم التضحية، وجاء أصحاب الياقات البيضاء من وراء البحار ليقتسموا كيكة السلطة فازدردوها كلها دون أن يتركوا شيئا لهؤلاء الشباب، نقول لأحزاب قحت العجوزة التي تهالكت بتقادم الزمان انصفوا هذا الجيل العظيم، انفضوا ايديكم من المحاصصات السمجة في البرلمان، واتركوا ستين بالمائة من مقاعده لهؤلاء الشباب في لجان المقاومة والخدمات، تحت الثلاثين عاما، بالمناصفة بين الذكور والإناث، لأن شبابنا الذين ابتكروا كل هذه الأساليب الحديثة في مقاومة أعتى دكتاتورية في القرن الحادي والعشرين، وأذهلوا العالم بصمودهم الاسطوري، قادرون على ابتكار الأدوات الكفيلة بإنجاح الفترة الانتقالية.
إننا نناشدكم أيها الآباء في هذه الأحزاب المتهالكة التي أكل عليها الدهر وشرب، أن تتفرغوا للانتخابات التي لم يبق من أجلها سوى عامين ونصف، ضخوا في شرايين أحزابكم المتهالكة دماء شابة تحت الثلاثين، فهم الأقدر على بناء حقبة ديمقراطية رابعة ناجحة ٢٠٢٤/ ٢٠٢٨، نريد حقبة ديمقراطية فاعلة تظهر معالمها في بناء هذا الوطن من جديد، وتبني على أنقاضه دولة حديثة، ونتمنى أن تكونوا قد استوعبتم تجربة الديمقراطيات السابقة، التي لم تكن سوى مشاحنات وبحث عن مكاسب شخصية وحزبية ضيقة، وضعوا الوطن في حدقات العيون، وقدموا مصلحة الوطن الباقي بعد زوالكم على مصالحكم الشخصية.
إنني في الختام ادعو شباب الثورة من تروس لجان المقاومة والتغيير لان (يخلوا الترس صاحي) في كل السودان للملمة صفوفهم، ومنح قحت مهلة لا تزيد عن الأسبوعين لتشكيل التشريعي، تكونوا أنتم خلال هذه الفترة قد شكلتم برلمان ظل من وجوه نيرة ثورية وكفوءة، لأن قوى قحت لن يصلوا لاتفاق على البرلمان حتى بعد عام من اليوم بهذا التكالب على المناصب الذي نراه، ولأنهم لانية لهم لإكمال مؤسسات الفترة الانتقالية، حتى يديرونها بلا رقيب او حسيب.. واخرجوا بعد المهلة في مليونية تزلزل الأرض إلى البرلمان، وأدخلوه عنوة واعقدوا جلساتكم، وضعوا الجميع أمام الأمر الواقع واستعيدوا وهج ثورتكم من خلال البرلمان الذي هو فوق كل السلطات.
فهل تفعلوها أيها الشباب الاشاوس؟ أرجو ذلك؟
