هل يعني التعب الإصابة بسلالة أوميكرون؟.. ما الأمراض الأخرى المحتملة؟
ما الأمراض التي قد يشير التعب إلى الإصابة بها؟ وما العوامل قد تزيد من فرص الإصابة بكوفيد طويل الأمد Long covid؟ وما أحدث المعطيات حول نشأة أوميكرون؟ ومع تراجع موجة أوميكرون هل انتهى وباء كورونا؟ الإجابات في هذا التقرير الشامل.
ما الأمراض التي قد يشير التعب إلى الإصابة بها؟
الشعور بالتعب قد يكون من أعراض الإصابة بعدد من الأمراض، بينها عدوى فيروس كورونا وأمراض الغدد الصماء.
في تقرير نشرته صحيفة “إزفيستيا” Izvestia الروسية، يقول الكاتب نيكولاي باراتاييف إن الشعور بالتعب بعد قضاء يوم شاق شيء طبيعي يحدث لأي إنسان، لكن الإرهاق المستمر دون سبب واضح قد يخفي وراءه مشكلا صحيا. كما أن الشعور المستمر بالتعب قد يكون من أعراض الإصابة بمتحور أوميكرون من فيروس كورونا.
التعب من أبرز أعراض أوميكرون
يرى الأطباء أنه في ظل الظروف الراهنة التي يمرّ بها الناس، من الصعب تحديد ما إذا كان التعب مرتبطا بالإصابة بفيروس كورونا، أم أنه من مخلفات الإجهاد اليومي.
وإلى جانب التعب، يؤكد خبراء بريطانيون أن آلام العضلات وفقدان الشهية، فضلا عن الإسهال والغثيان، من الأعراض المميزة للإصابة بمتحور أوميكرون.
ونقل الموقع عن باحثين مشاركين في رصد إحصائيات تطبيق “زوي كوفيد” (ZOE Covid) أن أطباء الأطفال في بريطانيا انتبهوا إلى تكرار مشكلة الشعور بالإرهاق لدى الأطفال المصابين بأوميكرون.
وقد لاحظ الخبراء في بنغلاديش أعراضا مماثلة، حيث أكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للصحة نازمول إسلام أن 64% من المصابين بسلالة أوميكرون من فيروس كورونا المستجد يشتكون من الشعور بالإرهاق، بينما يعاني نحو 73% من سيلان الأنف، ونحو 68% من الصداع.
أمراض أخرى
يضيف الكاتب أن الشعور المستمر بالتعب لا يعني فقط احتمال الإصابة بعدوى فيروس كورونا، بل يشير أيضا إلى أمراض أخرى.
وتقول أخصائية الغدد الصماء فيكتوريا سادوفسكايا إن التعب المزمن قد يكون متلازمة في حد ذاته، أو أحد أعراض الإصابة بعدد من الأمراض.
قد يشير التعب المزمن إلى أمراض خطيرة مثل قصور الدرقية وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد والقصور الكظري والسل. ويشتكي المصابون بالاكتئاب غالبا من الشعور بالتعب.
وتوضح سادوفسكايا أن إحصائياتها الخاصة تظهر أن 18% من مرضاها الذين يشعرون بالتعب المزمن يعانون في الواقع من قصور الغدة الدرقية.
وتضيف “يستدعي استمرار الشعور بالتعب، بعد اتباع علاج محدد وأخذ فترة من الراحة استشارة أخصائي غدد صماء، لوصف الحالة وتحديد الأعراض الإضافية وتقييم المظهر الخارجي مثل لون الجلد والأغشية المخاطية ومناطق فرط التصبغ أو تساقط الشعر وقياس ضغط الدم”.
4 عوامل قد تزيد من فرص الإصابة بكوفيد طويل الأمد
أفاد فريق من الباحثين الذين تابعوا أكثر من 200 مريض، لمدة تتراوح بين 2-3 أشهر بعد تشخيص إصابتهم بكوفيد-19، أنهم حددوا العوامل البيولوجية التي قد تساعد في التنبؤ بما إذا كان الشخص سيصاب بكوفيد طويل الأمد، وفقا لتقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” The New York Times للكاتبة بام بولوك.
ومتلازمة كورونا طويلة الأمد مجموعة من الأعراض التي تستمر مع المصاب بفيروس كورونا لمدة تفوق 4 أسابيع، وقد تم إحصاء أكثر من 200 من الأعراض، التي تصيب أكثر من 9 أعضاء في الجسم وتستمر لمدة سنة بالنسبة لبعض الأشخاص، وذلك وفق ما قالت الدكتورة ميس عبسي أخصائية الأوبئة في الجامعة الملكية بلندن في تصريحات سابقة للجزيرة نت.
ووجدت دراسة نشرتها مجلة “سيل” (Cell) أن هناك 4 عوامل يمكن تحديدها في مرحلة مبكرة من الإصابة بفيروس كوفيد-19 والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأعراض طويلة الأمد.
وأفاد الباحثون أن النتائج قد تكشف عن طرق منع الإصابة بكوفيد طويل الأمد أو علاج بعض الحالات، بما في ذلك إمكانية إعطاء الأدوية المضادة للفيروسات بعد وقت قصير من تشخيص الإصابة بالعدوى.
وقال الدكتور ستيفن ديكس أستاذ الطب بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الذي لم يشارك بالدراسة “هذا الاكتشاف أول محاولة حقيقية جديّة لابتكار بعض الآليات البيولوجية لمقاومة حالة كوفيد طويل الأمد”.
كما حذّر وخبراء آخرون، جنبًا إلى جنب مع مؤلفي الدراسة، من أن النتائج كانت استكشافية فقط ويجب التحقق منها من خلال المزيد من الأبحاث.
والعوامل الأربعة هي:
- مستوى الحمض النووي الريبي لفيروس كورونا coronavirus RNA الموجود في الدم في وقت مبكر من الإصابة، وهو مؤشر على الحمل الفيروسي.
- وجود بعض الأجسام المضادة الذاتية autoantibodies، وهي الأجسام المضادة التي تهاجم عن طريق الخطأ الأنسجة الموجودة في الجسم مثلما يحدث في حال الإصابة بالذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي.
- إعادة تنشيط فيروس إبشتاين-بار Epstein-Barr virus، وهو فيروس يصيب معظم الناس، غالبا عندما يكونون صغارا في السن، وعادة ما يبقى الفيروس خاملا داخل الجسم.
- الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
معطيات مثيرة عن نشأة أوميكرون
في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، يقول الكاتب مارك زيمر إن فريقا دوليا من العلماء قال في دراسة نُشرت على الإنترنت في موقع بيوأركيف biorxiv، إن من بين 53 طفرة في متحور أوميكرون، توجد 13 طفرة فريدة نادرًا ما عُثر على مثلها في فيروسات كورونا الأخرى.
وكان ينبغي أن تؤدي الطفرات الـ 13 إلى إضعاف أوميكرون، لكن العلماء وجدوا أنها عملت بالتنسيق فيما بينها على ما يبدو لتقويته. هذا ما جعل الباحثين يحاولون معرفة كيفية تطور أوميكرون واستخدام هذه الطفرات ليصبح ناقلًا ناجحًا للمرض.
ويوضح الكاتب أن الطفرات هي جزء منتظم من فيروس كورونا، ففي كل مرة يتكاثر فيها فيروس داخل خلية ما، هناك احتمال ضئيل أن تنشئ الخلية نسخة معيبة من جيناتها، لذلك فإن العديد من هذه الطفرات ستجعل الفيروسات الجديدة معيبة وغير قادرة على التنافس مع الفيروسات الأخرى.
ويتابع الكاتب أن الطفرات قد تكون مطوِّرة للفيروس، فيمكن مثلا أن تجعله يلتصق بالخلايا بطريقة أكثر فعالية، أو تجعله يتكاثر بشكل أكبر.
وقد وجد العلماء سلالات مختلفة من فيروس كورونا حول العالم التقطت تدريجيا عددا من الطفرات على مدار عام 2020، حتى ظهر في ديسمبر/كانون الثاني من ذلك العام متحور ألفا الذي صدم الباحثين البريطانيين الذين اكتشفوه، كونه كان يحمل 23 طفرة لم تكن موجودة في فيروس ووهان الأصلي.
ويضيف الكاتب أنه على مدار عام 2021، ظهرت العديد من المتحورات الأخرى سريعة الانتشار، لكنها ظلت مقتصرة على دول أو قارات معينة، حتى ظهر متحور دلتا الذي حمل 20 طفرة مميزة له عما سبقه، وأطاح بألفا وانتشر بسرعة خلال الصيف، وجاء في النهاية أوميكرون بهذا العدد الهائل من الطفرات.
عكف دارين مارتن، عالم الفيروسات بجامعة كيب تاون، مع عدد من العلماء الدوليين على دراسة بناء التطور الجذري لأوميكرون من خلال مقارنة طفراته الـ 53 مع طفرات فيروسات كورونا الأخرى.
وقد وجد مارتن وزملاؤه أن هناك طفرات مشتركة بين أوميكرون ودلتا ومتحورات أخرى، لكنهم لاحظوا نمطًا مختلفًا تمامًا على مستوى بروتين السنبلة “سبايك” Spike الذي يوجد على سطح أوميكرون ويسمح له بالالتصاق بالخلايا.
فقد اكتشفوا أن “سبايك أوميكرون” وحده يحتوي على 30 طفرة، منها 13 طفرة نادرة الوجود في فيروسات كورونا الأخرى حتى تلك التي تصيب الخفافيش، وبعضها لم يرصده العلماء منذ بدء الجائحة.
ويشير الكاتب إلى أنه إذا كانت الطفرة مفيدة للفيروس أو حتى محايدة، فإن العلماء يتوقعون ظهورها – في كثير من الأحيان – في العينات، أما إذا كان نادرة أو جديدة تمامًا فهذه عادة علامة على أنها ضارة بالفيروس وتمنعه من التكاثر. لكن متحور أوميكرون ينافي هذا المنطق، حيث ينبّه الدكتور مارتن إلى أن “أوميكرون مجرد البداية لشيء لم نر مثله من قبل”.
ما يجعل هذه الطفرات الثلاثة عشر مميزة – حسب الدراسة – هو أنه لا يتم توزيعها بشكل عشوائي من قبل بروتين “سبايك أوميكرون”، لكنها تتوزع على ثلاث مجموعات لكل منها دور في تغيير جزء صغير من البروتين، التي تجعل مع بعضها أداء أوميكرون فريدًا.
ويقول الكاتب إن مجموعتين من هذه الثلاث تقومان بتغيير بروتين “سبايك” عند الأطراف مما يُصعِّب عمل الأجسام المضادة البشرية في الإمساك بالفيروس وإبعاده عن الخلايا، وهذا ما يفسر قدرة متحور أوميكرون على إصابة الأشخاص الذين تم تطعيمهم.
ويضيف أن المجموعة الثالثة تكون مسؤولة عن تغيير بروتين “سبايك” عند القاعدة، وهي المنطقة المعروفة بمجال الاندماج، الذي تستخدمه الفيروسات للاندماج مع غشاء الخلية ليُدخل الفيروس جيناته إلى أعماق الخلية من خلال هذه المنطقة. لكن أوميكرون يقوم بشيء مختلف، حيث يدخل الفيروس كله داخل الخلية ليكوّن فقاعة بداخلها ثم بعد ذلك يفتح الفيروس هذه الفقاعة ويطلق جيناته.
ويرى الكاتب أن هذا المسار الذي تقوم به المجموعة الثالثة من الطفرات قد يفسر سبب كون أوميكرون أقل فتكًا من المتحور دلتا: فآلية الفقاعة قد تكون مجدية مع الخلايا الموجودة في مجرى الهواء العلوي، لكن في أعماق الرئتين فإن خلاياهما تحتاج إلى آلية الاندماج من السطح، وهو ما يفتقر إليه أوميكرون.
ويوضح أن اكتشاف هذه الطفرات الـ 13، وكيف استفاد منها أوميكرون، قد يعطينا لمحة عن أصل نشأة هذا المتحور.
