مقالات

منى أبوزيد تكتب: …هناك فرق .. أثر الفراشة..!

منى أبوزيد تكتب: …هناك فرق .. أثر الفراشة..!

 

 

“القرارات الجيدة تأتي من الخبرة، والخبرة تأتي من اتخاذ القرارات السيئة”.. جورج أورويل..!

 

بحمد لله تماثلت أمي للشفاء بعد وعكة صحية أقعدتني بجوارها واضطرتني للتوقف عن الكتابة، وأجبرتني على الاقتصاد في التفاعل مع كل ما كان يحدث خارج الغرفة، باستثناء متابعة أخبار هذه الحرب التي أعادت صياغة قُبحها في صور البقاء أو الفناء..!

والحقيقة أن هذه الفترة العصبية تستحق أن نجتهد جميعاً في محاربة الاكتئاب تحت شعار أثر الفراشة التعدد وجوه حضورها..!

من الفراشة الطبية – أيقونة الاستشفاء – التي انغرست في كف أمي، إلى فراش المليشيا الذي يمضي نحو حتفه في ولاية الجزيرة وكأنه يندفع نحو نيران ردود أفعال محلية ودولية ستحرقه لا محالة..!

إلى نظرية الفوضى – أو أثر الفراشة – التي جسدها أبو عاقلة كيكل بقرار انضمامه للجيش، وكأنه فراشة أحدثت بعض الدوائر في الهواء بأجنحتها الصغيرة ثم تحولت تلك الدوائر إلى محركات لتيارات هواء، ثم تحولت التيارات – بدورها – إلى إعصار هائل ومدمر..!

أما ردود الفعل فتفاوتت بطبيعة الحال. هناك من اعتبرها خطوة نحو استعادة الدولة الشرعية والنظام، وهنالك من قلل من أهميتها على طريقة “تقليلات” الأمين العام للأمم المتحدة..!

مؤكد أن هذا القرار ليس مجرد تغيير في الولاءات العسكرية، بل “نقطة تحول ما” تعكس تأثيرًا اجتماعياً يكرس لحدوث انشقاقات أخرى في المستقبل..!

على المستوى الاجتماعي يمثل هذا الانسلاخ تصدعًا في بعض الروابط، فالجماعات التي تدعم المليشيا قد تجد نفسها في حيرة، فيعزز ذلك من الاستقطاب الاجتماعي، باعتبار أنه قد يشكل تحريضاً لغير المنتمين إلى الحاضنة الاجتماعية للمليشيا، وبالتالي تغييراً في خارطة الولاءات..!

التقليل من الأبعاد العسكرية لهذا القرار في الوقت الحالي يبدو منطقيا، لكنه لا يتنافى مع كونه نقطة تحول في هذه الحرب يمتد تأثيرها إلى تداعيات مستقبلية أكثر وضوحاً..!

قد يكون قرار كيكل ناتجاً عن دوافع شخصية أكثر من كونه تعبيرًا عن تحول في توازن القوى، فالكثير من القادة العسكريين اتخذوا خطوات مشابهة في سياقات مختلفة، لحسابات شخصية أو مصالح خاصة، وليس قناعات حقيقية ..!

وعلى الرغم من أن البعض ينظرون إلى انضمامه كخطوة كبيرة، إلا أن تأثيرها الفعلي على توازن القوى في الصراع الحالي قد يكون محدودًا، باعتبار أن ما تبقى وما قد يتم حشده من قوات المليشيا لا تنضوي تحت لواء عقيدة قتالية يعصف بولائها لها انشقاق كيكل..!

فضلاً عن أن عدم انتماء كيكل إلى ذات الحاضنة الاجتماعية قد يقلل من قيمة تأثير انشقاقه على أصحاب الولاءات القبلية في صفوف المليشيا، باعتبار أن القبائل عادةً ما تحتفظ بولاءاتها الخاصة، وعليه فقد تظل بعضها مرتبطة بدعم المليشيا لأسباب جهوية وقبلية..!

فضلاً عن أن تغيير الولاء في الحروب قد لا يؤدي إلى تغييرات سياسية كبيرة، وقد تكون هناك تحولات سياسية أخرى أكثر تأثيرًا على الأرض من انضمام شخصية عسكرية..!

الضجة التي أثارها انضمام أبو عاقلة كيكل للجيش قد لا تحمل الأبعاد الكبرى التي يتوقعها البعض، لكن تأثيرها قد يتعاظم بمرور الزمن..!

أي أنها قد تندرج تحت مفهوم – أثر الفراشة – التأثير غير المباشر لبعض المواقف والقرارات على نحو قد يعصف بوجود أكبر الكيانات ضخامةً وأكثر الأوضاع تعقيداً!.

 

 

munaabuzaid2@gmail.com

المصدر : صحيفة الكرامة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى