(مسودة الإتفاق النهائي) .. هل تنهي الأزمة السودانية .. أم تفاقمها وتعصف بالبلاد ..؟
تقرير | سنهوري عيسى
(مسودة الإتفاق النهائي) .. هل تنهي الأزمة السودانية .. أم تفاقمها وتعصف بالبلاد ..؟
تتسارع خطي الأطراف الموقعة علي الاتفاق الإطاري، والداعمة والرعاية له من القوي الدولية والإقليمية، الي تحويل الاتفاق الاطاري الي نهائي بالتوقيع على مسودة الاتفاق النهائي من قبل الأطراف المؤيدة، بجانب حشد تأييد واقناع الأطراف غير الموقعة على الاتفاق الاطاري بالتوقيع عليه و علي مسودة الاتفاق النهائي التي بدأت اتصالات لتسليمها الي الأطراف غير الموقعة لإبداء ملاحظاتها، بينما تم تسليمها (أي مسودة الاتفاق النهائي) الي رئيس مجلس السيادة ونائبه وممثلي القوي السياسية والمهنية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على الاتفاق الاطاري في اجتماع موسع انعقد بالقصر الجمهوري بحر هذا الاسبوع بحضور الآلية الثلاثية الميسرة للعملية السياسية.
وطرح تسليم مسودة الإتفاق النهائي لرئيس مجلس السيادة ونائبه وممثلي القوي السياسية والمهنية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على الاتفاق الاطاري أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة في مقدمتها .. هل تنهي مسودة الاتفاق النهائي الأزمة السودانية.. أم تفاقمها وتعقد المشهد السياسي وتعصف بالبلاد .. وما الحل المطلوب لإنهاء الأزمة السودانية..؟
تباين ردود الأفعال والأراء
وتباينت ردود أفعال وأراء القوي السياسية والمحللون السياسيون والخبراء العسكريين والاستراتيجيين بشأن مسودة الاتفاق النهائي .. وهل ستحل الأزمة السودانية.. أم تفتقدها..؟
وتري القوي السياسية والمهنية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على الاتفاق الاطاري، أن المسودة النهائية فرصة لاستعادة الإنتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة، بينما تري القوي السياسية الرافضة للاتفاق الاطاري، أن مسودة ما يسمى بالاتفاق النهائي لم ولن تحل إلازمة السودانية لأنها وثيقة للشراكة مع الانقلابيين، كما ستؤدي إلى تصعيد النضال الثوري لإسقاط الانقلاب، فيما تري قوي سياسية أخري ، أن ما يجري في السودان نوع من الحرث فى البحر ، طالما أضحى
الوطن إقليميا تحت الانتداب والاحتلال والوصاية الدولية.
ويري محللون سياسيون، أن مسودة الاتفاق النهائي، وأن شابتها بعض النواقص ،الا أنها تستحق المساندة والدعم للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية، بينما يري محللون سياسيون اخرون وخبراء استراتيجيون، أن مسودة الاتفاق
النهائي ستعقد المشهد السياسي السوداني، وستفاقم الأزمة لجهة سيطرة فئة قليلة علي المشهد السياسي والقرار الوطني .
بداية تعيقدات الأزمة السياسية
ويري بروفسور علي عيسى المحلل السياسي والخبير العسكري والإستراتيجي، أن
مسودة الاتفاق النهائي هي بداية تعقيدات الأزمة السياسية بالسودان ، فعلى الرغم من التحذيرات التي صدرت من المراقبين للوضع السياسي من مغبة المضي قدماً في الإتفاق الاطاري ، ولكن يبدو أن الموقعين عليه لا يبالون ويصرون على أن يمضي الإتفاق قدما مع (سبق الإصرار ) .
و أضاف: تأتي مسودة الإتفاق النهائي كنتاج مشوه لمصدر مشوه هو الإتفاق الاطاري .
استبعاد مضي العملية السياسية
و أستبعد برف علي عيسى ، أن تمض العملية السياسية بالسودان وفئة قليلة من القوى السياسية هي التي تهيمن على المشهد .
واضاف: لن يستقيم الظل السياسي بالبلاد ومصدر الظل معوج وكل القوى السياسية بما فيها حملة السلاح ضد هذا الإطاري .
ومضي برف علي عيسى الي القول: كل ما في الأمر سوف يشهد السودان صيفا حارا ما دام أقلية حزبية تصر على فرض رؤيتها في حكم البلاد، كما سيدخل السودان في دوامة من عدم الاستقرار وربما يتطور الأمر إلى استخدام الأدوات العنيفة، ولن تصمت القوى السياسية والجماهير وتقبل بتمرير الإطاري وتشكيل حكومة بمزاج حزبي في فترة انتقالية .
مساندة مسودة الاتفاق النهائي
لكن السفير جمال محمد ابراهيم المحلل والناطق الرسمي الأسبق بإسم وزارة الخارجية، يري أن مسودة الاتفاق النهائي حتى وان شابتها بعض النواقص فإن تلك المسودة تستحق ان نقف عندها مساندين .
واضاف: ما احرانا ان نلتزم بمؤسسية الوثائق، وان نبتعد عن التصريحات اللسانية والمعارك الكلامية .
احترام المواثيق المكتوبة
ومضى السفير جمال إلي القول:
لست من القائلين :(يمسك المرء من لسانه .. كلا، بل عندي ان المرء يمسك بالتزامه بما كتب بيده لا بما قال بلسانه)..
واضاف: تلك المسودة لا ينبغي ان نعض عليها بالنواجذ، بل أن نعلن جميعنا التزامنا بتنفيذ نصوصها ونقسم على ذلك ومن حنث جزاؤه البتر والاقصاء.
ونوه السفير جمال إلي أنه لن نحسن ادارة بلادنا بالملاسنات والمعارك الكلامية ، بل باحترام ما بيننا من مواثيق مكتوبة.
آراء القوي السياسية المؤيدة
وتري القوي السياسية المؤيدة للاتفاق الإطاري، أنه بدأ العد التنازلي للتوقيع علي مسودة الإتفاق النهائي لحل الأزمة السياسية الراهنة بالبلاد وسط تفاؤل من القوى الموقعة على الاتفاق الاطاري ورفض القوي الاخرى لكن مازالت الاتصالات حتى الآن جارية لإقناع الرافضين للانضمام للعملية السياسية التي شارفت علي الانتهاء خاصة بعد انعقاد أهم الورش (ورشة الإصلاح الأمنى والعسكري) التي شهدت حضور جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق الاطاري مما يؤكد الجدية والمضي قدماً في تنفيذ المصفوفة المتفق عليها بين الطرفين وسط دعم إقليمي ودولي.
الإتفاق علي قضايا الحكم المدني
ويري الاستاذ كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، أن مسودة الاتفاق النهائي أو ( مشروع الاتفاق السياسي) تضم قضايا الأزمة في الحكم المدني في (السلطة المدنية)، وتحدد الهياكل الدستورية والسياسية ، كما ذهبت في اتجاه تقديم حل للصراع الدستوري حول طريقة حكم البلاد باقرار الحكم الفيدرالي بشكل مفصل، واقرار الحريات، واقرار تفكيك نظام المؤتمر الوطني بشكل عادل وفيه محاكمة عادلة وفيه مواءمة مع الحقوق، خاصة المواءمة العادلة .
إقرار سلام جوبا والعدالة الانتقالية
واضاف كمال: بالنسبة إلى اتفاق سلام جوبا ، تم عمل اتفاق سياسي، خاصة وأن الإتفاق (سلام جوبا) كان معزولا عن الساحة السياسية، بجانب إقرار اتفاق سلام جوبا لانزاله في مشروع الدستور، كما تم إقرار العدالة الانتقالية من مبادئ وهوادي في العدالة الانتقالية .
اتفاق الشرق والإصلاح الأمني
وأوضح كمال عمر، أن مسودة الاتفاق النهائي عالجت قضايا شرق السودان والإصلاح الأمني والعسكري، فالنسبة لاتفاق الشرق فيه مشاكل وأزمة حقيقية بالاقليم، وتم عمل طريق لاتفاق الشرق لمعالجة تلك المشاكل بالاقليم.
واضاف كمال: بالنسبة إلى الإصلاح الأمني والعسكري حدثت نقلة ، باقرار منهج مسوؤل في السلطة العسكرية من أجل مزيد من الإصلاح.
الاتفاق السياسي غير كاف
ومضي كمال إلي القول بأن: الاتفاق النهائي أو السياسي نقلة ومنهج جديد لحل الأزمة السودانية، ولكنه ليست كاف لوحده، ولابد من أن تكون الترتيبات الانتقالية حزمة واحدة لأن توقيع الدستور الانتقالي خطوة مهمة لحماية الاتفاق السياسي ، وبالتالي العملية السياسية برمتها اعتقد هي بعد الثورة أصبحت هي العملية السياسية الوحيدة التي قدمت حلا
سياسيا ودستوريا لأزمة البلاد ، وتعاملت مع أزمة البلد بعقلية مفتوحة بالانفتاح في القضايا المطروحة، وشمولية القضايا بأن تجاوب على أي سؤال ، ومافي إقصاء للقضايا.
إقصاء واجهات الانقلاب والمؤتمر
وأقر كمال عمر بأن هنالك إقصاء قد حدث لبعض القوي السياسية من العملية السياسية الجارية في البلاد، واضاف: صحيح في إقصاء وفي واجهات استبعدت، وهي واجهات غير حقيقية، وهي واجهات للانقلاب وواجهات للمؤتمر الوطني وتخدم الانقلاب والمؤتمر الوطني، وبالتالي نحن استبعدنا عدد من الواجهات غير الحقيقية لأنها واجهات مصنوعة وغير حقيقية .
وأكد كمال عمر، أن شمولية الاتفاق السياسي هذه العبرة فيها بالقضايا المطروحة فيه .
إجماع وطني ضامن للاتفاق
وفي السياق ذاته يؤكد الاستاذ علي يوسف تبيدي الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي (المركز العام) ، أن وجود إجماع وطني هو الضامن الحقيقي لنجاح الاتفاق النهائي الذي ستتمخض عنه الحكومة المقبلة حتى لاتفشل في قيادة ماتبقي من الفترة الانتقالية لبر الامان.
واضاف: مازالت الكتلة الديمقراطية متمرسة في موقفها المتمثل في رفضها العملية السياسية بشكلها الحالي إضافة إلى تحالفات أخرى متمثلة في لجان المقاومة والحزب الشيوعي وحزب البعث وقوي أخرى ظاهرة وخفية مما يتطلب إجراء حوار معها لآخر لحظة يمكن أن يقنع بعضها، أما اذا أصرو على حصر الاتفاق بينهم هذا يعجل بفشل الحكومة المقبلة مهما وجدت من الدعم الدولي والإقليمي لأنها تعقيدات حقيقة وواقعية على أرض الواقع لايمكن تجاوزها ويجب أن يسمو الجميع فوق الخلافات واعلاءالمصلحة الوطنية والخروج بالبلاد إلى حل سياسى شامل يحقق الإستقرار السياسي والتنمية والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة.
تعقيدات كثيرة
ونوه تيدي الي أن هناك تعقيدات كثيرة مثل ملف سلام جوبا تحتاج إلى أفق جديد ومرونة سياسية من الاطراف.
واضاف: نحن ندعم الاتفاق الاطاري لأنه يمثل الحل الأمثل لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة بالبلاد وترتيب المشهد الانتقالي من جديد وفق أسس جديدة تساهم في استقرار الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية.
المسودة النهائية لاتحل الأزمة
وتري القوي السياسية الرافضة للاتفاق السياسي، أن مسودة الاتفاق النهائي لن تحل الأزمة السياسية، بل ستعقدها.
وأكد الحزب الشيوعي السوداني، إن مسودة ما يسمى بالاتفاق النهائي لم ولن تحل الازمة السياسية لأنها وثيقة شراكة مع الانقلابيين ومساومة على الثورة من قوى سياسية وجهات اجنبية معادية للثورة.
تصعيد النضال
وقال كمال كرار القيادي وعضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني، أن خطوة اعداد مسودة الاتفاق النهائي، ستدفع قوى الثورة الي المزيد من تصعيد النضال لاجل اسقاط الانقلاب والتسوية وسينتصر الشعب في معركته العادلة
وأكد كمال كرار، أن حل الأزمة السودانية يكمن فقط في اسقاط النظام الانقلابي للعبور نحو انتقال حقيقي نحو الديمقراطية.
توافق الأطراف السياسية
وفي السباق ذاته يؤكد دكتور التجاني السيسي رئيس قوي الحراك الوطني، أن الأزمة السودانية لن تنتهي إلا بتوافق جميع الاطراف على برنامج لادارة الفترة الانتقالية.
تعرض البلاد للاضطرابات
ووصف دكتور السيسي ،العملية السياسية الحالية بالقاصرة ولن تؤدي إلا الى المزيد من التشظي والاستقطابات وتعرض البلاد الى المزيد من الهشاشة وربما الاضطرابات.
المسودة النهائية تفاقم الأزمة
وفي السياق ذاته يؤكد بحر إدريس ابوقردة عضو ميادرة نداء أهل السودان، أن مسودة الاتفاق النهائي بشكلها الحالي ستفاقم الأزمة السياسية بالبلاد، خاصة بهذه السيطرة الواضحة عليها من القوي الاجنبية التي اصحبت حاضنة سياسية لمجموعة سياسية قليلة التاثير سياسيًا واجتماعيًا و ثقافيًا.
و اضاف: اذا أصرت القوي الأجنبية و المجموعة الاقصائية الصغيرة علي المضي بهذا الاقصاء الواضح لكل القوي المؤثرة في الساحة ستتفاقم الازمة ، و لا أعتقد ان لهذه المسودة اي فرصة لحل الازمة، بل اذا تم الاصرار (على الأمر) علي ما هو عليه حسب الجداول المعلنة سوي نصل الى خيارين:
الاول : تحرك كل القوي الوطنية من كآفة الاتجاهات السياسية و الجغرافية لإسقاط المسودة و القوي الاجنبية و القوي السياسية الصغيرة التابعة لها و هذا هو الاحتمال الارجح.
الفوضى الخلاقة
واضاف وابوقردة : الخيار الثاني خلط كل الاوراق السياسية و الأمنية و بدء الفوضي الخلاقة وصولًا الي الحرب الاهلية في كآفة إرجاء البلاد و بداية النهاية للدولة السودانية الحالية.