مقالات

مولانا الفاتح بشير الوسيلة الماحي يكتب :ظاهرة بيانات السفارات..

ظاهرة بيانات السفارات..

مولانا الفاتح بشير الوسيلة الماحي..

المراقب للأحداث الداخلية في السودان وتفاعل الجماهير حولها، وكذلك الأداء الحكومي، لابد أن تسترعي انتباهه ظاهرة جديرة بالملاحظة والتعليق، وهي إصدار السفارات لبيانات حولها، بل مشاركة السفراء فيها بأنفسهم، فضلا عن تحركاتهم في ولايات البلاد، بل المشاركة في بعض الفعاليات..
ورأينا البعض منهم يعللون ذهابهم للولايات لمتابعة تنفيذ برامج لمنح أو اعطائيات قدمتها دولهم لشعب الولاية محل الزيارة.
هذا الوضع قد يكون مفهوما إذا وضِع في إطار التقاليد الدبلوماسية التي لا تتعدى التهاني بالمناسبات الرسمية والأعياد الوطنية، وماتحكمه علاقات التعاون وتبادل المنافع المشتركة بين هذه البلدان وشعوبها.
ومن المعلوم بأنه من التقاليد الملزمة للسفارات والسفراء تلك التي تمنعهم التعليق عن المسائل المتعلقة بالشأن الداخلي والمسائل الماسه بسيادة الدوله او علاقاتها الخارجية على كافة الأصعدة.
وإذا ماتجاوزت ذلك كانت عُرضة للابعاد أو الطرد العاجل من الدوله، او كانت سببا في توتر العلاقات بين الدولتين.
الناظر لتحركات السفراء الان في السودان والمطلع على بياناتهم يجدها متجاوزة لكل الأعراف، بل تتعلق بأدق تفاصيل الشأن الداخلي والمساس بسيادة الدوله، ودرجت بعض السفارات على إصدار البيانات بصورة شبه منتظمة حول كافة الأحداث، او حول اي رد فعل جماهيري.
والإعجب أن بعض السفراء تجاوز ذلك بالمشاركة في فعاليات الأحزاب السياسية عياناً بياناً، بل استضافة بعض النخب في سفاراتها والتنسيق معها حول المسائل السياسية..
ولعمري أن هذا لا يتأتي الا وفق مبادرة تطرحها الدوله صاحبة التمثيل البلوماسي.
وفي إطار رأب الصدع أو تقريب وجهات النظر في كل صراع اي كان نوعه وهي بالضرورة مبادرة تتم الموافقه عليها من الدوله المضيفة.
وتقديري أن سلوكهم هذا يخرج عن المساحة والتقاليد المسموح بها في العمل الدبلوماسي التي تمنح السفارات تنمية علاقاتها مع رموز المجتمع والفعاليات المختلفة فيه بما يعود بمنافع مشتركة لشعوب البلدين.
اما المسائل السياسية فهي مسئولية الحكومة المركزية تتعامل فيها وفق مبادئ المنافع المشتركة، أو قاعدة التعامل بالمثل..
اما يحدث الآن من التحركات الواسعة للسفراء وإصدار هكذا بيانات وفي الشأن السياسي والداخلي يعد من أبرز مظاهر الضعف في إدارة الدولة، كما علمتنا تجارب التاريخ في الدول التي حدث فيها مثل هذه التحركات، وستكون مؤشر، لأن هذه الدول تمارس الوصاية على هذه البلاد… مما يُغريها
في تجاوز كل الحدود كما نشاهد الاَن، أو يفهم منه أن هذه الدوله لا تدرك مسئوليتها بالصوره المطلوبة.
ومن هنا نناشد وزاة الخارجية في أن تقوم بدورها في وضع القوس في نصبها واعادة الأمور إلى جادتها وممارسة دورها في صيانة سيادة الدوله.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى