
منتدى وسائل الإعلام ومراكز البحوث بالجنوب العالمي 2025: جسر للتعاون وفهم عالمي جديد
كتبه: فائز الزاكي حسن
يشكّل انعقاد “منتدى وسائل الإعلام ومراكز البحوث بالجنوب العالمي 2025” في مدينة كونمينغ، عاصمة مقاطعة يوننان الخلابة، حدثًا دوليًا بارزًا يجسّد التزام الصين والعالم بتعزيز الحوار والتعاون بين الدول النامية.
إن تجمّع هذا العدد الكبير من الصحفيين والعلماء والمسؤولين ورواد الأعمال من أكثر من 110 دولة ومنظمة ليس مجرد لقاء احتفالي، بل هو منصة حيوية لها أهمية استراتيجية متعددة الأبعاد، أبرزها :
* تعزيز صوت الجنوب العالمي وسرديته
يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمنتدى في تمكين دول “الجنوب العالمي” – وهو مصطلح يشير إلى الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية – من تقديم رواياتها الخاصة. تاريخيًا، سيطرت وسائل الإعلام الغربية على تدفق المعلومات العالمية، مما أدى في كثير من الأحيان إلى صورة غير متوازنة أو نمطية عن هذه الدول. يوفر هذا المنتدى مساحة crucial للقادة الفكريين والإعلاميين من هذه الدول لتبادل وجهات نظرهم، ومناقشة قضاياهم ذات الأولوية، وبناء إطار إعلامي وأكاديمي أكثر إنصافًا وتعددية.

* تعزيز التعاون في مواجهة التحديات المشتركة
تواجه البشرية جمعاء تحديات معقدة وعابرة للحدود، مثل تغير المناخ، وجائحة الأمراض، والفجوة الرقمية، والأمن الغذائي. هذه التحديات لا يمكن لأية دولة أن تحلها بمفردها. يجمع المنتدى بين الخبراء والعلماء وواضعي السياسات من الجنوب العالمي لتبادل المعرفة وأفضل الممارسات والبحوث. يمكن أن يؤدي هذا التعاون إلى صياغة حلول مبتكرة وملموسة تكون أكثر ملاءمة للسياقات المحلية، مما يعزز التنمية المستدامة الشاملة.
* كونمينغ ويوننان: مركز للانفتاح والتبادل الثقافي
ليس من قبيل المصادفة أن يستضيف هذا المنتدى في كونمينغ، بمقاطعة يوننان. تقع يوننان على مفترق طرق جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا، وهي بمثابة البوابة الجيوستراتيجية للصين نحو دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وما بعدها. يجسّد اختيار هذا الموقع التزام الصين بمبادرة “الحزام والطريق” لتعزيز الترابط والتعاون الإقليمي. تشتهر يوننان بتنوعها البيولوجي والثقافي الغني، مما يجعلها رمزًا مثاليًا للوئام والتعايش، وهي قيم يسعى المنتدى إلى ترسيخها على الساحة الدولية.
* الجمع بين وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية وواضعي السياسات
تكمن قوة هذا المنتدى في طابعه متعدد التخصصات، عندما يجتمع الصحفيون والعلماء والمسؤولون الحكوميون ورواد الأعمال، يتم كسر “الصوامع” التقليدية، يمكن للصحفيين نقل الأفكار والأبحاث العلمية المعقدة إلى الجمهور بطريقة مفهومة، يمكن للعلماء إعلام صانعي السياسات بالأدلة اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة. يمكن لرواد الأعمال تقديم حلول تقنية وتجارية، هذا التآزر يخلق دورة فاضلة حيث تترجم المعرفة إلى فعل ملموس.

* بناء الثقة وتعزيز السلام والتنمية
في عصر يتسم بالانقسامات الجيوسياسية والمعلومات المضللة، يعد بناء الجسور والحوار الصادق أكثر أهمية من أي وقت مضى.
يوفر هذا المنتدى منصة محايدة لأصحاب المصلحة المختلفين من أجل الانخراط في مناقشات بناءة، وتوضيح سوء الفهم، وبناء الثقة.
إن تعزيز الفهم المتبادل هذا هو حجر الأساس للسلام الإقليمي والعالمي والازدهار المشترك.
إن “منتدى وسائل الإعلام ومراكز البحوث بالجنوب العالمي 2025” هو أكثر من مجرد مؤتمر، إنه بيان بإرادة جماعية، فهو يؤكد على نضج ودور دول الجنوب العالمي على المسرح العالمي، ويدعو إلى نظام حوكمة عالمي أكثر ديمقراطية وتعددية الأقطاب.
من خلال تعزيز التعاون في مجالات الإعلام والعلوم والسياسة، لا يكتفي المنتدى بمعالجة التحديات الحالية فحسب، بل يضع أيضًا الأساس لمستقبل أكثر شمولاً واستدامة للجميع.
المصدر : شينخو