الثقافية

مهرجان الصنايعية المسرحي عبر الانترنت – الدورة الاولى

مسرحية اهل الكهف : زمن الحكي وزمان الحكاية

القذافي يوسف عثمان

المتابع لتجربة ( منطقة صناعة العرض المسرحي ) يلحظ بوضوح توظيف الفن (المسرح ) لخدمة قضايا الانسان ( المجتمع) ومخاطبة واقعه بشكل مباشر يلامس همومه وآماله واوجاعه من خلال المعالجات الجمالية التي يتم تطبيقها بالتجريب الجماعي من خلال الجماعة التي تعمل في شكل ورشة جماعية تراكم معارفها وخبراتها لانتاج اعمال تكسر حاجز العادية والتقليدية في الممارسة وصولا لانتاج اعمال تصور حركة الحياة بكامل اوجهها ( اجتماعيا / سياسيا / اقتصاديا) كما انها تعكس البعد الابداعي في التناول .
انطلاقا من هذه الملاحظة يمكن ان ندخل الى مقعد المتلقي ( المشاهد ) لمسرحية اهل الكهف والتي انتجتها ( جماعة صناعة العرض المسرحي ) في العام ٢٠٠٨ م .. وكان لي شرف مشاهدة عرضها التجريبي الاول بالمسرح القومي بام درمان قبل ان تسافر المجموعة. وتعرضها في روتردام بهولندا في العام ٢٠٠٩م ضمن انشطة للتبادل الثقافي بين جامعات ومنظمات مدنية سودانية وهولندية .

  • فريق التمثيل:
    1/ آدم أحمد الطاهر (لورد)
    2/ محمد يوسف ابشرا
    3/ ابراهيم خليل (ربك)
    4/ عماد آدم سليمان
    5/ آدم ضو البيت (شمو)
    الديكور:
    حاتم بابكر كوكو
    -.موسيقى:
    ابراهيم خليل
    1/ محمد عمر تروس (شارك في الترجمة الى الهولندية)
    2/ حمزة ميرغني (شارك في الترجمة الى الهولندية)
    3/ ضياء ميرغني (التصوير)
    4/ منعم ابراهيم شوف (التصوير)
    5/ بروفسير ميكا كوك
    6/ الطاقم الفني للمسرح بروتردام ساهم في تصميم وتنفيذ (الصوت والاضاءة).
    صناعة عرض:
    الصنايعي / وليد الالفي….

ولان المسرحية ( العرض المسرحي ) يستلهم نصه الدرامي غير المكتوب كما درجت الجماعة من التراث الحكائي لمنطقة دارفور ذات الحساسية الملتهبة ( سياسيا) في الواقع السوداني اوان انتاج العرض في ظل الحركات التي تقاوم ويرتفع صوتها المطلبي وترتفع اصوات البنادق وينتشر الموت والنزوح واللجوء فيها بالصراع مع السلطة الحاكمة ؛ كنت احاول ان اطرح التساؤل الذي وضعته عنوانا لهذه الورقة ، هل تصور المسرحية زمن المقاومة ضد طغيان النظام التي يعيشها سكان الاقليم ام ان انها تأتي في سياق مقاومة الفن ضد ازمنة الطغيان ؟
هذا السؤال الجدلي يقودنا بدوره لوظيفة الفن هل من الاجدى ان يصور الواقع ام يمكن استخدامه كسلاح للرفض حيال الواقع المرفوض ؟

في مسرحية اهل الكهف وهو مسمى يحمل دلالات يمكن ان توظف ابتداء لمصلحة عملية التلقي الابداعي للمسرحية المكان لمنطقة ما في اقليم دارفور شهدت فظائع ابان الحرب بالاقليم كما ان دلالة اهل الكهف المنعزلين او المعزولين عن محيطهم الافتراضي ( مجتمعهم ) تعطي دلالة التغييب والاغلاق وبالتالي الانقطاع عن التفاعل الانساني العام .
عمد وليد الالفي وفريقه في الصناعة الى جعل الاخراج للعمل منسجما ومنتظما مع الفضاء المكاني ( الكهف ) والزماني ( وينقسم الي زمانين ) زمن الحكي ( التمثيل ) الراهن والماثل امامنا بواقعه المكاني : وزمان الحكاية الاصلية تاريخيا وما يمكن ان يربط بينهما في مخيلة المتلقي ليزيد من متعة الفرجة المنتجة للاسئلة التي تثري العرض وتنتج حوارا بين العرض بابعاده الاجتماعية والسياسية والنفسية والمتلقي … وبالتالي مساهمة المتلقي ( المتفرج) في تصور المقارنات ويناء وتأسيس موقفه وزاوية مشاهدته للعمل والتي تكون متعته الحاصة وهو يتابع الحدث الدرامي علي الخشبة .
يتكئ العمل على حكاية شعبية معروفة عن طاغية من الحكام القدماء في الاقليم ( مملكة داجو) والذي مارس القهر والقتل واثار الرعب بين الرعية ووصل به الاستبداد مرحلة التفكير في استخدام الرعية لترحيل احد الجبال!

يبدأ العرض بمشهد يصور حياة داخل كهف وقد افلحت الديكورات والاضاءة المستخدمة في العرض من ابرازها بشكل جعل الصورة موحية تماما بالجو العام للعمل واضاف لها بعدا جماليا يغري بالفرجة ، كما ان لغة العرض التي يتحدثها الممثلون قد اضافت بعدا اخر … اذ ان اللهجة الدارفورية كانت هي لسان التخاطب داخل العرض وقد افلح المحرج في اختيار فرقة مسرحية من ابناء الاقليم ، تفوقوا في تقديري علي انفسهم في تجسيد الشخصيات ، ذلك ان اغلبهم من غير المحترفين دراميا . الاستغاثة في هذا المشهد بالنداء للجدة يعطي ربما دلالة قوية حول الضيق بالقهر الذي ظل يمارسه الطاغية ضد شعبه . ذلك ان الجدة ( حسب الرواية ) هي المخلص للجميع من الطاغية . يحفرون لتحويل الجبل / يركعون لاكاذيب السلطان الجديد ووعوده
الممثلون في هذا العمل استطاعوا اداء الشخصيات المرسومة باتقان لانهم تشربوا النص المحكي شفاهيا في بيئتاتهم الواقعية وفهموا الشخصيات التي يجسدونها ولغتها ولسانها ومشاعرها واحاسيسها وانفعالاتها … منكسرة مقهورة امام بطش السلطان مرات ومتطلعة لحقها في الكرامة والحب ( دايرين عوين ) يقصدون بها طلب نسائهم عندما سألهم عن ما يطلبونه اضافة الي امر آخر يبدو في العرض وهو ااستخدام الكتل الجسدية لتتكامل مع الاضاءةوالالوان في التعبير المكمل للحوارات والمشاهد .
ان تصوير المقاومة للطغيان التي عمل العرض على عكسها تتشابه بما يعيشه الفضاء الذي يصوره ويحيل هذا التشابه المتلقى الى الانتقال بين ماضي وحاضر الحياة السياسية التي يعيشها مجتمع العرض ومجتمع المتلقين والفاعلين داخل العرض والسلاطين المتعاقبين كل يكذب وينهب وبالتالي يقول المخرج مقولاته من خلال التشابه بين الزمنين مساهما بذلك في اعلاء صوت الفن الذي يساهم في الرفض بادوات جمالية ولكنه لا ينحو الي الهتاف او الكيد سياسيا انما يعمل على عرض ما يوقظ الاحساس بالرفض للطغيان والقتل والقهر والسخرة لا ينسى ( العرض / المخرج) ان يذكرنا بانه ينتج فعلا دراميا تترابط مشاهده وتتحد لتبين انها جميعا تعمل على تصوير واقع الحكاية في زمانها ولكننا لو افلحنا في تقطيعها سنلاحظ فنية تكوينها .
الازياء داخل العرض عبرت عن الفترة الزمانية بامتياز من خلال الالوان والخامات المستخدمة والتصميم وتظهر العناية في اختيارها ، واكمل ذلك اللوحة المعروضة لتتسق مع المؤثرات الاخرى ، من موسيقى والتي اظن انها الحان للاقليم الرعوي الذي يشمل مساحة من افريقيا والاقليم ، كما عملت الاضاءة عملها ومثلت لغة فنية اضافت دلالاتها على العرض … ( البقعة البيضاء ) في المشهد الاخير اكملت اللوحة التي بناها ( ممثلان) جسديا يدعم كل جسد الاخر ليقويه بينما ظهر (مربع) يشبه القفص او السجن يتلوى فيه السلطان .
اخذت على العرض الذي شاهدته على يوتيوب عدم وضوح الصوت بشكل كاف كما ان الترجمة لم تكن مسموعة بوضوح ولعل ذلك يرجع لتقنية التصوير او مسافة المصور من الخشبة .
كان هذا العرض قد صنعته الجماعة في العام ٢٠٠٨ وهو احد علاماتها في مسيرتها الطويلة والتي توسعت وتراكمت لديها من الخبرات ما جعلها واحدة من التجارب المتميزة التي نتمنى ان تستمر .

