الأخبارالعالمية

هكذا سيكون الطب في عام 2031

هكذا سيكون الطب في عام 2031

سنوات ليست فترة زمنية طويلة لتطوير الأدوية والبحوث الصحية، غير أن وباء كوفيد-19 أظهر مع ذلك أن ظروفا معينة يمكن أن تكون مسرعّات قوية تحفز التطور وتغير العالم.

ولذلك قامت صحيفة لوموند (Le monde) الفرنسية -بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لملحق “العلوم والطب” الأسبوعي لديها- بإجراء مقابلات مع مجموعة من المتخصصين في الطب، كل بحسب ميدانه، لمناقشة التحولات خلال العقد القادم، لتجعل منها مرجعا تعود إليه في عام 2031 لقياس الفرق بين هذه التنبؤات والواقع.

الطب الشخصي

في هذه المقابلات التي أجراها كل من ساندرين كابو وباسكال سانتي وفلورانس روزييه وناثانيال هيرزبرغ، رأى كليمان غويهرس طبيب الصحة العمومية والمؤسس المشارك لمؤسسة سينابس مدسين (Synapse Medicine) إن الطب الشخصي والعلاجات والمراقبة الفردية المتماشية مع خصائص كل مريض على حدة، ستصبح الطريقة الروتينية في العلاج مستقبلا.

ورأى غويهرس أن السبب الأول لذلك هو انتشار الأمراض المزمنة وتعقيد وسائل التداوي، كما يظهر من إحصاءات فرنسية تقول إن ما 30-40% من المسنين يتناولون 10 أدوية مختلفة يوميا على الأقل. والسبب الثاني هو أن الذكاء الاصطناعي يوفر اليوم الوسائل لمعرفة الكثير من المعلومات الصحية عن الفرد. أما الثالث فهو استثمار شركات الأدوية الضخم في مناهج الطب الشخصي التي بدأت في مجالات مثل علوم السرطان.

وتعد هذه الأمور -بحسب الصحيفة- أخبارا جيدة للمرضى لأنهم سيصبحون شركاء في علاجاتهم، أما الأطباء فسيصبحون محتاجين أكثر إلى المساعدة في اتخاذ قراراتهم، ومهنتهم ستكون أقرب إلى تسيير الأنظمة، كما هي حال ملاحي الطائرات، علما بأن الشركات الرقمية العملاقة ستكون المتحكم الأول بهذه الأنظمة.

طبّ الأعصاب

ومن ناحيته، يقول البروفيسور ليونيل نقاش طبيب الأعصاب في مستشفى بيتيه سالبتريير والباحث في معهد الدماغ إنه يمكن أن يتخيل مجموعة من التطورات في ميدان طب الأعصاب، منها أن التعاون بين أطباء الأعصاب ومختصي الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر الأدوات الرقمية التي تساعد الطبيب في جمع وتنظيم وتحليل بيانات محددة متعددة الوسائط عن المريض، مما يفيد في التشخيص والمتابعة بالنسبة لمرضى الأعصاب.

ويتخيل نقاش أن إنشاء “مراكز طوارئ الدماغ” من شأنه أن يجمع المهارات ضمن نفس الفريق، مما سيحدث ثورة في الممارسات، حيث يستقبل المريض في مكان يجمع كل الاختصاصات المتعلقة بأمراض الأعصاب، كما أن التطبيب عن بعد -الموجود حاليا- سيشهد تطورا لافتا، خاصة بالنسبة للأمراض التي تصاحبها أزمات مؤقتة حادة كالصرع.

الطب النفسي

من ناحيته، يتوقع الطبيب النفسي ديفيد غوريون أنه بحلول عام 2030 سيتغير وجه الطب النفسي، خاصة فيما يتعلق بالبيانات الضخمة والتخصصات الفرعية والتطبيب عن بعد ونقص الأطباء النفسيين والأسرة وتزايد الطلب، كما سيحدث اندماج بينه وبين علم الأعصاب والعلوم الإنسانية، وعلم الوراثة الدوائية وتخطيط الدماغ الكهربائي والتعديل العصبي.