وحسب أحد الاحتمالات، نشأ هذا المتحور في جسم شخص يعاني من ضعف في المناعة، مثلما هو الحال مع المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”.
ويقول سيرجي بوند عالم الأحياء التطورية في جامعة تمبل ومؤلف الدراسة الجديدة “المضيف الذي يعاني من نقص المناعة لا ينتج الكثير من الأجسام المضادة، لتترك العديد من الفيروسات لتنتشر، وتتكاثر فيروسات متحولة جديدة تقاوم الأجسام المضادة”.
ووفقا للقائمين على الدراسة، فإن الطفرة التي تسمح للفيروس بتفادي الأجسام المضادة ليست بالضرورة مفيدة، فقد تجعل بروتين “سبايك” غير مستقر مما يحول دون التصاقه بسرعة بالخلية.
ولكن عند إصابة شخص يعاني من ضعف في جهاز المناعة، قد تتمكن الفيروسات من اكتساب طفرة جديدة.
ويعتقد الدكتور بوند أن طفرات مماثلة من الممكن أن تطور نفسها مرارًا وتكرارًا لدى نفس الشخص، إلى أن يطور أوميكرون بروتين “سبايك” بالمزيج الصحيح من الطفرات التي تسمح له بالانتشار بشكل كبير بين الأشخاص الأصحاء.
ونقل الكاتب عن سارة أوتو عالمة الأحياء التطورية في جامعة كولومبيا البريطانية التي لم تشارك في الدراسة “يبدو الأمر معقولاً بالتأكيد” لكنها تعتقد أيضًا أن العلماء ما زالوا بحاجة إلى إجراء تجارب لاستبعاد التفسيرات البديلة.
موجة أوميكرون قد مضت.. لكن كورونا لم ينته
من المرجح أن تكون الولايات المتحدة قد تجاوزت ذروة موجة أوميكرون، مع تسجيل تراجع في عدد حالات الإصابة بالولايات الأكثر اكتظاظًا بالسكان، وإذا اتبعت نفس نسق جنوب أفريقيا وبريطانيا قد يكون من الممكن التحكم في تفشي العدوى في غضون شهر.
وفي هذا المقال -الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” washington post- قال عميد كلية الصحة العامة بجامعة براون، أشيش ك. جها، إننا قد نشهد خلال الأشهر القادمة تخفيف القيود والعودة إلى الوضع الطبيعي. ولكن لا وجود لمؤشرات تدعو للاعتقاد بأن الوباء شارف على الانتهاء.
في المقام الأول، قد يعود متحوّر دلتا إلى الانتشار مرة أخرى، وإن كان هذا الاحتمال غير مرجح، إلى جانب أوميكرون، ليستمر تفشي العدوى وحالات دخول المستشفى. وسواء عاد متحور دلتا إلى الظهور أم لا فإن حالات الإصابة من المرجح أن تبقى موسمية. وهذا يعني إمكانية حدوث موجة عدوى مفاجئة بالولايات الجنوبية هذا الصيف، والولايات الشمالية في الخريف والشتاء المقبلين مع انخفاض درجات الحرارة. علاوة على ذلك، قد يظهر متحوّر جديد يكون معديا أكثر أو أشد فتكًا.
ويرى الكاتب أننا سندخل فترة من عدم اليقين مع انتهاء موجة أوميكرون. وحتى مع تراجع عدد الإصابات يصعب التنبؤ بالطفرات المفاجئة التي يمكن أن تحدث نتيجة تفشي السلالات المتحوّرة الحالية أو متحورات جديدة مستقبلًا، وهو ما يستدعي الاستعداد التام الأشهر المقبلة، وذلك عبر التالي:
- تكثيف جهود الوصول إلى المواطنين غير الملقحين.
- توفير عدد كاف من اختبارات كورونا.
- توفير جرعات كافية من العلاجات الجديدة من “فايزر” و”ميرك” إلى جانب الأجسام المضادة أحادية النسيلة ومضادات الفيروسات الأخرى، والتي يجب أن تكون حجر الزاوية في إدارة العدوى أثناء موجات التفشي المستقبلية.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الروسية + نيويورك تايمز + واشنطن بوست