مقالات

مني ابوزيد تكتب:..هناك فرق  ..في الظلال والرجال..!

مني ابوزيد تكتب:..هناك فرق  ..في الظلال والرجال..!

 

 

“ضاع المثل القائل ظل رجل ولا ظل حائط بعد أن أصبح الرجال اليوم يهابون الشمس ويجلسون في ظل الحوائط” .. محمد مستجاب ..!

لاحظتُ أن مجالس النساء باتت تشهد تكثيفاً مخلاً في تناولها لقضايا الاحتيال المادي المرتبط بالتدليس العاطفي، وكيف أن “الضحية تكون في الغالب امرأة تأخر زواجها يحدث أن يعدها رجل ما بالزواج ثم يستولي على بعض أو كل مالها، قبل أن يفر فرار المجذوم تاركاً وراءه جريمة احتيال مكتملة الأركان” ..!

لاحظتُ أيضاً أن هذا السلوك الذي بدأ يرتقي مراقي الظاهرة قبل الحرب – وتفاقم بعد اندلاعها – يعيد صياغة التصنيف الاجتماعي للعانس..!

الصورة النمطية للعانس أيام زمان كانت امرأة في منتصف أو نهاية الأربعينات، شحيحة الجمال أو بها عِلِّة خارجيةٍ ظاهرة، أو جميلة الشكل لكنها متمردة تتبنَّى موقفاً عدائياً من الرجال، أو أخرى منكسرة يلازمها نحس أو قلة حظ ..!

كانت العانس النمطية خالة أو عمة تتحول بمرور الوقت إلى أمٍّ بديلة لأطفال العائلة، أو موظفة حكومية من ذوات الدخل المتواضع والمظهر المتواضع والحظ والنصيب المتواضع، وهي بعد ذلك كلَّه امرأةٌ قنوعٌ “تباصر” شؤونها بهدوء الذين تعوَّدوا على الواقع، لا يفارق “الرحمن” قلبها ولا تركض وراء أي رجل، بل إنها – رغم النبيشة – قد تفضِّل العنوسة على الزوج المائل ..!

أما اليوم فقد مزَّقت يدُ التغيير تلك الصورة القديمة، فالعانس العصرية اليوم هي فتاة بلغت أو جاوزت منتصف الثلاثين، جميلة في الغالب الأعم، متعلِّمة، جامعية، فقيرة حيناً، أو من أسرة ميسورة الحال أحياناً، لكنها في كل الأحوال امرأة تسعى للفوز بالطقوس الشكلانية والتفاصيل الاجتماعية للسيدة المتزوجة وليس الفوز بالزوج نفسه ..!

وهي قد تنجح في إدارة مؤسسة بأكملها، وقد تمتلك بيتاً فاخرة وسيارة من أحدث طراز، لكنها نادراً ما تنجح في إدخال رجلها المنشود قفص الزوجية، ليس لأنها لا تجيد فنون الإقناع بل لأن لون قفصها لم يعد ذهبياً في عيون معظم الرجال الذين تحاول أن تضبط مقاييسهم على باترون شروطها ..!

والحقيقة أن هذا التناقض الكبير ليس صنيعتها بل يأتي انعكاساً منطقياً لمتغيراتٍ كثيرةٍ طرأت على صفات الرجل “العريس” نفسه. لقد أخضع المبضع الذكوري الجائر – في أيامنا هذه – لامح العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة إلى عمليات تجميلٍ إجبارية شوَّهت معالم الرجولة قبل أن تُغيِّر وجه الحب ..!

وهكذا فشلت العملية وانهارت القيم، معطيات الواقع الجديد تقول بأنَّ رجل اليوم بات هو الذي يتمنَّع ويتدلَّل، يقدِّم رِجلاً ويؤخِّر أخرى قبل أن يتخذ قرار الارتباط بالفتاة التي شاركته شرب البارد وقضم السندوتشات في سنوات الدارسة ومرحلة “العطالة” طويلة الأجل ..!

الحقيقة المؤكدة – رغم صعوبة الجهر بها – هي أن اقتناع أغلب الرجال العازبين اليوم بمكانة النساء وبجدوى مصارعة الفقر والحاجة لإعالتهن قد أوشك على الانهيار..!

وعليه فقد تبدَّلت مبررات انجذابهم نحوهن، فباتوا يفضلون صُحبتهن العجولة على رفقتهن المأمونة. يعني – باختصار – عوانس اليوم هن صنيعة الراهن الاقتصادي!.

المصدر : صحيفة الكرامة

munaabuzaid2@gmail.com

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى