الأخبارالعالمية

هل الأطفال بحاجة إلى ألعاب تخفيف التوتر بالفعل؟

وسام السيد

هل الأطفال بحاجة إلى ألعاب تخفيف التوتر بالفعل؟

من المهم أن تكون اللعبة آمنة ومتينة ولا تنتج ضوضاء أو صخبا يشتت انتباه من يستعملها أو المحيطين به، بالإضافة إلى مراعاة التفضيلات الحسية لكل طفل من حيث القوام والشكل واللون، بمعنى أننا يجب ألا نفرض على الطفل لعبة من اختيارنا الشخصي.

قد تكون “السبينر” (Spinner) أكثر ألعاب مقاومة الملل شهرة، لكن ذلك لا يعني أنها أول لعبة من هذا النوع. فهذه الألعاب عرفت منذ قرون، وأصبحت شائعة فقط في العقود الأخيرة. ونعرف منها اليويو ومكعبات “روبيك”، وكلها ألعاب صنعت أساسا من أجل مقاومة الملل وتحسين التركيز.

يعود تاريخ ألعاب تخفيف الملل إلى الصين قبل نحو 3500 عام، وتحديدا في بلدة صغيرة في باودينغ، شمال البلاد.

وقد ابتكر أولئك الذين مارسوا الطب الصيني التقليدي “كرات باودينغ” أو كرات الاسترخاء، وهما كرتان صغيرتان يمكن حملهما بيد واحدة، وحينما يدحرج الشخص الكرتين في راحة اليد تتغير مواضعهما باستمرار. ومع الممارسة، تتعلم اليد التعامل مع الكرتين من دون أن تلمس بعضها بعضا. وتعمل تلك الكرات على تحسين وظائف المخ أثناء تمرين عضلات اليد، كما تساعد في تقليل التوتر وزيادة الاسترخاء.

كرة صفراء لمكافحة التوتر والضغط (شترستوك)

وصممت ألعاب تخفيف الملل في البداية لمساعدة الأطفال ذوي الحاجات الخاصة في التركيز بسبب حاجتهم المستمرة إلى الحركة، وكذلك في التركيز على أفكارهم والبقاء هادئين.

ويطلق عليها أدوات الملل، لأنها في حقيقة الأمر أدوات لها استخدام معين وليست مجرد ألعاب، إذ تساعد في تنظيم التنفس والاسترخاء، لكن الأمر يختلف بين طفل وآخر.

فهناك كرات ومكعبات وحلقات وأشياء بملامس مختلفة تتراوح بين المرونة والصلابة والخشونة والنعومة، يمكن أن تساعد الأطفال أيضا في التوقف عن مص أصابعهم أو شد ملابسهم أو التقاط الأشياء المحيطة بهم.

وتعتقد الدكتورة جينيفر كروسبي، المتخصصة في علم النفس السريري بمستشفى تورنتو للأطفال، أن ألعاب الملل يمكن أن تكون مفيدة فعلا، لكن الأجهزة الشائعة منها بين الأطفال حاليا هي لعبة أكثر منها أداة، ومن المرجح ألا يكون لها التأثير المطلوب.

وترى أن بعض الأدوات الموجودة في متاجر ألعاب الأطفال حاليا ليست فقط غير مفيدة، بل هي أيضا -على عكس المنتظر منها- تعمل على تشتيت انتباه الأطفال.

سر جاذبية ألعاب الملل

يقول ريتشارد غوتليب، الرئيس التنفيذي لشركة “غلوبال توي إكسبرتس” (Global Toy Experts) لصناعة الألعاب وناشر التقرير الخاص بالألعاب الذي يكتبه محققو صناعة الألعاب، إن تلك الألعاب تعطي شعورا بالرضا أشبه بما نشعر به عند تدوير قلم رصاص بين أصابعنا. لذلك يستمتع الأطفال بها، خصوصا مع ألوانها وأشكالها المختلفة ويتبادلونها مع الأصدقاء.

الألعاب ليست معقدة ولا تتعلق بتحقيق هدف أو نتيجة ما، لكنها مجرد طريقة لإبقاء الأطفال مشغولين، وهي دليل على أن الأشياء التقليدية يمكنها فعل الكثير، حتى لو مجرد مساعدة الطفل على الاسترخاء في المقعد الخلفي للسيارة واللعب بإحدى ألعاب تحفيف الملل.

ألعاب تصلح للكبار والصغار لمعالجة الضغط والتوتر (شترستوك)

هناك رأي آخر حول سر جاذبية ألعاب تحفيف الملل بالنسبة إلى الأطفال، إذ تعزو كاترين إيزبيستر، باحثة تفاعل الكمبيوتر والألعاب البشرية وأستاذة الوسائط الحاسوبية في جامعة كاليفورنيا، الأمر إلى الخصائص غير الرقمية لهذه الألعاب وقربها من الحياة الواقعية.

وتضيف “لدينا تناسق لا يصدق بين اليد والعين، ولدينا حاسة لمس قوية تسمح لنا بمعرفة موقعنا من العالم المحيط بنا. وتعد تلك الألعاب التي تعتمد على اللمس والأصابع تدريبا غير واعٍ للمهارات الحركية الدقيقة التي يحتاج إليها الأطفال.

كيف تعمل ألعاب تخفيف الملل؟

غالبا ما يبحث الأطفال عن وسائل حسية إضافية لا يتلقونها من بيئتهم، وكلما زادت تلك الأدوات الحسية أصبحت عقولهم أكثر تنظيما.

وتظهر الحاجة إلى الأدوات في أوقات الملل أو الانتظار بصورة أكبر، مثلا في عيادة الطبيب أو في المطعم أو حتى في المدرسة عندما تكون الدروس مملة.

ويعتمد مفهوم ألعاب الملل على هذا المعنى، بحيث يبحث الأطفال عن أشياء يلمسونها ويشعرون بها لتوفير المقدار المناسب من الوسائل الحسية لتهدئة نظامهم العصبي.

وتستخدم أحيانا تلك الألعاب للمساعدة في تحسين التركيز والانتباه والسماح للدماغ باستقبال المعلومات الحسية الإضافية، من خلال انشغال اليد بتلك اللعبة التي تستهدف نظام اللمس، خصوصا أن الأيدي تعد محفزات للانتباه والتواصل مع العالم الخارجي.

لعبة ملونة لتخفيف القلق والتوتر أثناء الامتحانات (شترستوك)

كيف نختار اللعبة المناسبة؟

من المهم أن تكون اللعبة آمنة ومتينة ولا تنتج ضوضاء أو صخبا يشتت انتباه من يستعملها أو المحيطين به، بالإضافة إلى مراعاة التفضيلات الحسية لكل طفل من حيث القوام والشكل واللون.

بمعنى أننا يجب ألا نفرض على الطفل لعبة من اختيارنا الشخصي، لأن هذه اللعبة تمنح الطفل مكانا لإيقاف مخاوفه بذلك الإيقاع الحركي الخاص بها الذي يصل به في النهاية إلى التهدئة الذاتية.

ويحب بعض الأطفال الملمس الإسفنجي، بينما يفضل بعضهم الآخر ملمس القماش، وقد يرغب طفل في الحصول على صوت خفيف أو “تكات” خافتة. لكن في الوقت ذاته، يؤكد الأطباء على ضرورة البعد عن الألعاب الصغيرة جدا التي قد تشكل خطر الاختناق على الأطفال.

المصدر : الجزيرة + وكالات

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى