الأخبارالإقتصاديةالشرق الأوسط

مع اقتراب نهاية السنة المالية.. هل يدعم ارتفاع أسعار النفط ميزانية العراق ويوقف الاقتراض؟

مع اقتراب نهاية السنة المالية.. هل يدعم ارتفاع أسعار النفط ميزانية العراق ويوقف الاقتراض؟

انتعشت الآمال في أن تخلو الموازنة العامة للعراق لسنة 2022 من الاقتراض، بعد وصول أسعار النفط مؤخرا إلى عتبة 85 دولارا للبرميل الواحد، مع توقعات بزيادتها إلى 100 دولار مطلع العام المقبل.

وفي هذه الحالة، لن يقع العراق “صيدًا” في سنّارة الاقتراض مرة أخرى، كما حصل العام الجاري إثر أزمته الاقتصادية، تزامنا مع تفشي كورونا وانخفاض العملة المحلية أمام الدولار، عندما أقرّت موازنته بتحديد سعر البرميل الواحد مقابل 45 دولارا في وقت تجاوز فيه سعر البرميل 60 دولارا.

واضطر العراق نهاية العام الماضي إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات التقشفية -التي اعتمدها لمعالجة أزمته المالية- لسد العجز الحاصل في موازنته، وتنفيذا لبنود “الورقة البيضاء” التي جاء بها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، ومن بينها خفض قيمة عملته المحلية بواقع 1450 دينارا للدولار الواحد بعد ثباتها لسنوات عند عتبة 1200 دينار للدولار.

وتقدر حجم المديونية العراقية الداخلية والخارجية بنحو 113 مليار دولار، منها 50 مليار دولار ديون داخلية، و40 مليار دولار ديون معلقة لصالح 8 دول منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وهناك 23 مليار دولار ديون خارجية على العراق، بسبب مشاريع تنموية قدمتها صناديق عالمية، وذلك وفق تصريحات مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، في حديثه للجزيرة نت شهر مايو/أيار الماضي.

د. سلام سميسم الخبيرة الإقتصاديةسميسم ترى أن ارتفاع أسعار النفط سيكون كافيا لسد عجز الموازنة (الجزيرة)

ما السعر المناسب للنفط؟

علميا ومنطقيا، يجب أن يسهم ارتفاع النفط في سد العجز المالي للعراق، خاصة أن أكثر من 90% من الموازنة تمولها إيرادات النفط؛ فبزيادة أسعار الذهب الأسود سيزيد مصدر تمويل الموازنة، حيث يصدر العراق يوميا نحو 3 ملايين برميل من النفط الخام، من أصل 4.6 ملايين برميل ينتجها يوميا.

ورغم ذلك، تقول الباحثة والخبيرة الاقتصادية سلام سميسم إن أمام العراق معضلتين: الأولى، أن الذي يدير البلاد حكومة تصريف أعمال ولم يبق للسنة الحالية سوى شهرين مع تغيير السلطة التشريعية، بمعنى آخر ليس هناك محاسب على آلية إنفاق وجباية الأموال.

وأما المعضلة الثانية، فتحصرها سميسم بعدم إقرار أو إصدار قانون الموازنة العامة لسنة 2022 من قبل مجلس النواب الذي حل نفسه قبل الانتخابات الأخيرة.

وتقول سميسم -للجزيرة نت- إن الفروقات من ارتفاع أسعار النفط ستكون كافية لسد العجز في الموازنة الحالية والحد من تفاقم المديونية الخارجية للعراق.

وعن سعر النفط المناسب للموازنة المقبلة، بينت أن تحديد ما بين 65 و70 دولارا للبرميل الواحد هو السعر المناسب.

ومع حل البرلمان ووجود حكومة تصريف أعمال، تقترح سميسم أن تكون للأخيرة صلاحيتان تشريعية وتنفيذية، مع تأكيدها على ضرورة أن تُعلن إيرادات النفط المتأتية.

وعلى اعتبار أن موازنة 2022 غير مقرّة، من الممكن أن تلجأ الحكومة -حسب سميسم- إلى قانون الإدارة المالية، وستكون بذلك ملزمة بكشف كيفية الإنفاق للشعب في كل شهر إلى أن يقرّ البرلمان الجديد الموازنة.

وتنتقد الباحثة الاقتصادية تسجيل سعر النفط في الموازنة بسعر أقل مما هو عليه في السوق، معتبرة أن من شأن ذلك أن يسهم في خلق الفساد.

ميرزا يرى أن السعر الأنسب لبرميل النفط في الموازنة المقبلة هو ما بين 50 و55 دولارا (الجزيرة)

رأي مخالف

أما عضو اللجنة المالية في الدورة الرابعة المنحلة في مجلس النواب شيروان ميرزا سميسم، فيرى أن السعر الأنسب لسعر برميل النفط في الموازنة المقبلة هو ما بين 50 و55 دولارا، مطالبا بضرورة أن يحدد السعر عبر لجنة من الخبراء لسوق النفط.

وبارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري، ازداد احتياط البنك المركزي العراقي إلى أكثر من 60 مليار دولار، وساعد الحكومة العراقية أيضا على سد العجز في موازنة 2021، وبما أن الحكومة لم تقترض حتى الآن أي مبالغ -لا داخلية ولا خارجية- وتم إنفاق كل الالتزامات المالية، فهذا يعني -وفقاً لميرزا- أنه سيسهم في سد العجز وعدم الحاجة إلى الاقتراض.

سيروان محمد طالب الحكومة بالاستفادة من ارتفاع أسعار النفط وتسديد ديونها وزيادة احتياطات البنك المركزي (الجزيرة)

تطوير الحقول ودعم الدولار

ويتفق الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي سيروان محمد مع عضو المالية النيابية بأن بلوغ النفط أسعارا مرتفعة -مقارنة مع الأعوام السابقة- واحتمالية أن يصل إلى مستوى 100 دولار للبرميل سيجعلان المستفيد الأوّل من ذلك هو الموازنة السنوية العامة مما يسد العجز فيها، ولا سيما أنها عانت كثيرا خلال الأعوام الماضية بسبب الاقتراض.

ودعا محمد -في حديثه للجزيرة نت- الحكومة العراقية إلى الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط بتسديد ديونها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تطوير حقول النفط، وزيادة احتياطات البنك المركزي من الدولار.

الخبير النفطي والباحث الإقتصادي البصري د. نبيل المرسوميالمرسومي: سعر النفط في الموازنة عند 71.30 دولارا للبرميل كفيل بمساواة النفقات بالإيرادات (الجزيرة)

تساوي النفقات والإيرادات

أما الخبير النفطي الدكتور نبيل المرسومي، فيقول إن العراق يحتاج إلى تحديد سعر النفط في الموازنة عند 71 دولارا و30 سنتا للبرميل الواحد من أجل أن تصبح النفقات مساوية للإيرادات.

ووفقا لحسابات وزارة المالية، فإن العجز لغاية شهر أغسطس/آب الماضي بلغ أكثر من 9 مليارات دولار. ولكن إذا ما استمرت أسعار النفط على مستوياتها الحالية، فمن الممكن أن يختفي العجز ويصبح هناك فائض قليل- كما يؤكد المرسومي للجزيرة نت- ربما 3 أو 4 مليارات دولار أو يصل إلى نقطة التوزان على الأقل بحيث لا يوجد هناك عجز فعلي.

وفي رده على سؤال للجزيرة نت عن احتمالية أن يتجه العراق نحو الاقتراض بحجم أقل من العام الماضي مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، يحصر المرسومي ذلك بالإيرادات النفطية المتحققة، وكلما يكون هناك نقص فيها وعجزها في تغطية الإنفاق العام باعتبار أن مبيعات النفط تشكل أكثر من 90% من الإيرادات العامة.

ويتجه العراق إلى الاقتراض سواء الداخلي منه أو الخارجي -حسب ما يقول المرسومي- في حال انخفضت أسعار النفط، لكن هناك احتمالية بأن تصبح الإيرادات قادرة على تلبية متطلبات الإنفاق العام الجاري بارتفاع أسعار النفط.

المصدر : الجزيرة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى