هاشم عمر يكتب:.. مدارات للناس..”مجموعة النوارس” تضيء عتمة الحرب بلحظات من الأُنس والتكاتف

هاشم عمر يكتب:.. مدارات للناس..”مجموعة النوارس” تضيء عتمة الحرب بلحظات من الأُنس والتكاتف
على ضفاف ساحل منطقة كيلو 8 السياحية، وعلى بُعد ثمانية كيلومترات فقط من مركز المدينة، اجتمعت قلوبٌ أنهكتها الحرب، لتستعيد شيئًا من دفء الوطن المفقود. كان يومًا استثنائيًا قُضي في حضرة مجموعة “النوارس الإعلامية“، تلك المجموعة التي وُلدت قبل عشرة أعوام على تطبيق “واتساب”، لكنها تجاوزت حدود العالم الرقمي لتصبح كيانًا اجتماعيًا نابضًا بالحياة.
“النوارس” لم تكن مجرد مجموعة دردشة، بل تحوّلت إلى ملاذٍ آمن لأعضائها، خاصة بعد أن عصفت الحرب اللعينة بربوع الوطن. وتحت إشراف الأستاذ الكبير عاصم البلال، الأب الروحي للمجموعة، انطلقت مبادرات اجتماعية وخدمية حصرية لأعضائها، جسّدت أسمى معاني التضامن والتكافل في زمن الشدة.
قبل أن تُغتال ليالي الخرطوم على يد تتار العصر، كانت “النوارس” حاضرة في المشهد الثقافي والفني، تنظم الأمسيات وتحتفي بالإبداع. لكن الحرب فرّقت الشمل، ودفعت بحادي الركب، الأستاذ عاصم، إلى رحلة قسرية من شمبات إلى ديم القراي مرورا ببورتسودان ، ثم إلى القاهرة، حيث الغربة ليست خيارًا بل قدرًا.
“`
رحّالٌ على كفّ القدر
قام من سفرٍ قاصدٍ سفر
لاحت منافي مسهّلة
ما للرجعة للوطن انتحار
والغربة ميتةٌ ممرجلة
عطشانٌ وعطشك ما انقدر
ساعة نشف في حلقه نيل
رحّال، وهل كان من مفرّ غير الرحيل؟
“`
قصيدة تختزل وجع التهجير، ومرارة الغربة، وتُجسّد حال آلاف السودانيين الذين وجدوا أنفسهم فجأة على قارعة المنافي.
ورغم الجراح، تظل “النوارس” شعلة أمل لا تنطفئ. بفضل جهود أعضائها المخلصين: عواطف، ومي الأمين، ومجدي أمين، والدكتور ياسر، وغيرهم من النجوم الذين لم يبخلوا بوقتهم وجهدهم، استمرت المجموعة في بثّ الدفء في قلوب أعضائها، وتخفيف آلام الحرب والنزوح.
ختامًا، تبقى أمنياتنا معلّقة بأن يلتئم شمل الأستاذ عاصم البلال مع أسرته الصغيرة، وأن تلتئم جراح الأسرة الكبيرة، وطنًا وإنسانًا. فمثل هذه المبادرات ليست مجرد لحظات أُنس، بل هي مقاومة ناعمة في وجه القسوة، وتأكيد على أن السودان، رغم كل شيء، لا يزال حيًّا في قلوب أبنائه.





