معرض الدوحة للكتاب.. ناشرون يطرحون حلولا لإنقاذ صناعة النشر في الوطن العربي
الدوحة- تواجه صناعة الكتاب في الوطن العربي صعوبات كثيرة وخاصة في السنوات العشر الأخيرة، وذلك بفعل عمليات التزوير والسرقة والقرصنة الإلكترونية.
كما أدى انتشار فيروس كورونا إلى عزوف عدد كبير من الناشرين وتفضيلهم عدم المجازفة أو المغامرة بطباعة إصدارات جديدة يمكن ألا تصل إلى أيدي القارئ، بعد إلغاء عدد من المعارض الدولية للكتاب التي كانت المنصة الأساسية لبيع إصداراتهم الأدبية.
وكشفت دراسة لاتحاد الناشرين العرب عام 2021 عن حالة النشر بالمنطقة العربية في السنوات من 2015 إلى 2019، مدى معاناة الناشرين من التزوير والقرصنة، حيث تفاقمت هذه الظاهرة وأصبحت كارثة تدمر صناعة النشر العربي، واضطر العديد من الناشرين إما إلى تخفيض عدد الإصدارات السنوية أو تخفيض عدد العاملين في دار النشر، أو التوقف بصورة مؤقتة.
وكان انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته 31 المقام في الفترة من 13 حتى 22 يناير/كانون الثاني الجاري وسط إجراءات احترازية من انتشار كوفيد-19، بمثابة فرصة للقاء عدد من الناشرين العرب من أجل التعرف والوقوف على آرائهم للنهوض بصناعة النشر وآليات إصلاحها.
دعم الحكومات
وتقول الناشرة القطرية الدكتورة عائشة جاسم الكواري، وهي مالكة ومديرة دار روزا للنشر، إن عملية النشر في منطقة الخليج تعتبر حديثة مقارنة بغيرها من العواصم العربية، ولعل أهم التحديات في المنطقة هي الطباعة، فهي ما زالت الأغلى على مستوى العالم، ولذا فصناعة النشر ليست صناعة مربحة.
وأضافت أنه ربما يكون الربح على المدى البعيد، ومن يلج هذا المجال عليه إدراك أنه يستثمر معرفيا، ولا بد أنه يستثمر في بناء العقول قبل الاستثمار في موارد مالية.
وأضافت الكواري -في تصريح للجزيرة نت- أن منطقة الخليج فيها قراء، ولكن نجاح صناعة النشر يحتاج إلى قاعدة عريضة من القراء، لأن النشر يشمل مختلف القطاعات والتخصصات من أدب وعلوم ومعارف وكتب لليافعين والأطفال، فضلا عن الكتب المترجمة، لترضي جميع الأذواق في القراءة.
وأشارت إلى أن الوجود في المعارض الخارجية ضرورة ولكنه يمثل عبئا على دور النشر خاصة الناشئة، ولذا هناك دور مأمول من الحكومات لدعم هذه الدور في ظل الأعباء الكثيرة التي تشمل عملية التأسيس مرورا بالتصميم والتدقيق والتحرير، وكلها تكاليف على الدار، فضلا عن الجمارك والشحن والنقل.
من جهتها، تؤكد الدكتورة آسيا موساوي مديرة “منشورات الاختلاف” ومنشورات “حكايا” لكتب الأطفال والناشئة في الجزائر، أن واقع نشر الكتاب في العالم العربي ليس على ما يرام، فهناك مشكلات كثيرة ربما تتضافر للتخلص من هذه المهنة التي دخل إليها كثيرون من المتطفلين.
تحديات للناشرين
وأوضحت موساوي -في تصريح للجزيرة نت- أن أهم المشاكل الخاصة بهذه الصناعة تتلخص في تراجع الاهتمام بالقراءة، وعدم الاهتمام بالكتاب كأهم مصدر من مصادر المعرفة، والاعتماد على ثقافة العناوين والثقافة الاستهلاكية دون التعمق، وتفشي القرصنة الإلكترونية أو الورقية مما يهدد صناعة الكتاب في أغلب الدول العربية.
وانتقدت عدم تعامل الحكومات العربية بالشكل الأمثل مع قضية القرصنة الإلكترونية، مما جعل الناشر العربي يتردد ألف مرة قبل قيامه بعملية النشر، مؤكدة أن الرقابة وضعف انتقال الكتاب من مكان إلى آخر جعل الناشر يعتمد في الأغلب على المعارض فقط.
ولفتت إلى أن المعارض مهمتها تبادل الخبرات والتجارب وعقد اتفاقات، وليست البيع والتقاء القارئ بالكاتب، فقد تحولت المعارض إلى طريقة رئيسة للتوزيع وبيع الكتب، مضيفة أن الرقابة وتعقيد إجراءات تصدير الكتاب من بلد إلى آخر، فضلا عن ارتفاع أسعار الورق والشحن عالميا وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطن في الكثير من البلدان العربية، كل ذلك من التحديات التي تواجه صناعة النشر.
ورأت موساوي أن حل هذه المشكلات يرتبط بوجود إرادة سياسية لدى الحكومات العربية المختلفة، مما يساعد في النهوض بهذا القطاع من جديد.
نظرة إيجابية
بدوره، يقول هيثم الحافظ رئيس لجنة التطوير المهني باتحاد الناشرين العرب رئيس اتحاد الناشرين السوريين، إن واقع النشر العربي صعب، وإن الناشرين يسعون للوصول إلى واقع إيجابي، متوقعا أن تشهد الفترات المقبلة تغييرا إيجابيا فيما يتعلق بصناعة النشر.
وأكد الحافظ -في تصريح للجزيرة نت- أن أهم تحد واجه الناشرين هو وباء كورونا الذي زاد من المتاعب التي توجه هذه المهنة، واعتبر أن هناك حاجة لتضافر جهود من وزارات الثقافة والإعلام وكذلك التعليم وكل مرتبط بالثقافة في الوطن العربي.
أما مدير عام دار “العين” للنشر في مصر فاطمة البودي، فتوضح أن الأزمة تسبق فيروس كورونا، لأنه لا يوجد شركات متخصصة في التوزيع فقط، فمن يتولى التوزيع ناشر مخضرم لديه خبرة وعلاقات مع مختلف الأسواق في البلدان العربية، فيحوز على توزيع كتب إلى جانب كتبه، فيكون اعتناؤه بتوزيع كتبه أولا، مشيرة إلى أنه في الخارج هناك مهنة الموزع فقط الذي لا ينشر.
ودعت البودي -في تصريح للجزيرة نت- إلى تكوين شركة على مستوى عربي بتنسيق بين الحكومات تتولى التوزيع، وفي نفس الوقت تسمح بحرية تداول الكتاب عربيا، وعدم وجود رقابة على الكتاب لأن كل بلد فيها رقابة، مؤكدة أن الرقابة يجب أن تكون على الكتب المزورة التي تهرب وتصدر إلى البلاد العربية مما يؤدي إلى ضرب صناعة النشر.
كما طالبت بإعفاء مدخلات صناعة النشر من الجمارك والضرائب من أوراق وأحبار طباعة، وتخفيض الضرائب على الناشر، وخاصة في الدول العربية التي لا تدعم الناشر.