مقالات

مولانا الفاتح بشير الوسيلة الماحى يكتب: العلاقات الأمريكية  لا جديد يقال .. بل قديم يعاد!!!

مولانا الفاتح بشير الوسيلة الماحى يكتب: العلاقات الأمريكية  لا جديد يقال .. بل قديم يعاد!!!

حتي لا يصيب الناس بالسودان كدر او حزن مما اعلنته دولة الإستكبار العالمي الولايات المتحدة من عقوبات، فإننا نذكّر اهل السودان بأن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالسودان، لم تكن خلال السبعين سنه الماضية علي وفاق او ود حتي ولو مصتنع، بل على العكس تماما

خلال هذه الفترة، لم يشهد السودان فيها خير من الولايات المتحدة، بل شهد منها كل كيد واذي والم، فلا يوجد مشاحن او معادي للسودان في الداخل من ابنائه او الخارج، إلا كانت له عوناً ونصيراً وظهيراً.

وللولايات المتحدة في ذلك وسائل واحاييل وطرق، بل وشراك تستطيع ان تنصبها متي شاءت وكيف شاءت، تبدأ بتوظيف علاقاتها الخارجية مع الدول التي تربطها بها علاقات ود خاصة ( وانا لا اعرف لها علاقة ود بهذا المعني إلا مع ربيبتها اسرائيل)

ثم الدول التي تمارس عليها هيمنة إقتصادية، ولا تتردد في التلويح للدول الاخري عن طريق ترهيبها، ودول تستقطبها بتقديم إغراءات بالمساعدات او المساندة السياسية، ثم تعمل علي توظيف علاقاتها مع المنظمات الأممية والدولية، وربما الإقليمية، بالإضافة الي سيطرتها علي الآليات التي ينشأها المجتمع الدولي في اي مجال،

وسيطرتها هذه تمارسها حتي وان لم تكن عضواً فيها، وبالطبع هي ليست عضواً في اي منظمة او اَليه انشأها المجتمع الدولي ترتب التزاماً يقتص لصالح المستضعفين.
ومن عجب رغم عدم عضويتها فهي تسخدمها ايضا في ترهيب واذية الدول، ومن نافلة القول ان سيطرتها علي

منظمة الأمم المتحدة وتوظيف موقعها داخل مجلس الامن بحيث تستطيع من خلاله تسويد صفحات اي دولة عضواً بالأمم المتحدة بما ينؤ به كاهلها من قرارات، لا تستطيع لها دفعاً ولا صرفاً مهما بذلت من جهد، ثم تأتي بعد ذلك لسياسية الإستعلاء التي تنتهجها وذلك بإعداد قوائم تعدها وزارة خارجيتها لا احد يعرف عددها ولا

موضوعاتها وان البست ثوب القانون الدولي الانساني، وقد لا تكون هنالك مشكلة، في ان تعد اي دولة ماتشاء من قوائم وتكيّف علاقاتها مع الدول وفق ماتري، وقطعاً ستعاملها الدول بنفس طريقتها إعمالاً لمبدأ المعاملة بالمثل، الا ان الولايات المتحدة غير، لأنها تعمل علي فرض

عقوبات علي اي دولة ساقها قدرها لان تكون ضمن هذه القوائم، فسوف ينالها كل صنوف العنت، من فرض عقوبات عليها خارج ما تقرره المنظمات الدولية، وبعيدا عن الشرعية الدولية، فيما عرف في الفقه الدولي بالعقوبات الأحادية، ولنجاح عقوباتها هذه، فهي تعمل

علي فرض عقوبات علي الدول التي تتعامل مع الدولة التي تعاقبها، او اي منظمة او مؤسسة اقتصادية قد تتعدي هذه العقوبات الي غيرها ممن يتعاملون معها، مما يخلق عزله وحصاراً للدولة.

وفقاً لهذا النهج يجب ان يفهم اي تصرف تقوم به الولايات المتحدة.
أما اذا نظرنا لعلاقاتها مع السودان فهي خلال الفترة التي اشرت اليها فهي سياسة واحدة لا متغير فيها تتسم بالعداء المطلق، والذي لم تفلح فيه اي صيغ دبلوماسية حاولت ان تتخفي وراءها، وتخفيها هذا سرعان ماتلبث ان

تنهذم عنه وتبرز وجه العداء ذاته، بإصطناع اسباب تصمم لكل نظام حكم السودان ، وتستمر في تنفيذ سياستها العدائية ذاتها حملاً علي الأسباب المصطنعة هذه،
وحتي لا يقال اننا نطلق الكلام علي عواهنه، فادلل من

واقع ما قامت به مع الحكومات التي حكمت السودان في الفترة التي حددتها هنا، ففي الفترة التي حكم فيها الفريق ابراهيم عبود من 1958 – 1964م وهى الفترة التي توطنت فيها السياسية العدائية تجاه السودان، اذ ان الفريق عبود رفض عرضهم بتقديم اي طلب للعون او

المساعدة حتي بعد ما طلب منه الرئيس الامريكي ان يكتب احتياجاته، حينها افهمه الفريق عبود انه يقود بلاد من اغني بلدان الدنيا، وبلده فقط في حاجة لأصدقاء، وهو مالم تألفه القيادة الأمريكية يوم ذاك من رصفاء

الفريق عبود من رؤساء الدول، لذا وحسداً من عند انفسهم اعتبروا ان هذا النهج وهذا السلوك سيكون عقبة في طريق سياسة الإحتواء والتوسع التي تنتهجها الولايات المتحدة بالنسبة للدول، ونظروا الي مثل هذا الحديث والسلوك يحمل بذرة صناعة دولة عظمي، وكالت

 

الولايات المتحدة لنظام عبود باعتباره نظاماً عسكرياً، ومضي نظام عبود بثورة اكتوبر196‪4 م، جاءت علي اثرها بالزعيم الرئيس اسماعيل الازهري من 1964 – 1969م والمفترض أنها حكومة جاءت بإرادة الشعب وتمثل تطلعاته.

ثم جاء اليسارين (الحزب الشيوعي) بإنقلاب نظام مايو 196‪9 م، والذي تولي المشير جعفر نميري رئاسة البلاد فيه الي سنة198‪5 م. وهي الفترة التي شهد السودان فيها كل اصناف الكيد والاذي منذ بداية عهد ثورة مايو

وكانت الحجة يومذاك ان هذا النظام منحاز للغريم الدائم للولايات المتحدة وهو الاتحاد السوفيتي، ومضت في وضع العراقيل والتضيق علي السودان حيث قامت بايواء ودعم وتبني حركة التمرد في جنوب السودان وظلت وراءه حتي سقوط نظام النميري في ابريل 198‪5م، ولم

تتخلي الولايات المتحدة عن سياستها العدائية حتي في الاوقات التي حدث فيها تقارب مع نظام الرئيس النميري والتي سمحت فيها لشركة شفرون باستخراج البترول السوداني والذي ما ان تم النجاح في اخراجه الا وسارعت في التأمر ضد السودان وامرت شركة شفرون بمغادرت البلاد وإنهاء اعمالها، وليت الامر كان كذلك بل قامت

الشركة بصب الآبار التي تم حفرها بصبات خرصانية وظلت كذلك الي ان تم استخراج البترول علي عهد حكومة الرئيس السابق المشير عمر البشير، وانتهي عهد الرئيس جعفر نميري في العام 198‪5م لتكون حكومة انتقالية برئاسة المشير سوار الذهب وظلت بالحكم حتي

العام 198‪6م، ثم جاءت حكومة الديمقراطية الثانية والتي جاءت عبر الانتخابات، وكان رئيس الوزراء فيها الامام الصادق المهدي الذي حكم من 198‪6حتي 198‪9 فهل غيرت الولايات المتحدة سياستها؟

طبعا لم تغيرها، بل مضت في دعم حركة التمرد في جنوب السودان، والتضيق علي حكومة الصادق المهدي، الأمر الذي ادي لتزمر قوات الشعب المسلحة التي تضررت من عمليات شريان الحياة وهي العملية التي تبنتها

الولايات المتحدة لتقديم الاغاثة للمتضررين من حرب الجنوب، حينها اتهمتها القوات المسلحة أن هذه العمليات كانت تستغل لمد المتمردين بالسلاح، ورفعت القوات المسلحة مذكرة لحكومة الامام الصادق المهدي عدها

الكثيرين نزير صراع محتمل بين الجيش والحكومة، ولم تلبث هذه التوقعات ان انتجت انقلاب يونيو198‪9،م والذي عرف بثورة الانقاذ الوطني، والذي كان برئاسة العميد عمر حسن احمد البشير، والذي ظل يحكم السودان حتي ابريل 201‪9م،

وهذه الفترة تعتبر اخصب مراحل عداء الولايات المتحدة للسودان، مستخدمة كل الوسائل التي اشرت اليها، حيث وضعت السودان في عدد من قوائمها العجيبة، وقطعت علاقاتها مع السودان، وظلت تدير أعمال سفاراتها رغم

وجود السفارة بالخرطوم، ظلت تدار اعمالها القنصلية من القاهرة او دول الجوار الافريقي، وهذه المرة كانت الحجة ان النظام اسلامي، ومن ثم فهو نظام إرهابي وداعم للإرهاب في العالم، ومن ثم لم تترك واجه او منظمة او مؤسسة الا وسعت لإصدار قرارات منها ضد السوادن،

بجانب عدد من القررارت التي تتضمن عقوبات من االامم المتحدة بما فيها تبنيها وتحريضها لمجلس الأمن بإحالة ملف السودان الي المحكمة الجنائية الدولية، واستضافة المعارضين لنظام الانفاذ ودعمهم وفرض عقوبات شتّي اقتصادية وعسكرية، وواصلت في دعم حركة التمرد في الجنوب ووقفت الي جانبه الي ان تمكنت من فصل

الجنوب عن الشمال، ولم تكتف بذلك بل سعت الي إيقاف اي مشاريع تنموية حاولت حكومة الإنقاذ تنفيذها عبر الشركات من دول شرق وجنوب شرق آسيا، بل وصل بها الحال لضرب السودان بالصوارخ وتعطيل صناعاته الدوائية بحجة انها مصانع الاسلحة، وليس هذا فحسب بل ضرب مصنع اليرموك نفسه، وظلت علي هذا الحال

طوال الثلاثين عام التي ظلت تحكم فيها الانقاذ السودان، ثم مضي عهد الإنقاذ بقيام ثورة ابريل201‪9،م وقامت حكومة انتقالية بمجلس سيادة ومجلس وزراء، ورئس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، والذي كانت حكومته في غاية التفاؤل وحلقت بآمال عرآض، بل

اسرفت في حسن الظن، في الولايات المتحدة معتقدة أنها فعلا ستدعم التحول الديمقراطي في السودان. بالدعم والمساندة والقروض والمشروعات، وزادت في ثقتها بأن اصدقاءها الامريكان سوف يبدأون دعمهم برفع

اسم السودان من قائمة الارهاب التي افتخر وزير خارجية حكومة حمدوك عمر قمر الدين، انه هو من كتبه بيده للامريكان أيام كان معارض لحكومة الانقاذ.
فماذا كانت نتيجة هذه الآمال؟

ابقي الامريكان علي السودان ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب زمناً، ولما اقتنعت برفع اسم السودان منها، وجدوا ان السودان ضمن قوائم اخري، ابقته يراوح مكانه، ولعل من ابشع ماتعرضت له حكومة حمدوك هو ابتزاز الولايات المتحدة له لأجل رفع اسم السودان عن قائمة الارهاب، الزامه بدفع مبالغ وتعويضات مالية عن حادثه

تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي، علي الرغم من ان المحاكم الأمريكية قد برأت ساحة السودان من هذه الحادثة وكان هذا الابتزاز محل انتقاد وجهه الرئيس بايدن للرئيس ترامب ابان حملات سباق الرئاسة الأمريكية ، بل ظلت تعمل علي تجديد العقوبات وتصدر في الاوامر التنفيذية المفعله لها.

ولم يفلح حمدوك بكل حكومته من زحزحت الامريكان عن موقفهم، وظل استمرار الحظر علي السودان قائماً الي الآن، وهذا المرة تعللت بأن السودان لايمكنه الاستفادة من اي استحقاقات!

اقول استحقاقات لأن السودان عضواً في العديد من المنظمات السياسية والاقتصادية، فضلاً عن عضويته في الأمم المتحدة التي تمنحه حق التمتع بجميع خدمات المنظمات التابعة للأمم المتحدة، حتي يقوم نظام حكم مدني!!

هذا الكلام ليس في إعانات تقدمها الولايات المتحدة!، وهاهي الآن تمضي في خلط الأوراق، فبعد ان قدمت نفسها وسيطاً في حل مشكلة تمرد مليشا الدعم السريع،

وبدلا من المضي في دور الوسيط، لجأت الي استخدام لغة الاستكبار وفرض العقوبات دون اي اعتبار لسيادة هذه السودان بل يمتد التطاول الي معاقبة مؤسسات سيادية!!

والواقع يقول :
اولا : لا توجد اي علاقات اقتصادية بين الولايات المتحدة والسودان مباشرة يمكن ان تتأثر من هذه العقوبات المدعاه.
ثانيا : لم تقدم الولايات المتحدة للسودان اي إعانات اومساعدات منذ مشروع المعونة الأمريكية المتواضع، او لديها مساهمات في مشروعات او شركات ستتأثر بها اي مؤسسة شملتها عقوباتها هذه.

ثالثا : علي العكس من ذلك فإن كبريات مشروعات البنية الاقتصادية في الكهرباء والبترول والذهب والمعادن والتوسع الزراعي وبناء الطرق وترقية المواصلات وقطاع الاتصالات انجزها السودان في الفترات التي فرضت فيها العقوبات.

رابعا : ولابد من الإشارة الي أنه خلال هذه الفترة السبعين عام حكمت حكومات عبر الانتخابات وفترتان إنتقاليتان لم تقدم فيهما الولايات المتحدة اي مساعدات تعزز للوضع الديمقراطي في السودان، ويكفي المعاناة والابتزاز والأموال التي دفعتها حكومة حمدوك لها وهي اغني دول العالم…

وهذا مايدعونا لنقل الحكومة وقادة القوات المسلحة وللمواطنين أن امضوا في سبيل بناء وطنكم، فالامريكان لم ولن يكونوا لكم عوناً في يوم من الايام .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى