مليارات وطائرات خاصة وقصور.. بريطانيا تحصد غنيمة الحرب على “أثرياء بوتين”
لندن- تحولت العاصمة البريطانية إلى مقبرة لثروات الأغنياء الروس، أو من يطلق عليهم الإعلام الغربي “أوليغارشية بوتين”، وذلك بعد أن كانت عاصمة الضباب الوجهة المفضلة لرجال الأعمال الروس، للاستثمار وشراء العقارات الفخمة.
وتدريجيا تتسع قائمة رجال الأعمال الذين تشملهم العقوبات البريطانية من مصادرة للأموال والممتلكات، إلى منع من دخول البلاد وملاحقة قضائية، بإعلان وزارة الخارجية البريطانية عن قائمة الشخصيات الروسية الذين شملتهم العقوبات الحكومية على خلفية الحرب في أوكرانيا.
ويتعلق الأمر بـ7 من أغنى رجال الأعمال الروس الذين لديهم ممتلكات أو استثمارات مالية في بريطانيا أو لهم أصول مالية تمر عبر الحي المالي في لندن، وفي المجموع بلغ عدد رجال الأعمال الروس الذين شملتهم العقوبات البريطانية 18 شخصا.
وبررت الخارجية البريطانية قرارها بأن هذه الشخصيات تعدّ من الأذرع الطويلة والمهمة التي يتحرك بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو أنهم ينتمون للدائرة الضيقة للرئيس.
محفظة بوتين المالية
تقول وزارة الخارجية البريطانية إن مجموع ما حُجز عليه من أموال رجال الأعمال الروس بلغ 15 مليار جنيه إسترليني (الجنيه يساوي نحو 1.30 دولار)، بين حسابات بنكية وعقارات واستثمارات.
ومن بين الأشخاص الذين شملتهم العقوبات أليشر أوسمانوف الذي يعدّ من أغنى الشخصيات في روسيا إن لم يكن أغناها وتبلغ ثروته نحو 17.6 مليار دولار، وتصفه بريطانيا بأنه الرجل الذي يساعد بوتين على حل كل مشاكله المالية في البلاد.
يستثمر أليشر في العقارات اللندنية بشكل كبير، إلا أن ما ظهر للإعلام هو منزل فخم في قلب العاصمة لندن تبلغ قيمته 72 مليون دولار بات الآن تحت الحجز، إضافة إلى قصر خارج المدينة حُجز عليه أيضا.
الخاسر الأكبر
أما رومان أبراموفيتش، مالك نادي “تشلسي” اللندني، فهو المتضرر الأكبر من هذه العقوبات، بدءا بالحجز على ناديه الذي تبلغ قيمته السوقية 4 مليارات دولار تقريبا، فضلا عن قصر فخم في لندن تفوق قيمته 160 مليون دولار، إضافة إلى إقامة خارج المدينة بقيمة 20 مليون دولار، ويخت فخم مرصود في جزر المالديف قد يشمله الحجز.
ملك الألمنيوم
من الأسماء التي لها محفظة مالية مهمة في لندن أوليغ ديريباسكا صاحب شركة روسية للطاقة ومالك (UC Rusal) التي تعدّ من أكبر شركات العالم في إنتاج الألمنيوم، وخضع لعقوبات أميركية منذ سنة 2018.
وتقول الحكومة البريطانية إن أوليغ من الذين يقدمون كثيرا من المساعدات للجيش الروسي، وحسب التقديرات الحكومية فإن الرجل يملك عقارات تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات.
الذراع النفطية
يعدّ إيغور سيشين، المدير التنفيذي لشركة “روزنيفت” (Rosneft)، من أشهر الشخصيات القريبة جدا من بوتين، وله نفوذ واسع في البلاد، وهو ما جعله تحت المتابعة اللصيقة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ووضعه في قائمة العقوبات حتى قبل الحرب.
ولا تُعرف ثروة إيغور في بريطانيا أو عقاراته، باستثناء إعلان السلطات الفرنسية الحجز على يخت تابع له قبالة سواحل إمارة موناكو، إلا أنه يبقى من الأسماء المعروفة بتأثيرها في المشهد الاقتصادي والسياسي في روسيا.
البنكي العملاق
لم تكن مفاجأة ظهور اسم أندري كوستين في قائمة العقوبات، فهو المدير العالم لبنك “في تي بي” (VTB) الذي يعدّ ثاني أكبر بنك في روسيا، وقد حظرته السلطات البريطانية مع بداية الحرب.
ويعدّ أندري من أكبر داعمي الرئيس الروسي، بل المنفذ البنكي لسياسات بوتين، وتقدّر ثروته بأكثر من 400 مليون دولار، وهو حاليا موجود في قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية والبريطانية.
سلاح الغاز
يوجد الغاز الروسي في القلب من المعركة بين الغرب وروسيا، ولهذا كان من الضروري أن تشمل العقوبات أسماء مسؤولة عن شركة “غاز بروم” العملاقة، وفي مقدمتها مديرها التنفيذي أليكسي ميلر الذي يعدّ من أكثر الأسماء قربا من الرئيس بوتين لإشرافه على أكبر شركة في البلاد وأكثرها حساسية.
وسبق أن اشتغل ميلر تحت إمرة بوتين عندما كان الرئيس الروسي يشغل منصب عمدة مدينة سان بطرسبورغ سنة 1990، ومنذ ذلك الوقت والرجلان تجمعهما علاقة قوية.
عميل “الكيه جي بي”
يعدّ نيكولاي توكاريف من الشخصيات التي رافقت الرئيس بوتين منذ أن كان ضابطا في جهار المخابرات الروسي “كيه جي بي” (KGB)، إذ اشتغل نيكولاي في الجهاز نفسه في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي وكان ضابطا للمخابرات الروسية في ألمانيا الشرقية.
وتقول الخارجية البريطانية إن علاقات قوية ربطت الرجلين منذ ذلك الوقت واستمرت حتى اللحظة، ويرأس نيكولاي خط الغاز “ترانس نيفت” وهو أيضا ضمن قائمة العقوبات الأوروبية والأميركية والبريطانية.
البنك الخاص للكرملين
وصفت الخارجية البريطانية “بنك روسيا” بأنه البنك الخاص بالكرملين، الذي يقوم عن طريقه بكل عملياته المالية، ويشرف على هذه المؤسسة المالية دمتري ليبيديف الذي شملته العقوبات البريطانية أيضا، رغم أن من الصعب اقتفاء أثر الاستثمارات التي بحوزته في المملكة المتحدة.
الوجهة المفضلة
لم يعد سرا أن لندن كانت على مدار سنوات الوجهة المفضلة للأثرياء الروس لغسل أموالهم، وهذا كان سببا من أسباب الغضب الأميركي على البريطانيين والضغط عليهم لإظهار الحزم مع الأموال الروسية.
ونجد الجواب الواضح على تفضيل الأثرياء الروس للندن في تقرير للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني سنة 2018، يقول صراحة إن الحكومة البريطانية تغض الطرف عن الأموال الروسية “القذرة التي تُغسل في لندن مقابل استفادة الحي المالي من تدفق المليارات”.