منى أبوزيد تكتب: ..هناك فرق .. الشعب آخر من يعلم..!

منى أبوزيد تكتب: ..هناك فرق .. الشعب آخر من يعلم..!
“الشعوب لا تُهزم من فقرها فقط، بل من جهلها بما قد يُفعل أو لا يُفعل باسمها”.. الكاتبة..!
في بلادنا، عندما تختلف السلطة مع نفسها، لا تصدر البيانات، بل تبدأ التسريبات، ولا تُحسم شائعات الخلافات على الطاولات، بل على صفحات مجهولة ومقاطع مجتزأة وهمسات مدسوسة، تطفو على السطح وكأنها افتراضات عائمة في مياه الاحتمال..!
في العالم الثالث – حيث الحكومات في وادٍ والشعوب في وادٍ آخر – تتحرك السياسات كأسرار عائلية. كل شيء يُدار خلف الأبواب المغلقة، ثم يُسرب للناس كما يُسرب للطفل خبر طلاق والديه، بصيغةٍ مشوَّهة، وعلى نحو لا يحتمل الأسئلة..!
لماذا يختلف حكامنا، لماذا يتصالحون، نحن لا نعلم. ما الذي حدث، ما الذي قيل، ما الذي تقرر، من الذي انتصر، من الذي تراجع. لا أحد يخبرنا بشيء، لأننا ببساطة لسنا أطرافاً في الحكاية. نحن فقط الجمهور الذي يُطلب منه التصفيق بعد انتهاء العرض، دون أن يُسمح له بالدخول إلى كواليس المسرح..!
والأغرب، أن كل من ينطق بالحقيقة في زمن الإخفاء، يُتهم بخيانةٍ ما، وكل من يسأل سؤالاً بريئاً يُنعت بالانخراط في مؤامرةٍ ما، بينما الحقيقة تُدار وكأنها كنز وطني يجب حراسته من الشعب لا من الأعداء..!
هل أخبروك يوماً أن الشعب هو مصدر السلطات؟. لا تُصدّق، في بلاد مثل بلادنا، الشعب هو فقط مصدر الإشاعات، وضحية التسريبات، والمشارك الغافل في مسرحيات لا تُكتب له، ولا يُدعى للتصويت على نهايتها..!
من الذي يعرف الحقيقة دائماً؟. السفارات، بعض مصادر الإعلام الخارجي، ثم تتسرب الأنباء، ثم تصل إلينا نحن الشعب، بعد أن يتم تحريفها، وتعديلها، وفلترتها، وزخرفتها، ثم يقال لنا بوجوه جامدة “لا تصدقوا إلا ما يصدر عن إعلام الجهات الرسمية”..!
لكن الجهات الرسمية لا تُصدِر شيئاً إلا بعد انتهاء الفيلم، وهكذا يكون الشعب دوماً أول من يدفع الثمن، وآخر من يعلم!.
munaabuzaid2@gmail.com
المصدر: صحيفة الكرامة