هل صحيح أن المحيطين الهادي والأطلسي لا تختلط مياههما؟
يعد المحيطان الهادي والأطلسي أكبر المسطحات المائية الموجودة على كوكب الأرض، العصر الحالي، وبالرغم من أن المياه بشكل عام لا يمكن وضع حد فاصل بينها. إلا أن الكثير يتساءلون: أين تلتقي مياه المحيط الأطلسي والهادي تحديدا؟ ولماذا يظن البعض أن مياههما لا تختلطان؟ وهل يمكن للمياه من مصدرين مختلفين ألا تختلط بالفعل؟
الاختلافات الرئيسية بين المحيطين
يقع المحيط الهادي بين الأميركتين في الشرق وأوقيانوسيا وآسيا في الغرب. كما يقع الأطلسي بين أوروبا وأفريقيا في الشرق والأميركتين في الغرب. ويعد الهادي أكبر وأعمق محيط في العالم، ويغطي ما يقرب من 165 مليون كيلومتر مربع. ويبلغ متوسط عمقه 4280 مترا. ويأتي الأطلسي في المرتبة الثانية حيث تبلغ مساحته حوالي 107 ملايين كيلومتر مربع ومتوسط عمقه 3646 مترا.
ووفقا لموقع نظام بيانات الفيزياء الفلكية (ADS) فإن درجات الحرارة والملوحة والكثافة تختلف بين المحيطين الأطلسي والهادي في الكيلومتر العلوي. كما يرتفع سطح الهادي حوالي 40 سنتيمترا أعلى من الأطلسي.
وإضافة إلى الاختلافات الواضحة بين كل من مياه الأطلسي والهادي، فإن لكل محيط وبحر على كوكب الأرض خصائصه التي يتفرد بها. فملوحة سطح الأطلسي أعلى من المحيطين الهادي والهندي، في حين أن المياه المغلقة للبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط هي الأكثر ملوحة. وذلك لأن المياه ذات الملوحة المنخفضة من أعماق البحار لا يمكن أن تتدفق بسهولة إلى الأعلى، كما أن الماء يتبخر بشكل أسرع من السطح قبل أن تحل محله مياه الأمطار.
الهادي والأطلسي.. أين يلتقيان؟
يلتقي المحيطان الأطلسي والهادي في منطقة أقصى جنوب أميركا الجنوبية، معروفة باسم “كيب هورن”.
وتشير مدونة باتاغونيا (blogpatagonia) -الأسترالية- إلى أن خبراء الطبوغرافيا يؤكدون أن الخط الذي يمثل الحدود بين الأطلسي والهادي يمتد مباشرة بين كيب هورن والقارة القطبية الجنوبية.
ويسمى هذا الجسم الضيق من المياه بمضيق دريك، على اسم المستكشف السير فرانسيس دريك. ومع ذلك فإنه لا يمكن تمييز هذا الخط الفاصل بالعين المجردة بين جسدي مياه المحيطين. حيث تعد حدود المحيطات عشوائية للغاية، تماما مثل الحدود بين الأحياء في المدينة.
ويبلغ عرض ممر دريك 850 كيلومترا. ويطلق عليه “عنق الزجاجة” في المحيط الذي يفصل بين أميركا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية. وفي هذه المنطقة، ينقل تيار قوي المياه من الغرب إلى الشرق أي من الهادي إلى الأطلسي.
ويعد السفر حول كيب هورن رحلة مضطربة وخطيرة كان يخشاها البحارة منذ اكتشافها لأول مرة في القرن الـ 16، فقد أودت بحياة العديد من الأشخاص بسبب التيارات القاسية والرياح القوية والطقس الذي لا يمكن التنبؤ به. وقبل بناء قناة بنما، كانت هي الطريق الوحيد عن طريق البحر بين الهادي والأطلسي.
هل يختلط الأطلسي والهادي؟
انتشرت العديد من مقاطع الفيديو، خلال السنوات الأخيرة، التي يظهر فيها المحيط وعلى أحد جانبيه الماء أزرق داكن وواضح، وعلى الجانب الآخر بلون أخضر.
وتشير العديد من مقاطع الفيديو المتداولة هذه إلى أن هذا هو الخط الفاصل بين الأطلسي والهادي، مع زعم أن الماء فيه يتحدى جميع القوانين ويرفض الاختلاط.
غير أنه وفقا للعلماء فإن مياه الأطلسي والهادي تمتزج بالتأكيد، ربما أكثر من المياه الموجودة بمعظم الأماكن في محيطات العالم. إلا أن ما يحدث بهذا النوع من الفيديوهات أمر آخر لا علاقة له بالتقاء مياه المحيطين الأكبر على كوكب الأرض.
وإذا كانت مياه الأطلسي والهادي تختلطان بالفعل، إلا أنهما لا يندمجان معا بهدوء وبشكل متساو نظرا لاختلاف درجة الملوحة والكثافة والتيارات بالمحيطين. فحينما تصطدم التيارات المحيطية من كليهما في كيب هورن فإن الكثافات والتيارات ودرجات الحرارة المختلفة تخلف بحرا هائجا جعل من كيب هورن منطقة مشهورة دائما.
حدود المياه المرئية موجودة بالفعل
تقول سالي وارنر، الأستاذة وعالمة المحيطات الفيزيائية بجامعة برانديز (Brandeis University) -لموقع “هاو ستف وركس” (howstuffworks)- إن هناك أماكن في جميع أنحاء العالم تلتقي فيها حدود المياه معا مما يخلف خطوطا مرئية في المياه السطحية تسهل رؤيتها بالمحيط المفتوح. ويحدث ذلك حينما تلتقي المياه العذبة مع مياه المحيط المالحة. وكذلك حينما تختلط تيارات المياه ذات درجات الحرارة المختلفة.
على سبيل المثال فإن المياه حول القارة القطبية الجنوبية أبرد من الماء في الشمال. وما يعتقده الناس أنه يحدد مياه الأطلسي من مياه الهادي هو على الأرجح مكان يحدد المياه الباردة من القارة القطبية الجنوبية عن المياه الأكثر دفئا في الشمال.
من ناحية أخرى، يعد المكان الذي تلتقي فيه مياه الأنهار العذبة بمياه المحيط المالحة أسهل مكان لرؤية الحدود بين المياه، والتي تبهر الكثير من البشر عند رؤيتها.
ويرجع السبب في ذلك إلى أنه غالبا ما تكون مياه النهر طينية جدا بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى المحيط، مما يمنحها مظهرا يشبه حليب الشوكولاتة، والذي يتناقض بشكل حاد مع مياه المحيط الداكنة أو المظلمة.
ويضاف إلى ذلك فإن مياه الأنهار العذبة ومياه المحيط المالحة لها كثافات مختلفة، لذا يبدو الأمر كما لو أن مياه النهر تظل منفصلة عن مياه المحيط، إلا أنهم سيختلطون معا في النهاية بالتأكيد، وقد يستغرق الأمر يوما أو اثنين لتختلط مياههما تماما.
وبالتالي، فإنه إذا كان هناك خط مرئي بالماء في أي مكان، فعلى الأغلب ستكون له علاقة بمياه ذات كثافة مختلفة أو درجتي حرارة مختلفتين معا.