المتابع لتجربة ( منطقة صناعة العرض المسرحي ) يلحظ بوضوح توظيف الفن (المسرح ) لخدمة قضايا الانسان ( المجتمع) ومخاطبة واقعه بشكل مباشر يلامس همومه وآماله واوجاعه من خلال المعالجات الجمالية التي يتم تطبيقها بالتجريب الجماعي من خلال الجماعة التي تعمل في شكل ورشة جماعية تراكم معارفها وخبراتها لانتاج اعمال تكسر حاجز العادية والتقليدية في الممارسة وصولا لانتاج اعمال تصور حركة الحياة بكامل اوجهها ( اجتماعيا / سياسيا / اقتصاديا) كما انها تعكس البعد الابداعي في التناول .
انطلاقا من هذه الملاحظة يمكن ان ندخل الى مقعد المتلقي ( المشاهد ) لمسرحية اهل الكهف والتي انتجتها ( جماعة صناعة العرض المسرحي ) في العام ٢٠٠٨ م .. وكان لي شرف مشاهدة عرضها التجريبي الاول بالمسرح القومي بام درمان قبل ان تسافر المجموعة. وتعرضها في روتردام بهولندا في العام ٢٠٠٩م ضمن انشطة للتبادل الثقافي بين جامعات ومنظمات مدنية سودانية وهولندية .

  • فريق التمثيل:
    1/ آدم أحمد الطاهر (لورد)
    2/ محمد يوسف ابشرا
    3/ ابراهيم خليل (ربك)
    4/ عماد آدم سليمان
    5/ آدم ضو البيت (شمو)
    الديكور:
    حاتم بابكر كوكو
    -.موسيقى:
    ابراهيم خليل
    1/ محمد عمر تروس (شارك في الترجمة الى الهولندية)
    2/ حمزة ميرغني (شارك في الترجمة الى الهولندية)
    3/ ضياء ميرغني (التصوير)
    4/ منعم ابراهيم شوف (التصوير)
    5/ بروفسير ميكا كوك
    6/ الطاقم الفني للمسرح بروتردام ساهم في تصميم وتنفيذ (الصوت والاضاءة).
    صناعة عرض:
    الصنايعي / وليد الالفي….

ولان المسرحية ( العرض المسرحي ) يستلهم نصه الدرامي غير المكتوب كما درجت الجماعة من التراث الحكائي لمنطقة دارفور ذات الحساسية الملتهبة ( سياسيا) في الواقع السوداني اوان انتاج العرض في ظل الحركات التي تقاوم ويرتفع صوتها المطلبي وترتفع اصوات البنادق وينتشر الموت والنزوح واللجوء فيها بالصراع مع السلطة الحاكمة ؛ كنت احاول ان اطرح التساؤل الذي وضعته عنوانا لهذه الورقة ، هل تصور المسرحية زمن المقاومة ضد طغيان النظام التي يعيشها سكان الاقليم ام ان انها تأتي في سياق مقاومة الفن ضد ازمنة الطغيان ؟
هذا السؤال الجدلي يقودنا بدوره لوظيفة الفن هل من الاجدى ان يصور الواقع ام يمكن استخدامه كسلاح للرفض حيال الواقع المرفوض ؟

في مسرحية اهل الكهف وهو مسمى يحمل دلالات يمكن ان توظف ابتداء لمصلحة عملية التلقي الابداعي للمسرحية المكان لمنطقة ما في اقليم دارفور شهدت فظائع ابان الحرب بالاقليم كما ان دلالة اهل الكهف المنعزلين او المعزولين عن محيطهم الافتراضي ( مجتمعهم ) تعطي دلالة التغييب والاغلاق وبالتالي الانقطاع عن التفاعل الانساني العام .
عمد وليد الالفي وفريقه في الصناعة الى جعل الاخراج للعمل منسجما ومنتظما مع الفضاء المكاني ( الكهف ) والزماني ( وينقسم الي زمانين ) زمن الحكي ( التمثيل ) الراهن والماثل امامنا بواقعه المكاني : وزمان الحكاية الاصلية تاريخيا وما يمكن ان يربط بينهما في مخيلة المتلقي ليزيد من متعة الفرجة المنتجة للاسئلة التي تثري العرض وتنتج حوارا بين العرض بابعاده الاجتماعية والسياسية والنفسية والمتلقي … وبالتالي مساهمة المتلقي ( المتفرج) في تصور المقارنات ويناء وتأسيس موقفه وزاوية مشاهدته للعمل والتي تكون متعته الحاصة وهو يتابع الحدث الدرامي علي الخشبة .
يتكئ العمل على حكاية شعبية معروفة عن طاغية من الحكام القدماء في الاقليم ( مملكة داجو) والذي مارس القهر والقتل واثار الرعب بين الرعية ووصل به الاستبداد مرحلة التفكير في استخدام الرعية لترحيل احد الجبال !
يبدأ العرض بمشهد يصور حياة داخل كهف وقد افلحت الديكورات والاضاءة المستخدمة في العرض من ابرازها بشكل جعل الصورة موحية تماما بالجو العام للعمل واضاف لها بعدا جماليا يغري بالفرجة ، كما ان لغة العرض التي يتحدثها الممثلون قد اضافت بعدا اخر … اذ ان اللهجة الدارفورية كانت هي لسان التخاطب داخل العرض وقد افلح المحرج في اختيار فرقة مسرحية من ابناء الاقليم ، تفوقوا في تقديري علي انفسهم في تجسيد الشخصيات ، ذلك ان اغلبهم من غير المحترفين دراميا . الاستغاثة في هذا المشهد بالنداء للجدة يعطي ربما دلالة قوية حول الضيق بالقهر الذي ظل يمارسه الطاغية ضد شعبه . ذلك ان الجدة ( حسب الرواية ) هي المخلص للجميع من الطاغية . يحفرون لتحويل الجبل / يركعون لاكاذيب السلطان الجديد ووعوده
الممثلون في هذا العمل استطاعوا اداء الشخصيات المرسومة باتقان لانهم تشربوا النص المحكي شفاهيا في بيئتاتهم الواقعية وفهموا الشخصيات التي يجسدونها ولغتها ولسانها ومشاعرها واحاسيسها وانفعالاتها … منكسرة مقهورة امام بطش السلطان مرات ومتطلعة لحقها في الكرامة والحب ( دايرين عوين ) يقصدون بها طلب نسائهم عندما سألهم عن ما يطلبونه اضافة الي امر آخر يبدو في العرض وهو ااستخدام الكتل الجسدية لتتكامل مع الاضاءةوالالوان في التعبير المكمل للحوارات والمشاهد .
ان تصوير المقاومة للطغيان التي عمل العرض على عكسها تتشابه بما يعيشه الفضاء الذي يصوره ويحيل هذا التشابه المتلقى الى الانتقال بين ماضي وحاضر الحياة السياسية التي يعيشها مجتمع العرض ومجتمع المتلقين والفاعلين داخل العرض والسلاطين المتعاقبين كل يكذب وينهب وبالتالي يقول المخرج مقولاته من خلال التشابه بين الزمنين مساهما بذلك في اعلاء صوت الفن الذي يساهم في الرفض بادوات جمالية ولكنه لا ينحو الي الهتاف او الكيد سياسيا انما يعمل على عرض ما يوقظ الاحساس بالرفض للطغيان والقتل والقهر والسخرة لا ينسى ( العرض / المخرج) ان يذكرنا بانه ينتج فعلا دراميا تترابط مشاهده وتتحد لتبين انها جميعا تعمل على تصوير واقع الحكاية في زمانها ولكننا لو افلحنا في تقطيعها سنلاحظ فنية تكوينها .
الازياء داخل العرض عبرت عن الفترة الزمانية بامتياز من خلال الالوان والخامات المستخدمة والتصميم وتظهر العناية في اختيارها ، واكمل ذلك اللوحة المعروضة لتتسق مع المؤثرات الاخرى ، من موسيقى والتي اظن انها الحان للاقليم الرعوي الذي يشمل مساحة من افريقيا والاقليم ، كما عملت الاضاءة عملها ومثلت لغة فنية اضافت دلالاتها على العرض … ( البقعة البيضاء ) في المشهد الاخير اكملت اللوحة التي بناها ( ممثلان) جسديا يدعم كل جسد الاخر ليقويه بينما ظهر (مربع) يشبه القفص او السجن يتلوى فيه السلطان .
اخذت على العرض الذي شاهدته على يوتيوب عدم وضوح الصوت بشكل كاف كما ان الترجمة لم تكن مسموعة بوضوح ولعل ذلك يرجع لتقنية التصوير او مسافة المصور من الخشبة .
كان هذا العرض قد صنعته الجماعة في العام ٢٠٠٨ وهو احد علاماتها في مسيرتها الطويلة والتي توسعت وتراكمت لديها من الخبرات ما جعلها واحدة من التجارب المتميزة التي نتمنى ان تستمر .

العهد اونلاين

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى