مراسلون

مصطفي نصر يكتب:احتفظوا بخطوطكم الحمراء


بقلم: مصطفى نصر
احتفظوا بخطوطكم الحمراء

حين كنت أنت نائما في أمان بالخرطوم على فراش وثير ومكيف الهواء يهدر ليعطيك أجمل النسمات، كان إخوانك في دارفور ليلهم طويل كله أهوال، يأتي أحمد هارون المتعلم رجل القانون ليفعل عكس ما تعلمه في الجامعة وهو انتهاك القانون، والإبادة العرقية، يأتي برا ليحرق قراهم فيهربون، فيلاحقهم الطيران ليحصد أرواحهم، أنت ايها الخرطومي لست مؤهلا لتحدثنا عن تسليم البشير من عدمه، وهل تسليمه خط أحمر أو أخضر أو أصفر، دعوا أولياء الدم يتحدثون، دعوا من قتل أطفالهم واغتصبت ورملت نساؤهم يتحدثون، فما هي مباراة هلال مريخ لتدس أنفك فيها أيها الخرطومي المتعجرف، وماهي بأغنية جديدة لهدى عربي أو منى مجدي، وماهي فضيحة من فضائح الجبلية تدلو فيها برأيك، دعوا أولياء الدم والجراح والاغتصاب والتنكيل يتحدثون واخرسوا ألسنتكم، دعوا أهلنا الذين قضوا عمرا في المنافي ومعسكرات اللجوء والنزوح بعيدا عن أراضيهم التي ملكت لأجانب يتحدثون، فليس اليوم يوم صوتك أنت لتحدثنا عن التسليم هسسسسس
حدثتني فاطمة اسحق من أحد المعسكرات بتخوم نيالا أنهم خرجوا من قريتهم ١٠ من أسرة واحدة، هربا من حريق قريتهم بتهمة ايوائهم للمتمردين، حدثناهم أنهم لم يكن بيدهم حيلة سوى استقبالهم فهم أبناء القرية، جاءوا الى بيوتهم، لكن كل هذا لم يشفع لهم، حدثتنا فاطمة عن أن نصفهم فقط وصل إلى نيالا، وان ثلاثة من ابنائها وزوجها ووالدها قد قصفهم الطيران ووصلوا بعد ٧٢ ساعة من الزحف على بطونهم خوفا من قصف الطيران إلى نيالا التي لا تتجاوز بالسيارة ساعة إلا ربعا، دعوا مثل فاطمة هذه تتحدث، فهي من ذاقت الويلات وفقد الأبناء والأب والترمل، وظلت تكدح ٢٠ عاما في بيع الطعام من أجل إطعام من تبقى من أطفالها بعد أن قتل معيلهم، ولستم انتم أيها الثرثارون المتفيهقون من يحق لهم الكلام!
اسألوا آدم فرح ذلك الشاب الذي لم يتجاوز العشرين وهو يمشي على عكازين بعد أن بترت قدميه شظايا البراميل المتفجرة، ورغم ذلك يلهج بالحمد والثناء لله الواحد القهار، إذ يعتبر نفسه محظوظًا لأن من كانوا معه في الطريق فقدوا حياتهم فورا، دعوا آدم فرح يعبر عن نفسه، ولا تحرموه من أن يحدد هو الخطوط الحمراء من الصفراء من الخضراء.
اسألوا الطيارين الأشاوس من بعض أولاد الأصول الذين سجنوا وفصلوا ونكل بهم لرفضهم قتل إخوانهم، م س ملاح حربي اكتشفت استخبارات الدفاع الشعبي أنه يرمي حمولته من القنابل بالعراء عوضا عن رميها برؤوس الأبرياء، لقد سملوا عينيه وفقأوها، قالوا له أنت لست محتاجا لها لانك لا ترى الأهداف، فعاش ٢٠ سنة وهو أعمى إلى أن توفي العام الماضي، ع ط ملاح حربي رفض أن ينفذ الأوامر بقتل الأبرياء فاعدم رميا بالرصاص، اسألوا من رفضوا التورط في هذه الجريمة النكراء فهم أحياء حتى الآن ولا تصدعوا رؤوسنا بالدفاع عن الباطل.
فمجازر دارفور لم تكن مجرد تفلتات فردية عابرة، بل كانت سياسة نظام بأكمله لم يرتو من إراقة الدماء حتى آخر ساعة في حياته، وليس أدل على هذه الإبادة المتعمدة سوى شهادة الكنداكة هاجر عبد الله شاهدة العيان رقم (٧) في قضية علي كشيب والتي تتمتع الآن ببرنامج حماية الشهود حسب أنظمة محكمة الجنايات الدولية، ويكفي منها الجزء الخاص بطواف كشيب بين القرى بسيارة تاتشر معبأة بالرؤوس البشرية ياتي للقرية ويعرضها في أبرز مكان بالقرية حتى تكون عبرة لمن يتعظ من التعاون مع حركات الكفاح المسلح

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى