موازنة 2022م .. (نذر انهيار اقتصادي
موازنة 2022م .. (نذر انهيار اقتصادي)
الخرطوم: العهد اونلاين
أسدل الستار على موازنة العام 2022م باجازتها في الإجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء أمس برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بعد مرور أكثر من أسبوعين من العام الجديد، بعجز بلغ ( 1,3%) ،وإجمالي إيرادات تبلغ (3,326) مليار جنيه بمعدل زيادة 34% عن الموازنة المعدلة للعام 2021م (بدون منح) ، بينما بلغ إجمالي المصروفات ( 3,689) مليار جنيه بزيادة قدرها 38%، وزيادة في الحد الأدنى للأجور وتحسين بعض البدلات والعلاوات بما في ذلك المعلمين وأساتذة الجامعات.
وأعرب خبراء اقتصاديون، عن تخوفهم من حدوث انهيار اقتصادي وشيك نتيجة لزيادة الإنفاق العام وزيادة عجز الموازنة الجديدة بنسبة 1,3%، بما يفوق حد الأمان الذي ينبغي أن يكون أقل من واحد في بجانب عدم واقعية الموازنة بالاعتمادها علي الذاتية فقط وفي مقدمتها الضرائب التي زادت تقديراتها بنسبة 145%، بجانب عدم التوافق بين تقديرات الموازنة العامة وواقع الأداء الاقتصادي في البلاد في ظل انسداد الأفق السياسي واستمرار الاحتجاجات وتتريس الشوارع وصعوبة وصول العاملين بالقطاعين العام والخاص الي مواقعهم فضلا عن المخاوف من زيارة تعرفة الكهرباء وفرض ضرائب على دخول العاملين بعد صدور توجيهات من الاجتماع المشترك بمراجعة تعرفة الكهرباء وضريبة الدخل الشخصي لتحديد من سيخضون للضريبة من العاملين.
ظروف بالغة التعقيد
ويري دكتور علي الله عبدالرازق الخبير الاقتصادي والاستاذ بجامعة الزعيم الازهري، أن أجازة الموازنة العامة للدولة للعام المالي ٢٠٢٢ م ، تأتي فى ظل ظروف سياسية و اقتصادية ، و امنية بالغة التعقيد ، و تعتبر هذه الموازنة بمثابة اول موازنة بعد إعادة اندماج السودان فى الاقتصاد العالمى ، و الوصول الي نقطة اتخاذ القرار ، بالتقدم المحرز فى ملف إعفاء الديون ، فى اطار مبادرة الديون للدول المثقلة بالديون ، كما تعتبر كذلك موازنة عام الاساس لاستعادة مسار الاقتصاد السودانى ، هذا بجانب انها ، موازنة تنفيذ اشتراطات برنامج التسهيل الاتنمائى الممدد ، و خارطة طريق فريق الانفاق الحكومى و المسألة المالية.
واضاف: تشير بيانات موازنة للعام المالي ٢٠٢٢ م ، بانه يتوقع ان يكون معدل النمو ١.٤%، بدلا المعدلات السالبة فى خمس سنوات السابقة، فى وقت يشهد فيه الاقتصاد السودانى تراجعا غير مسبوق فى الأنشطة المختلفة ، و تراكم كبير فى اعداد العاطلين ، وتنامى معدلات الفقر .. و لاحل بمعدل موجب ، فإن ذلك رسم سياسات اقتصادية داعمة و محفزة للوصول الى معدل النمو الموجب.
نذر انهيار اقتصادي
واعتبر دكتور علي الله استهداف الموازنة لتحقيق معدل تضخم فى حدود ٢٠٢% ، بأنه يشير الى أعراض انهيار اقتصادى وشيك ، رغما من محاولة التحكم فى عجز الموازنة ، المتوقع ان يكون فى حدود ١.٣% من الناتج المحلي الإجمالي ، كما تأتى موازنة هذا العام ، و الاقتصاد السودانى يشهد تدهورا كبيرا فى البنية التحتية ، الإنتاج ، الصادرات ، و يعتمد بدرجة كبيرة على الواردات ، و تدهور مريع فى سعر الصرف مقرونا مع معدلات تضخم فاقت ٣٥٠% وفقا لاخر تقرير احصائى منشور ، بفارق كبير فى المعدلات فى الراهن – ومضي دكتور علي الله الي القول بأنه من البديهى ان تصل تداعيات الانهيار الى المجتمع كافة ، و خاصة الفقراء ، مما يتطلب من وزارة المالية اتخاذ إجراءات واضحة و عاجلة و فورية محتملة التأثير ، لاحتواء تأثيرات الوضع الاقتصادى على الشرائح الضعيفة ، من خلال تحويلات مادية عاجلة.
تحدي خفض الإنفاق العام
ويري دكتور علي الله أن تقليص الانفاق العام بصورة مباشرة و عاجلة يشكل تحدى آخر ، لإحراز نتائج سريعة تفاديا لطباعة النقود ، حتى يتمكن من الانخفاض بعجز الموازنة فى حدود المستهدف فى الموازنة ، و تفاديا للمزيد من التدهور ، هذا يتطلب من وزارة المالية تعزيز كفاءة إستخدام الموارد ، من خلال ضبط و مراقبة الانفاق العام ، إذ ان العديد من بنود الانفاق العام تهدر فيها موارد كبيرة دون مساءلة ، نتيجة تفجر الأوضاع السياسية والأمنية ، و التى قطعا لها تأثيراتها على جانب الانفاق العام .
عجز الميزان التجاري
وأشار دكتور علي الله الي أنه من إيجابيات موازنة هذا العام ، انها خفضت العجز فى الميزان التجاري ، و هنا ينبغى المزيد من التحكم فى الواردات ، و تكون بحسب الكميات التى تتيحها عائدات الذهب و الصادرات التقليدية ، و هذا يتطلب قيود صارمة على الواردات من السلع الاستهلاكية ، من خلال إجراءات سريعة و عاجلة اسعافية لمعالجة صعوبات الإنتاج المحلى للسلع الأساسية .
ونوه دكتور علي الله الي ان موازنة هذا العام تأتي فى ظل ركود تضخمى ماثل ، و شبهة انهيار متعدد الجوانب ، الامر الذى قد يقود الى فوضى اجتماعية و انفلات امنى ماثل ، هذه الصورة القاتمة تتطلب تضافر الجهود من كل الأطراف ، و تحديدا السياسية منها ، بجانب ضرورة شحذ الهمم فى الاعتماد على حشد الموارد الذاتية
موازنة غير مبشرة
وفي السياق وصف دكتور عزالدين ابراهيم الخبير الاقتصادي ووزير الدولة بالمالية الاسبق، موازنة العام 2022م بأنها غير مبشرة وغير واقعية نتيجة لزيادة الانفاق العام ، وبناء تقديرات الإيرادات علي الموارد الذاتية خاصة الضرائب وعدم توافق التقديرات مع الأداء الاقتصادي بالبلاد، وحالة عدم الاستقرار السياسي واستمرار الاحتجاجات بالشوارع وتاثيرها على النشاط الاقتصادي بالقطاعين العام والخاص، بجانب زيادة عجز الموازنة الي 1,3% وتجاوزه لحد الأمان وعدم وضوح موارد سد عجز الموازنة ، فضلا عن تمويل التنمية بالعجز مما يزيد عرض النقود وبالتالي زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بالاسواق المحلية وزيادة معاناة المواطنين .
ورشتة تضخمية
ووصف دكتور عزالدين الموازنة الجديدة بأنها ورشتة تضخمية نتيجة لعدم التناسب في النمو الاقتصادي المستهدف بنحو 1,4% ، مع نمو الكتلة النقدية المستهدف بنحو 22,2% ، واضاف: هذه ورشتة تضخمية لا يمكن تحقيقها ، فضلا عن أن زيادة الأجور ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم رغم الحاجة إلى زيادة الأجور في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار..
تحسين معاش الناس
وكان د.جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الإقتصادي قد وصف الموازنة الجديدة بأنها موازنة واقعية وتهدف لتحسين معاش المواطنين من خلال توفير حماية كافية لدعم الخدمات الصحية والتعليمية والأسر المتعففة.
وأوضح الوزير في تصريح صحفي ، ان الموازنة ركزت على إستقرار سعر الصرف لضمان الاستقرار الاقتصادي وعدم الإستدانة من النظام المصرفي، كما تهدف للعمل على إستقرار الأسعار في إطار تحسين معاش الناس ، مبينا ًان ذلك يتطلب تعاون الجميع .
وأضاف: ان وزارة المالية أنشأت صندوق لدعم الصادرات حتى تعود بالفائدة القصوى على الإقتصاد القومي.
وبشر وزير المالية المواطنين بأن العام ٢٠٢٢ سيكون فيه خير كثير خاصة فيما يتعلق بإيجاد فرص لتوظيف الشباب بجانب توسيع مظلة برنامج سلعتي ليشمل كل الولايات.
وأضاف: أن الموازنة تضمنت زيادات مقدرة في أجور العاملين بالدولة حتى تتماشى مع متطلبات الحياة.