هل تتحمل التكنولوجيا مسؤولية “الخط الرديء” للطلاب؟
عمان – “خرابيش.. طلاسم.. كلمات مبعثرة.. وغيرها”، بهذه الكلمات وصفت الثلاثينية مروة عبيد خط طفلها سند في الصف السابع الأساسي، مؤكدة أنها تسعى دائما إلى تحفيزه على تحسين كتاباته، لكن من دون جدوى.
وتبين الأم أن ولدها متعلق كثيرا بالألواح الرقمية والهواتف الذكية، لافتة إلى أنها تشعر بخيبة أمل عندما ترى أحد أصدقائه يكتب بخط واضح وجميل، بينما لا تتمكن من متابعة الدروس مع طفلها أحيانا؛ بسبب عجزها عن فك شيفرة المكتوب على دفاتر واجباته.
بات الخط الرديء مشكلة كبيرة يتذمر منها أولياء الأمور مع أبنائهم، والمدرّسون مع طلابهم، فهؤلاء يعانون من قراءة وتصحيح أوراق الامتحانات المكتوبة بخط سيئ وغير مقروء. وللحديث عن مشكلة “الخط السيئ” لدى الطلبة، والوقوف على أسبابه، وعلاقته بانتشار أدوات التكنولوجيا بين أيدي الأطفال والمراهقين، حاورت “الجزيرة نت” متخصصين واستشاريين للإفادة بآرائهم وخبراتهم.
خط اليد وتحليل شخصية الطفل
تقول المتخصصة النفسية العيادية للأطفال الدكتورة أسماء طوقان إن “خط اليد عند الطفل قد يعكس بعض الصفات الشخصية له، ويمكن تحليلها من خلال المساحات والضغط على الورقة وطريقة كتابة الحروف والهوامش وميلان الخط أو استقامته، وهو ما يُسمى علم الغرافولوبي”.
وتذكر طوقان بعض الأمثلة على تحليل شخصية الطفل من حجم الخط، “فالخط المتوسط الحجم يدل على أن الطفل يتمتع بشخصية مرنة يسهل التعامل معها. والخط الصغير يدل على أن الطفل يتمتع بشخصية ذكية وتفضل التفكير على التطبيق العملي. أما الحجم الكبير، فيدل على وجود بعض المشكلات في التركيز والقدرة العالية في التطبيق العملي على الأشياء التي تحتاج إلى تفكير”.
وتلفت إلى أن “الطفل الذي يضغط بشكل كبير على القلم أثناء الكتابة يدل على اندفاعيته ونشاطه، وقد تكون طباعه حادة. والضغط المتوسط عليه يعكس شخصية متزنة وناضجة وسوية في تعاملها مع الآخرين. أما الضغط الخفيف على القلم، فيعكس شخصية قلقة وحساسة وضعف الثقة بالنفس”.
انتشار التكنولوجيا وتأثر الطفل
مع انتشار التكنولوجيا وتأثر الأطفال بها، قلّت مهارات الكتابة لدى الأطفال لاعتمادهم بشكل كبير على الكتابة عن طريق الأجهزة الإلكترونية وقلة استخدام الكتابة اليدوية، لأنها أسهل بالنسبة إليهم.
وتوضح طوقان أن هناك عوامل عدة تؤثر على الكتابة عند الأطفال، “فنحن لا نعتمد فقط على خط الطفل في تحليل شخصيته”. وثمة عوامل عدة تساهم في علاج هذه الحالة، لعل أهمها وجود الطفل في بيئة مريحة وآمنة وهادئة ووجود أدوات مناسبة يحتاجها الطفل أثناء الكتابة، ويفضل استخدامها لصحة الطفل من الناحية النفسية والعضوية.
وتشير إلى أن هناك بعض الصفات لخطوط الأطفال الذين يعانون من مشكلات أو اضطرابات نفسية، فمثلا الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تكون خطوطهم كبيرة ومشتتة وضغطة القلم لديهم حادة. أما الأطفال الذين يعانون من القلق، فغالبية خطوطهم صغيرة وضغطة قلمهم خفيفة.
مهارات الكتابة عند الأطفال
من جهتها، تقول المستشارة التربوية بشرى عربيات إن “مهارة الكتابة عند الطلبة تراجعت، ويتمثل ذلك في سوء التعبير باللغة العربية، وعدم القدرة على الكتابة باليد سواء بوجود أخطاء إملائية أو سوء الخط، فترى طالبا في الصف الـ12 يكتب اسمه بخط سيئ للغاية”.
وتعزو عربيات الأمر إلى عوامل عدة، أهمها لجوء عدد كبير من المدارس الخاصة التي تقوم بتدريس المناهج الأجنبية إلى إهمال الكتب الورقية والدفاتر واستبدالها بالكتابة على اللابتوب أو التابلت؛ وبالتالي لن يتعلم الطلبة كيف يكتبون؛ ناهيك عن عدم قدرتهم على تنظيم أفكارهم أثناء العمل؛ إضافة إلى ضياع جزء كبير من المعلومات جراء الفوضى على تلك المنصات التي تفرضها عليهم المدرسة.
وتأسف عربيات، قائلة: “بالنسبة إلى أولياء الأمور، فالمهم عندهم أن أبناءهم في مدارس تعتمد نظاما أجنبيا. وقد يشعر بعضهم بهذه الكارثة، ولكن بعد فوات الأوان؛ إذ يصعب على الطلبة أن يتعلموا الكتابة باليد في الصف التاسع، على سبيل المثال”.
كراسة الخط
تقول المستشارة عربيات “على المعلمين والمعلمات داخل المدرسة دور كبير في المساهمة في اكتساب الطلبة مهارة الكتابة؛ وذلك من خلال التدريب باستخدام كراسة الخط وتحفيز الطلبة وعدم التقليل من قيمة الجهد المبذول، مهما كان. كما يمكن عقد مسابقات بين الطلبة كل فترة، لمتابعة هذا الجهد بالتنسيق مع إدارة المدرسة ومديريات التعليم”.
أما بالنسبة إلى أولياء الأمور، فعليهم دور كبير في متابعة كتابة أبنائهم، سواء خلال العام الدراسي أو أثناء العطل ما بين الفصلين؛ وعدم إهمال هذا الموضوع لأن الخط جزء من شخصية الطالب؛ ويكون ذلك من خلال التقليل من الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، وفق عربيات.
وتلفت إلى ضرورة تحديد وقت للتدريب بشكل مستمر والجلوس معهم، لأنها عملية تحتاج إلى وقت كي يتجاوز الأبناء صعوبة الكتابة وسوء الخط.
انخفاض مهارات الكتابة
تحت عنوان: “هل هناك انخفاض في مهارات الكتابة بسبب التكنولوجيا؟”، عرض موقع “براغ بوست” (Prague Post) هذا التساؤل، وذكر الآثار السلبية للتكنولوجيا على الكتابة.
وأظهرت الدراسات أن للتكنولوجيا آثارا سلبية على كتابة الطلاب. ففي مجال تجهيز البحوث المدرسية، اعتاد الطلاب على الذهاب إلى المكتبة، والبحث في الكتب، وجمع الصحف والمقالات، ولكن ذلك العصر ولّى، لأن كل ما يبحث عنه الطالب أصبح عبر الإنترنت.
الآثار السلبية للتكنولوجيا على الكتابة
تركت التكنولوجيا مجموعة من النتائج السلبية، يمكن تعدادها بالتالي:
- الانتحال: نظرا إلى سهولة الوصول إلى الكثير من الأعمال والموارد المكتوبة على الإنترنت، إذ جعل معظم الطلاب كسالى وأدى إلى انخفاض في مهارات الكتابة.
- نفاد الصبر في عملية الكتابة: لم يعد الطلبة يرون أن هناك حاجة إلى إجراء بحث، فمقابل جهودهم ومحاولة استخدام كلماتهم الخاصة لكتابة موضوع ما، يوجد تطبيق وموقع إلكتروني لكل شيء (كتابة وتدقيق لغوي).
- ثقة في التكنولوجيا أكبر من ثقتهم من أنفسهم: استخدام الوسائل المساعدة في الكتابة وخدمات الكتابة عبر الإنترنت جعل الطلاب لا يؤمنون بأنفسهم، إذ وضعوا ثقة كبيرة في ما يحصلون عليه عبر الإنترنت.
- اللغة العامية على الإنترنت: أثرت الدردشات على وسائل التواصل الاجتماعي في الكتابات الرسمية، ولا يستطيع الطلاب الآن التفريق بين الكتابة الرسمية والطريقة المعتادة للدردشة مع أصدقائهم عبر الإنترنت.
نصائح لتحسين كتابة الأطفال اليدوية
نشر موقع “موم جنيكشن” (Mom Junction) نصائح قد تساعد ابنك على تحسين مهارة الكتابة اليدوية:
قبل اتخاذ خطوات لتحسين خط اليد، من الضروري فهم السبب الدقيق لضعف خط اليد لدى ابنك. بهذه الطريقة، يمكن أن يبذل ابنك جهدا حقيقيا في الاتجاه الصحيح. ولمعرفة المشكلات، اطلب منه كتابة أفكاره أو نسخ مقطع من أي كتاب، وتحقق من الكتابة بموضوعية. هل الحروف مائلة للغاية؟ هل تمتزج الحروف بحيث يصعب التمييز بينها؟ هل الخط كبير جدا أم صغير جدا؟
يمنحك تقييم كل هذه الأمور فهما للقضايا الأساسية في خط يد ابنك، ويمكنك بعد ذلك توجيهه نحو تحسينه.
إلى ذلك، تحقق من قبضة أصابعه على القلم، إذ غالبا ما تكون القبضة هي السبب الرئيسي لضعف الخط. وبالتالي، لا بد من التحقق مما إذا كان ابنك يمسك القلم في المقبض الثلاثي القوائم المقترح بشكل صحيح، أي الإبهام والإصبع الأوسط والسبابة.
كما تساعد وضعية الجلوس الصحيحة في تحسين الكتابة اليدوية بشكل ملحوظ. لذلك، تحقق من وضع ابنك أثناء الكتابة، إذ يجب أن يكون الظهر مستقيما، ويجب أن يكون المكتب على ارتفاع الخصر، أعلى بدرجة أو درجتين من ارتفاع المرفقين المثنيين.
ويُعد اختيار الأداة المناسبة أمرا بالغ الأهمية للكتابة اليدوية الجيدة. وعليه، يُنصح باختيار قلم عن طريق التحقق من القبضة والعرض والطرف والنعومة. ويمكن العثور على العديد من الأقلام بقبضة مطاطية مخصصة تساعد في تقليل الضغط على اليد.
وأخيرا، يلعب التشجيع على الكتابة ببطء وبشكل هادف دورا مهما في تحسين خط اليد. فعند الكتابة بسرعة سيكون تركيز الطفل منصبّا على السرعة، مما يجعله يهمل خط اليد، في حين ستساعده الكتابة ببطء على التنبّه إلى قبضته وحركة يده وكتابة كل حرف بوعي. وبمجرد أن يبدأ الطفل الكتابة بدقة، علّمه كيفية زيادة سرعته ببطء، من دون أن تتأثر جودة خط اليد.