ويتخيل هذا المختص كيف ستدور استشارة نفسية في المستقبل، مشيرا إلى الدور الكبير الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في تلك الاستشارة، واصفا بكل التفاصيل مراحل هذه الاستشارة التي يلعب فيها الروبوت دورا أساسيا، دون إغفال وجود أطباء حقيقيين للدعم العاطفي والنفسي.

علم الأورام

أما الأستاذة لورانس زيتفوغل من معهد غوستاف روسي، فتتنبأ بتطور كبير في ميدان علم الأورام، خاصة فيما يتعلق بأدوات التشخيص، متخيلة أنه سيعتمد على بيانات مجمعة من التصوير وعلم الوراثة والتمثيل الغذائي والمناعة والميكروبيولوجيا، من أجل دقة فائقة.

وبفضل ظهور الاستشارة عن بعد، ستتطور متابعة الآثار الجانبية لعلاجات المرضى بشكل منهجي خارج المستشفيات عن طريق تطبيقات الهاتف المحمول، كما سيتم إيلاء اهتمام متزايد للوقاية من خلال تحسين أنماط الحياة لدى المرضى المعرضين للخطر.

الوقاية

أما في ميدان الوقاية، فيرى كزافييه جوفين المختص في أمراض القلب والأوبئة ومدير مركز الخبرة في الموت المفاجئ بباريس، أن الوقاية هي الأكثر فاعلية، ولكن تحديد الأشخاص المعرضين للخطر باستخدام نماذج التنبؤ الكلاسيكية التي تضم حوالي 40 متغيرا، ظهر أنها ليست كافية في الوقت الحالي.

ويلاحظ هذا المختص أن استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مكنهم مؤخرا من تحديد المتغيرات التي يمكنها التنبؤ باحتمال الموت المفاجئ في وقته، بموثوقية تصل إلى نسبة 90% من بين 10 آلاف متغير، مشيرا إلى أن هذا التطور سيؤول من وجهة نظر طبية إلى قلب موازين الطريقة المعتادة في تشخيص المرض، بحيث يصبح من الممكن منع المضاعفات قبل إجراء التشخيص الدقيق.

وفي النهاية، يرى أنه بالإمكان مستقبلا إجراء فحص واسع النطاق فيما يتعلق بمخاطر مشاكل الأوعية الدموية، وذلك عن طريق استخدام قواعد بيانات ميديكير، ثم الاتصال بالأشخاص المصنفين على أنهم معرضون للخطر، لإجراء فحص كامل للقلب والأوعية، لتحديد الوقاية الأكثر ملاءمة لحالة كل منهم.

إجراءات رادعة ضد الخمور والتبغ

من ناحيته، يحذر ديفي سريدهار أستاذ الصحة العامة بجامعة إدنبرة، من أن عدم اتخاذ إجراءات رادعة ضد تناول الخمر والتبغ وضد السمنة وقلة النشاط البدني، سيؤدي إلى تداعي الأنظمة الصحية تحت ضغط التنامي الحالي للأمراض المزمنة.

ويقول هذا الأستاذ إن “ما أتوقعه في العقد القادم هو نقطة تحول اجتماعية في ميدان الطب، بتحول التركيز إلى الحفاظ على الصحة بدلا من التركيز على كيفية علاج الناس”، مما يتطلب تغييرا في التغذية وبناء المدن، مشيرا إلى أن هذه الأمور تم تجاهلها مدة طويلة.

وخلص هذا الطبيب إلى أن وباء كوفيد-19 أظهر للعالم ضعف أنظمته الصحية، داعيا إلى إستراتيجية تقوم على التركيز على الحفاظ على الصحة، متوقعا أن ذلك أمر ممكن بالفعل.

المصدر : لوموند

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى